بقلم: عباس جواد كديمي
مدينة تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان على السواحل الجنوبية الشرقية للصين، تاريخ يعود لمئات السنين يروي قصص العلاقة الودية الوطيدة بين أجدادنا العرب والسكان القدامى لهذه المدينة الميناء الأشهر في الصين قبل ألف سنة. تأسست عام 718، خلال عهد أسرة تانغ(618-907)، وكانت أكبر ميناء عرفه العالم خلال العصور الوسطى، إسكندرية الشرق الأقصى التي سبقت شانغهاي الحيوية الحالية. هي نقطة البداية لطريق الحرير البحري الشهير، طريق البخور الذي انتشر عطره لمسافات بعيدة، ويسجل حتى يومنا هذا اعتراف وامتنان سكان تشيوانتشو لأجدادنا العرب الذي نقلوا إليهم أساليب صنع البخور وصناعة الأحذية. إنها مدينة تتمتع بتاريخ طويل، وفي كل مفصل منه ذكرى للعرب، الذي نسمع ذكرهم في كل رواية يرويها أبناء المدينة عن تاريخها. التبادلات الثقافية والتجارية والصداقة والمصاهرة والبخور، ومسك الختام هو الإسلام. نعم، إنها أول مدينة وصلها مبعوثون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نشروا أخلاق الرسالة السامية، وظلت ذكراهم عطرة مؤثرة ليس بهذه البقعة من الصين فحسب، وإنما في كل أرجاء البلاد أيضا.
تاريخ طريق الحرير البحري
أبرز ما يميز مدينة تشيوانتشو(مدينة زيتون) الرابضة على المجرى الأسفل لنهر جينجيانغ والتقائه ببحر الصين الشرقي، هو تاريخها البحري الذي يُحفظ ويتجسد خير تجسيد في متحفها البحري. إنه صورة واضحة لمدينة احتضنت الناس من كل حدب وصوب، ومن كل الأديان والثقافات والحضارات. فيه آثار إسلامية عربية، وهندوسية وبوذية وماوية ومسيحية، يروي للناس إبداعات الأجداد الشجعان الذين تحدوا البحار والمسافات وحققوا تلك التواصلات الثقافية والتجارية، وتشاطروا الخبرات في كافة مجالات الحياة، وأكدوا بصماتهم المبدعة الخالدة في صناعة السفن الكبيرة بشتى أنواعها. تأسس متحف تشيوانتشو البحري عام 1959، وفتح أبوابه أمام الناس في عام 1979 بعد بناء قاعة تدعى "سفينة قديمة في خليج تشيوانتشو". المبنى الجديد الحالي تحفة معمارية صممها فنان صيني معروف اسمه يانغ هونغ شيون، واكتمل بناؤه عام 1991، على مساحة 35 ألف متر مربع، تحتل قاعات العرض 9 آلاف متر مربع منها. إنه الوحيد في الصين بما يحويه من مقتنيات ثمينة تعود لعصور إمبراطوريات سونغ (960-1279) ويوان (1206-1368) ومينغ (1368-1644) وتشينغ (1616-1911). ورغم تنوع معروضاته، يشعر الزائر لهذا المتحف بقوة إنه عربي إسلامي بامتياز. في مدخله يستقبلك ابن بطوطة بوجه حيوي وابتسامة جادة، وقفطان أنيق وعمامة مقلوفة. الطابق الثاني منه مليء بالشواهد والآثار وأشجار العائلات الصينية التي تعود لأصول عربية، وتسمع أسماء الحواضر العربية في غربي آسيا تتردد في الأرجاء. على الجدران خرائط الطرق البحرية القديمة القادمة خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر، من بغداد والبصرة والقاهرة والإسكندرية وعُمان وعدن ومكة ودمشق والقدس وأصفهان ومضيق هرمز وسواحل الصومال.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn