غزة 27 يناير 2015 / دفع شح التمويل الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة جراء الهجوم الإسرائيلي الأخير عليه بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى الإعلان اليوم (الثلاثاء) عن وقف صرف المساعدات للمتضررين وسط تحذيرات من أن يقود ذلك إلى "انفجار" الأوضاع في القطاع.
وسيؤدي هذا التطور إلى وقف ما تصرفه أونروا من أموال لترميم المنازل المتضررة جزئيا، وبدل إيجار للنازحين ممن دمرت منازلهم بالكامل ما يهدد بعودة هؤلاء إلى مراكز الإيواء مجددا.
وقالت أونروا في بيان لها، إنها لم تحصل سوى على 135 مليون دولار فقط من أصل 724 مليون طلبتها من المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة الذي عقد في القاهرة في أكتوبر الماضي.
يأتي ذلك بعد يومين من تحذير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو أن دي بي) في قطاع غزة، من خطورة تباطؤ وتيرة الإعمار ومحدودية قيمة التحويلات المالية التي قدمتها دول وجهات مانحة لتمويل إعادة الاعمار.
وحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن تقديرات تلبية احتياجات إعادة إعمار بيوت ومساكن متضرري الهجوم الإسرائيلي من غير اللاجئين بلغت 200 مليون دولار، وأن ما تم دفعه فعليا يقدر بنسبة 5 في المائة من إجمالي المبلغ المذكور.
وشنت إسرائيل هجوما عسكريا على قطاع غزة في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس الماضيين خلف مقتل أكثر من ألفين و140 فلسطينيا وأكثر من 10 آلاف جريح مقابل مقتل 71 إسرائيليا إلى جانب هدم آلاف المنازل السكنية ودمار هائل في البني التحتية في القطاع.
وتعهدت الدول المانحة خلال مؤتمر عقد في القاهرة برعاية مصرية ونرويجية في 12 أكتوبر الماضي، بمبلغ 5.4 مليار دولار يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة.
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، أن وقف أونروا صرف تعويضات لمتضرري الهجوم الإسرائيلي "تطور خطير يؤكد وجود تواطؤ لتعطيل إعادة الإعمار في غزة".
وقال أبو زهري لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن على الأمم المتحدة أن تتحمل مسئولياتها طالما أنها وافقت على أن تكون طرفا في عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة.
واعتبر أبو زهري، أن "هناك مؤامرة حقيقة لعقاب أهل غزة عبر تبادل أدوار بين الأطراف والمؤسسات الدولية والسلطة الفلسطينية من أجل تعطيل إعادة الإعمار وعدم السماح بأي بدء حقيقي فيه".
وحذر الناطق باسم حماس، بأن "على كل الأطراف أن تدرك أن المغامرة بهكذا وضع (تعطيل الإعمار) سيكون له ثمن باهظ".
وتوسطت الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي باتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بغرض الإشراف على إعادة الإعمار، غير أن بعض الفلسطينيين في غزة اشتكوا من تضمن الآلية الأممية قيودا مشددة بشأن الرقابة على توريد مواد البناء.
وتعد مظاهرات من دمرت منازلهم في الهجوم الإسرائيلي الأخير شبه يومية في قطاع غزة للاحتجاج على ما يوصف بالمماطلة الإسرائيلية إزاء توريد مواد البناء اللازمة لعمليات الإعمار والبطء الشديد في وتيرته.
ولم يتم عمليا حتى الآن المباشرة بإعادة إعمار قطاع غزة باستثناء عمليات ترميم للمنازل المتضررة بشكل طفيف بسبب نقص التمويل الدولي من جهة وقيود إسرائيل على توريد مواد البناء اللازمة لذلك من جهة أخرى.
وتقول حكومة الوفاق الفلسطينية، إن ما تلقته من منح مالية للإعمار في غزة لا يتجاوز واحد في المائة من التعهدات الدولية وهو ما يزيد من محنة آلاف الفلسطينيين ممن دمرت منازلهم أو تضررت خلال جولة العنف الأخيرة.
وتعتبر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن أبرز أسباب شح التمويل الدولي لعمليات إعادة الإعمار في غزة هو عدم تمكين حكومة الوفاق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة من قبل حركة حماس.
ويقول القيادي في فتح عبد الله عبد الله ل((شينخوا))، إن عدة عوامل ما تزال تعيق عمليات الإعمار في غزة أبرزها عدم تمكين حكومة الوفاق من بسط سيطرتها على القطاع بما في ذلك استلام المعابر وفق المطالبات الدولية.
ويضيف إن "تمكين الحكومة من القيام بمسئولياتها في غزة من شأنه فتح أفاق وصول المساعدات الدولية لمعالجة الوضع الصعب الحاصل ومجابهة ما تفرضه إسرائيل من قيود أمام الإعمار ومستلزماته".
وينبه القيادي في فتح، إلى أن استمرار تأخير إعادة الإعمار وإيواء النازحين "من شأنه أن يزيد معاناة سكان قطاع غزة ويهدد بانفجار في الحالة الاجتماعية بشكل غير محسوب".
واقتصرت اجتماعات حكومة الوفاق منذ تشكيلها مطلع يونيو الماضي على مدينتي رام الله وغزة عبر تقنية الربط التلفزيوني (الفيديو كونفرس) باستثناء اجتماع وحيد لكامل تركيبتها عقدته في القطاع في 9 أكتوبر الماضي.
وجاء تشكيل حكومة الوفاق بموجب تفاهمات للمصالحة في أبريل الماضي بين حركتي فتح وحماس سعيا لتوحيد المؤسسات الرسمية بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وجرى إعلان الحكومة من شخصيات مستقلة رسميا مطلع يونيو وتلاه إعلان حكومة حركة حماس المقالة السابقة عن حل نفسها علما أنها كانت مقالة من الرئيس عباس منذ سيطرة الحركة الإسلامية على القطاع.
وسبق أن اتهم عباس حماس، بالاستمرار في حكم غزة عبر مواصلة سيطرتها الأمنية الفعلية على القطاع وإدارته عبر حكومة "ظل" تحول دون بسط سيطرة حكومة الوفاق سيطرتها على الأوضاع فيه.
في المقابل، توجه حماس اتهامات لحركة فتح وحكومة الوفاق، بتهميش قطاع غزة بعدم دفع مصروفات تشغيلية للوزارات فيه ورواتب لموظفي حكومتها السابقة ما فاقم تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع.
ويقول مراقبون، إن استمرار حدة الخلافات الداخلية يضع مزيدا من العقبات أمام آمال وتطلعات إعادة الإعمار في قطاع غزة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة (الأمة) في غزة عدنان أبو عامر ل((شينخوا))، أن استمرار شح التمويل الدولي لدعم الإعمار في القطاع "ينذر بعواقب وخيمة في ظل زيادة الضغط على النازحين بشكل قد يخرج الأمور عن السيطرة".
ويشير أبو عامر، إلى أن الدول المانحة تبرر عدم صرف مساعدات للإعمار في غزة بعدم وجود حكومة معترف بها وفي ظل عدم استقرار الوضع الفلسطيني نتيجة الخلافات الداخلية "لكن هذا الأمر يزيد الضغط على الفلسطينيين في إجراء غير إنساني كونه يستهدف معاقبتهم لاعتبارات سياسية".
ويعتبر أبو عامر، أن الخيارات في غزة في ضوء هذا الواقع وتعثر الإعمار "تزداد ضيقا يوما بعد يوم وهو ما يتطلب من صناع القرار فيها والفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني البحث في إيجاد حل حتى لا تكون غزة مجبرة دائما على اقتلاع شوكها بنفسها ".
وسبق أن حذرت حماس وفصائل فلسطينية مرارا، من أن استمرار تعطيل إعادة الإعمار وعدم قيام الأطراف الدولية بمسئولياتها بهذا الصدد ينذر "بانفجار" شامل للأوضاع في قطاع غزة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn