غزة أول فبراير 2015 / يرى مراقبون فلسطينيون، أن قرار محكمة مصرية تصنيف كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كمنظمة إرهابية يشوش على دور مصر في القضية الفلسطينية.
ويشير هؤلاء، إلى أن قرار المحكمة المصرية ينذر بمزيد من التأزم في علاقات حركة حماس مع القاهرة وبالتالي سيؤثر سلبا على الملف الداخلي الفلسطيني، ومستقبل التفاهمات الفلسطينية التي جرت بواسطة مصر مع إسرائيل.
وقضت محكمة الأمور المستعجلة المصرية أمس السبت، بتصنيف كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس "منظمة إرهابية واعتبار كل من ينتمي إليها إرهابيا"، حسب وكالة أنباء ((الشرق الأوسط)) المصرية.
وذكرت الوكالة، أن أحد المحامين كان أقام دعوى أورد فيها أن كتائب القسام شاركت في العديد من العمليات العدائية على الأراضي المصرية، وضد القوات المسلحة المصرية والشرطة.
واعتبرت الدعوى، أن كتائب القسام تشارك في زعزعة الأمن والاستقرار داخل الأراضي المصرية، على نحو يقتضي أن يتم تصنيفها بوصفها منظمة إرهابية.
ملاحقة إقليمية
ووفق المراقبين الفلسطينيين، فإن تصنيف كتائب القسام منظمة إرهابية في مصر التي تعد البلد المجاور لقطاع غزة ينذر بفرض تضييق واسع على الكتائب بما في ذلك منع سفر قادتها وعناصرها نهائيا وإمكانية ملاحقتهم قضائيا.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة (الإسلامية) في غزة وليد المدلل لوكالة أنباء ((شينخوا))،إن قرار المحكمة المصرية "يضع كتائب القسام في دورة ملاحقة غير منتهية قد تشمل حجز أموال وملاحقة عناصرها واحتمال اعتقالهم ومنعهم من السفر".
ويقدر المدلل، بأن هذا التطور "خطير جدا بالنسبة لوضع كتائب القسام التي تنحصر خياراتها في مواجهة ذلك في ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومحاولة تجاوز هذه المرحلة ".
ويرى أن كتائب القسام وحماس ستلجآن في مواجهة قرار المحكمة المصرية إلى محاولة "إثبات حسن النية باعتبار أن ما حدث خطأ يمكن تصحيحه ومن باب عدم إمكانية التصعيد ضد مصر التي هي طرف إستراتيجي ولا يمكن إغفال دوره الإقليمي في أي حال".
ولم تعلن حماس على الفور موقفها بشأن إمكانية التقدم باستئناف ضد قرار المحكمة المصرية.
وبهذا الصدد يرى المدلل، أن خطوة مثل هذه من حماس مرتبطة بمدى ثقتها في القضاء المصري واستقلاليته وبالتالي هو أمر مستبعد باعتبارها تنظر إلى القرار ضد كتائب القسام على أنه مسيس.
وكانت حركة حماس على لسان المتحدث الرسمي باسمها سامي أبو زهري رفضت قرار المحكمة المصرية ضد كتائب القسام، معتبرة أنه "مسيس وخطير وغير مسبوق ولا يخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي".
وشدد أبو زهري في تصريح ل((شينخوا))، على رفض حماس الزج باسم كتائب القسام في الشأن المصري الداخلي، معتبرا أن الكتائب "هي عنوان المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي ورمز لكرامة الأمة وعزتها رغم كل المحاولات التشويه التي تتعرض لها".
يشار إلى أنه سبق أن أصدرت نفس المحكمة المصرية في مارس الماضي قرارا يقضي بحظر كافة أنشطة حركة حماس وكافة المؤسسات التابعة لها داخل مصر.
زيادة الخناق على غزة
تواجه حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007 حصارا إسرائيليا مشددا وعزلة دولية منذ ذلك الوقت وتصنيف جناحها العسكري كمنظمة إرهابية في مصر يهددها بمزيد من التشديد والخناق على القطاع.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي من غزة أكرم عطا الله ل((شينخوا))، إلى أن استمرار التصعيد المصري ضد حماس "يثير توقعات بمزيد من فرض القيود المصرية في التعامل مع قطاع غزة واستمرار إغلاق معبر رفح البري".
ويقول عطا الله، إنه "وسط الأزمة المصرية في ضبط الأوضاع في سيناء والتي يأمل كل الفلسطينيين أن تنجح مصر في معالجتها، تظل مأساة سكان غزة في معبر رفح التي تحولت إلى التراجيديا الأطول".
ويضيف "واضح أنه كلما ضرب الإرهاب مصر فإن الفلسطيني المخنوق في غزة هو الضحية، إذ يعاد إغلاق معبر رفح وهذه معادلة صعبة على سكان القطاع الذين لا أمل لهم ولا طريق نجاة سوى المعبر".
ويؤكد عطا الله ضرورة أن تجد الدولة المصرية وهي تخوض معركتها ممرا إنسانيا آمنا لسكان قطاع غزة "باعتبار أن فتح معبر رفح مع القطاع هو أحد أبرز علامات السيطرة المصرية على منطقة سيناء وعدم استسلامها للإرهاب".
وتوترت العلاقة بين حماس ومصر منذ عزل الجيش المصري الرئيس السابق محمد مرسي مطلع يوليو 2013 الذي كان يقيم علاقات وثيقة مع الحركة ذات الروابط التاريخية مع جماعة الأخوان التي ينتمي إليها والتي أعلنتها السلطات المصرية "تنظيما إرهابيا".
ونفت حماس مرارا الاتهامات المصرية ضدها، ودعت في نهاية يناير الماضي إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة من عدة دول عربية وبرعاية جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للتحقيق في هذه الاتهامات.
غير أن هذا التوتر انعكس كليا على قطاع غزة بالإغلاق شبه المستمر لمعبر رفح واقتصار عمله على مناسبات محدودة وبشكل جزئي بالتزامن مع إغلاق الجيش المصري في حملة أمنية واسعة كافة الأنفاق الأرضية مع القطاع.
تأثير قرار المحكمة على الوساطة مع إسرائيل
وفي خضم أزمة تصنيف كتائب القسام كمنظمة إرهابية ، فإن ذلك يضع علامات استفهام كبيرة حول دور مصر المستقبلي في التوسط بين حماس وإسرائيل.
ومصر هي راعية كافة تفاهمات وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس مع إسرائيل والتي كان آخرها في 26 أغسطس الماضي لإنهاء موجة العنف الأخيرة التي استمرت 50 يوما.
كما سبق للقاهرة أن رعت اتفاقا لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل في أكتوبر وديسمبر 2011 وتضمن إفراج الحركة عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل أكثر من ألف معتقل فلسطيني.
وإضافة إلى ذلك فإن مصر ترعى منذ سنوات تفاهمات المصالحة الفلسطينية بين حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) سعيا لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي.
ونشرت مواقع إلكترونية مقربة من حماس تهديدات غير رسمية من كتائب القسام بسحب وساطة مصر في الشؤون مع إسرائيل، وأن القاهرة "لديها الكثير مما تخسره في قطاع غزة بعد قرار اعتبار الكتائب منظمة إرهابية".
غير أن إحجام كتائب القسام وحماس عن تصدير موقف رسمي بمثل هذه التهديدات يظهر حجم التعقيدات في هذا الملف.
وبهذا الصدد ، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة (الأمة) في غزة عدنان أبو عامر ل((شينخوا))، إن قرار المحكمة المصرية ضد كتائب القسام يزيد التوتر القائم أصلا في العلاقات بين حماس ومصر بشكل قد يدفع بجمود كلي ولو مؤقت بين الجانبين.
وينبه أبو عامر، إلى أن هذا التأزم في العلاقات مع القاهرة ينذر بدوره بمزيد من التأزم في الوضع الفلسطيني الداخلي في ظل غياب الوسيط الرئيسي في كافة الملفات الرئيسية سواء في الشأن الداخلي الفلسطيني أو في العلاقة مع إسرائيل.
ويلفت أبو عامر، إلى أن "أي محاولة لحماس للبحث عن وسيط بديل سواء قطري أو أوروبي سيواجه برفض من إسرائيل التي لاتقبل بغير مصر وسيطا فيما يتعلق بالأزمات مع الفلسطينيين وهو يبقي الباب مفتوحا لمراقبة مثل هذا التطور عند حدوث أول اشتباك مستقبلا".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn