بكين 17 فبراير 2016/إن الموقف الحيادي الذي تتخذه رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) في بحر الصين الجنوبي لا ينبغي أن يكون مخيبا لآمال البعض في الولايات المتحدة، وإنما تذكير جاء في حينه بأن مسعى واشنطن إلى تصوير الصين بأنها "وغد" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ليس سوى تفكير حالم.
فبدلا من أن يستوعب المصالح المختلفة لدول الآسيان، بدا الرئيس باراك أوباما الذي استضاف قمة لقادة هذه الكتلة الإقليمية التي تضم 10 دول في ولاية كاليفورنيا، بدا متحمسا للدفع من أجل تحقيق أجندته الخاصة ولم يبد اهتماما كافيا بالاحتياجات الحقيقية لتلك البلدان.
وليس من الصعب أن نلحظ أن الرئيس أوباما لم يكلف نفسه في خطابه الأخير بشأن حالة الاتحاد الذي ألقاه في الشهر الماضي،عناء الإشارة إلى منطقة جنوب شرق آسيا الدينامية كمنطقة، بل وقلل من أهمية الاقتصاد الصيني وتأثيره ثلاث مرات.
فإنعدام الأمن ستكون الكلمة الواصفة للحالة الذهنية للعم سام والتي يمكن أن تقود إلى تقدير خاطئ لأهدافه الإستراتيجية.
وإنطلاقا من شعورها بالقلق إزاء نهوض الصين، وهي الدولة الأكثر تعدادا للسكان في العالم والتي تمتلك ثقافة مختلفة ونظاما سياسيا مختلفا، وشعورها بالإرتباك بسبب معضلاتها ومآزقها الداخلية، تبدو الولايات المتحدة وقد فقدت إيقاعها.
هذا ويتزايد اختلال ما يسمى بالإستراتيجية الأمريكية لإعادة التوازن تجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهي الإستراتيجية التي أشيد بها في وقت من الأوقات ووصفت بأنها تحول معقول في أولويات السياسة.
ففي فترتها الجنينية، تصورت هذه الإستراتيجية بناء علاقات مستقرة ومثمرة وبناءة مع الصين باعتبارها أحد ركائزها ووضعت التعاون الاقتصادي مع الدول الإقليمية فوق تعزيز الوضع العسكري.
بيد أنه بعد أقل من ثلاث سنوات، أرسلت واشنطن بتهور عدة سفن حربية وقاذفات إلى منطقة قريبة من شعاب مرجانية صينية في بحر الصين الجنوبي في انتهاك صارخ تجاهل سيادة الصين وأمنها.
وتحت إدعاء "حرية الملاحة "يكمن الدافع الحقيقي لدى واشنطن والمتمثل في السعي إلى أن تقوم السفن الحربية الأمريكية بعمليات في أنحاء العالم دون أن يتصدى إليها أحد.
وإن إجراءات إستقواء كهذه لن تؤدى سوى إلى تقويض الثقة الإستراتيجية المتبادلة بين بكين وواشنطن وإثارة غضب الشعب الصيني، بل ولن تخدم أيضا المصلحة الوطنية الأمريكية.
ولا يمكن أن تتمتع الولايات المتحدة والصين ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ برمتها بالسلام والرخاء طويلي الأمد إلا من خلال إلتزام حقيقي بغرس علاقات بناءة ومتبادلة المنفعة تقوم على ثقة إستراتيجية سليمة بينهما.
وقد حان الوقت لكي تعود واشنطن إلى المسار الصحيح.