نفذ تنظيم " الدولة الاسلامية " والمنظمات الارهابية الاخرى العديد من الهجمات الارهابية خلال عام 2015. وفي ليلة رأس السنة 2016 ،تم إلغاء احتفالات العواصم العالمية وتشديد الإجراءات الأمنية خوفا من العمليات الارهابية.
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية مقالا في نوفمبر من العالم الماضي بعد الهجمات الارهابية التي استهدفت باريس، بعنوان:" الارهاب موجود في أي مكان في العالم، ولم تعد هناك أي بقعة في العالم آمنة من الهجمات الارهابية". وبعد مضي سنة، ادرك المزيد من الناس خطر انتشار الارهاب العالمي، وأن الارهاب هو اكبر تحدي يواجهه العالم في عصرنا.
وقد اشار الملياردير الشهير"جورج سوروس" صاحب "سوروس لإدارة صناديق التحوط" في الآونة الأخيرة، الى "تهديد الارهاب الخفي" الذي يجلبه الارهاب: الذي يقود الناس الى الخروج عن التفكير العقلاني، وبالتالي الابعاد عن العمل العقلاني. وفي الواقع، أن " تهديد الارهاب الخفي" كشف عليه فعليا منذ بداية الحرب الامريكية على الارهاب بعد حادثة 11 سبتمبر.
من ناحية، بالرغم من أن بعض البلدان ترفع راية مكافحة الارهاب، إلا انها بعيدة عن الفهم الشامل للأسباب الجذرية للارهاب. وقد اشار بعض الخبراء الى أن تنظيم " الدولة الاسلامية" هو قمة الجبل الجليدي على بحر التهديدات الارهابية في الشرق الاوسط، وأن تسليط الضوء على الجزء الظاهري من الجبل الجليدي، وغض النظر عن الجسم الخفي للجبل يصعب عملية القضاء على خطر الارهاب. فمنذ دخول القرن الـ 21، شهدت منطقة الشرق الاوسط فوضى سياسية وفراغا امني من بداية الحرب في العراق الى الاضطرابات السياسية في غرب اسيا وشمال افريقيا، ما وفر مساحة واسعة لنمو الهمجي للمنظمات الارهابية . وفي الوقت نفسه، اسفر تفاقم مشاكل الازمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد عن زيادة عدد البطالة بين الشباب، ما سهل على المنظمات الارهابية جذب اكبر عدد من الشباب للفكر المتطرف. كما أن مواصلة الدول الغربية دفع دول الشرق الاوسط لتنفيذ " الاصلاح الديمقراطي" اعطى دفعة قوية لتغيير النظام. وأشار جيفري ساكس، أستاذ بجامعة كولومبيا الى أن الدول الغربية تتساءل باستمرار عن سبب عدم امكانية دول الشرق الاوسط تحقيق الحكم الذاتي، لكن لا يوجد الاستبطان الأساسي لمثل هذا التساؤل. حيث أن السبب الاساسي هو عدم توقف امريكا وأوروبا عن التدخل في دول منطقة الشرق الاوسط منذ الحرب العالمية الاولى.
من ناحية أخرى، تخفي بعض الدول نوايا خفية وراء راية مكافحة الارهاب، وأحيانا تستغل "مكافحة الإرهاب " لكسب "فوائد اضافية"، ما ادى الى التأخر في تشكيل قوة مشتركة لمكافحة الارهاب الدولي. حيث أن البعض يتخذ مكافحة الارهاب من اجل تدريب الوكلاء والسعي الى توسيع مناطق النفوذ والاستيلاء على الموارد ، تعقيب المنافس الاستراتيجي،وغيرها. ويعتقد خبير امريكي أن هذا الموضوع معقد نوعا ما، حيث عندما تعارض روسيا احد الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن اطاحة امريكا بنظام بشار الاسد، فإنه لا ينبغي على واشنطن ان تصر مرة اخرى على هذا الهدف، وبالتالي فإن مجلس الامن سيكون قادرا على لعب دور اكبر في محاربة تنظيم " الدولة الاسلامية". ويعمل الارهابيون حاليا على نقل المعركة من سوريا الى اوروبا، كما ينتشر الفكر المتطرف ايضا. وتبين الحقائق أنه لا ينبغي على اي دولة ان تتخذ"مكافحة الارهاب" كورقة مساومة لتحقيق "المصلحة الذاتية"، ويبقى التعامل مع قضية التعاون الدولي الفعال لمكافحة الارهاب اختيار عقلاني.
وكتب المؤرخ نيال فيرغسون في اكتوبر 2015، عن التهديدات الارهابية التي يواجهها العالم قائلا :" تنتابوني شكوك بأن شياطين رواية دوستويفسكي ستعود خلال فترة "السلام القصيرة" التى يشهدها العالم "ومع دخول 2016، لا يمكن تفريق ظلل الارهاب إلا بالعمل وتوثيق التعاون بين القوى الكبرى في العالم.