شندى، شمال السودان 3 فبراير 2016 / فى بيئة قاحلة وشديدة الجفاف بولاية نهر النيل بشمال السودان، تمكنت القبائل العربية غير المستقرة، والتى تعرف بالعرب الرحل، من التغلب على عوامل الطبيعة وتشييد مساكن تقيهم حر الصيف وزمهرير الشتاء وعواصف الخريف.
ومن مواد محلية بسيطة، تنتصب عشرات البيوت التى يسميها العرب الرحل "بيت الحجير"، وهو بيت يتم بناءه من لحاء الاشجار وجزوعها، ومن صوف الحيوانات، ومن اشجار "السنط"، واحيانا من الطين.
ويتألف المنزل البدوى عادة من عدة وحدات، أبرزها "المضيفة"، وتبنى على شكل مستطيل وتتسم كبر الحجم دون سائر اجزاء المنزل الأخرى، وتخصص لاستقبال الضيوف من الرجال، وتكون عادة فى مكان ابعد من بقية اجزاء المنزل.
وتشيد المضيفة من جذوع النخيل وسعفه، ويغطى سقفها بجريد النخيل، ويتم تزيينها من الداخل بالبروش، وهى مفارش بلدية تتم صناعتها ايضا من سعف النخيل، وتقوم النساء بطليها بالوان مختلفة.
ومن الاجزاء الأخرى لبيوت البدو (الاوضة)، وهى غرفة صغيرة خاصة بافراد الاسرة، وغالبا للزوجين.
وأول ما يلفت الانتباه داخل (بيت الحجير) ما يعرف بعنقريب الجريد، وهو يعنى فى العامية السودانية " السرير المصنوع من خشب اشجار السنط ومنسوج بحبال من الياف اشجار النخيل التى تنتشر بكثافة فى شمال السودان ".
وقالت زينب ابراهيم ، وهى بدوية من منطقة " التميت" بالقرب من مدينة شندى بولاية نهر النيل السودانية، لفريق من وكالة أنباء (شينخوا) زار المنطقة، " ما تزال حياتنا تحتفظ بكل خصوصياتها، وما بيوتنا تحافظ على مكوناتها البدوية التى تتناسب مع البيئة والظروف التى نعيشها".
واضافت " البيت البدوى يقوم فى تكوينه على استخدام المواد المحلية رغم ما حدث من تطور، ما نزال نعيش فى (الرواكيب)، وهى البيوت المؤقتة التى يسهل التنقل بها من مكان لآخر.
وداخل بيوت العرب الرحل، تبرز مفردات مكونات شديدة الارتباط بتلك القبائل البدوية، وفى ذات الوقت تبرهن على قدرة البدو على التعايش مع الطبيعة.
وعوضا عن الأطباق والصحون الزجاجية، يحتفظ البيت البدوى ب(القدح)، وهو عبارة عن إناء مصنوع من خشب الأبنوس، ويستخدم لتناول الطعام.
وما يزال (الفندك)، وهو إناء كبير من الخشب يستعمل لتنعيم وسحن التوابل والبهارات، محتفظا بسطوته رغم ظهور السحانات الكهربائية.
وما تزال (المرحاكة) تحتفظ بمكانتها كجزء من مكونات بيوت العرب الرحل، وهي عبارة عن حجر الجرانيت بيضاوي الشكل، ويستخدم لتجهيز وطحن الذرة والحبوب، وذلك بدلا عن الطواحين والسحانات.
وفى وسط المنزل البدوى يتدلى (المشلعيب) ، وهو مصنوع من السعف يُعلق في سقف الراكوبة أو الغرفة لحفظ الطعام، اذ لا تتوفر الطاقة الكهربائية فى تلك المنازل، ولا يستخدم البدو الثلاجات الكهربائية.
ويشكل (البرش) عنصرا رئيسا داخل بيوت العرب الرحل، والبرش، او السجاد، يصنع من جريد النخل وسعفه وله استخدامات عديدة فهو برش للضيوف ومناسبات الحنة والزواج والختان وبرش لحمل الموتى.
ويتحصل البدو على الماء البارد من (الزير) وهو اناء مصنوع من الفخار والطين المحروق، ويستخدم لتبريد الماء ، واحيانا لتخمير العجين.
وقالت الحاجة ارقية حمدان، وهى بدوية من قرى مدينة شندى بولاية نهر النيل، فى تصريح ل(شينخوا)، " هذه الادوات مصنوعة من المواد المحلية، وهى ضرورية وتعيننا على التغلب على الظروف التى نعيشها".
وتابعت " هذه الادوات ترمز إلى ثقافة العرب الرحل وتشير إلى عبقريتهم فى التكيف مع البيئة التى يعيشون فيها، ومن مواد بسيطة نستطيع تصنيع ادوات تحقق اغراضنا".