تعليق: السر في التصالح الخليجي مع قطر

اتفق قادة دول مجلس التعاون الخليجى فى اجتماع طارئ الذى عقد يوم 17 نوفمبر الجاري فى العاصمة السعودية الرياض، على المصالحة وإنهاء الخلافات وعودة سفراء السعودية و الإمارات والبحرين إلى الدوحة. وبالتالي، انهاء ثمانية اشهر من الازمة الدبلوماسية بين الدول الثلاث وقطر،واستمرار مجلس التعاون الخليجي مسيرة العمل المشتركة. ومن المقرر بعد انتهاء الازمة الدبلوماسية بين الدول الثلاث وقطر، سوف تعقد قمة مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر من هذا العام في الدوحة.

مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو منظمة إقليمية عربية مكونة من ست دول أعضاء تطل على الخليج العربي هي الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت،وتأسس المجلس في 25 مايو 1981 بالاجتماع المنعقد في الرياض المملكة العربية السعودية. وكانت المملكة العربية السعودية التي تبلغ مساحتها 2.3 مليون كيلومتر مربع ، وعدد سكان 23 مليون نسمة وذات قوة اقتصادية عظمى حيث يصنف ضمن أكبر 19 اقتصادا على مستوى العالم في موقف الزعيم. وصوت مجلس التعاون الخليجي يعكس في كثير من الاحيان ارادة المملكة العربية السعودية.

في السنوات الأخيرة، خضع ميزان القوى في مجلس التعاون الخليجي لبعض التغييرات ايضا. وقد أصبح الدخل الفردي القطري في المرتبة الثالثة في العالم عام 2013، وتجاوز الناتج المحلي الاجمالي فيتنام وبنغلاديش. وعقدت قطر " جولة الدوحة لمفاوضات التجارة العالمية" واحدة من ثلاث جولات من المفاوضات التجارة العالمية، فهناك جولة طوكيو وهناك جولة اوروغواي.

"الجزيرة " شبكة تلفزيون مقرها في الدوحة، قطر، احد المحطات الاكثر نفوذا في العالم. وفي ظل تعزيز القوة الشاملة لقطر، اصبحت الاخيرة تتطلع الى لعب دورا قياديا في مجلس التعاون الخليجي والشرق الاوسط وفي الساحة الدولية.

يمثل مجلس التعاون الخليجي تركيبة غير متجانسة. حيث أن السعودية دولة قوية ومحافظة نسبيا، وتتميز الامارات أنها حققت اعلى درجة من الانفتاح، وبقيت الكويت مهمشة منذ نهاية حرب الخليج، وتشهد البحرين اضطرابات داخلية،وسلطنة عمان مصالحها في المقدمة والدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي تحافظ على علاقتها التجارية مع اسرائيل.في حين أن قطر، الدولة الاسرع نموا على المستوى الاقتصادي والنفوذ السياسية. لكن السعودية القوى العظمى صانع الوئام في مجلس التعاون الخليجي.

بدأ مجلس التعاون الخليجي يشهد انقسامات داخلية منذ بداية أزمة الشرق الأوسط. حيث تدعم السعودية والإمارات والبحرين بقوة الرجل العسكري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، كما تدعم الامارات النظام العلماني في ليبيا. وتدعم قطر بقوة جماعة الاخوان المسلمين في مصر، حتى انها تتعاطف سرا مع جماعة الاخوان المسلمين في دولة الامارات العربية المتحدة وليبيا، وباتت قطر مأوى لإقامة زعماء جماعة الاخوان المسلمين. كما تعتقد الدول الثلاث ايضا أن قناة الجزيرة ببساطة اللسان الناطق باسم جماعة الاخوان المسلمين، وفي هذا الصدد ، استنكرت قطر بشدة . وفيما يخص معارضة "الدولة الاسلامية"، فإن موقف السعودية والامارات والبحرين حازم، في حين أن موقف قطر غامض نوعا ما، وتحدث الرأي العام الدولي عدة مرات حول العلاقة غير الواضحة بين اباطرة النفط والغاز في قطر والمنظمات الارهابية الاسلامية. كما تشهد سلطنة عمان وإيران اتصالات سرية ، واصبحت سلطنة عمان موقع المفاوضات النووية الايرانية لدول الست. وفي مارس من هذا العام، قررت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها في دولة قطر وذلك لعدم التزام الدوحة بالاتفاقية الأمنية الموقعة بين دول مجلس الخليج وتدخلها في الشئون الداخلية للدول الأخرى.

لقد فتح اعضاء مجلس التعاون الخليجي صفحة جديدة بالبيان المشترك الصادر يوم 16 نوفمبر الجاري. ويعتقد المحللون أن السعودية والإمارات وقطر تعتمد على عائدات النفط والغاز الضخمة للتأثير على بلدان اخرى في الشرق الأوسط ، في حين أن أي تراجع في العلاقات بينها سوف يكون له تأثير عميق على البيئة السياسية في سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن. وفي الوقت الحاضر،تصنف السعودية والإمارات جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وأن حركات الإسلام السياسي أكبر تهديدا لها. وإن تولّى الدوحة الرئاسة الدورية لقمة المجلس السنوية المقبلة في قطر الشهر المقبل، والحاجة الى اغتنام فرصة رئاستها للقمة، لذلك، اصبح من الضروري وفي الوقت المناسب تقديم التنازلات للسعودية ودول اعضاء المجلس الاخرى، والتعهد بعدم السماح لقيام جماعة الاخوان المسلمين المعارضة للامارات بانشطة على الاراضي القطرية. كما ان قمة واحدة لا يمكن حل جميع مشاكل مجلس التعاون الخليجي،حيث سوف يستمر التنافس بين السعودية وقطر على قيادة دول مجلس التعاون الخليجي، في حين أن وقف الأطراف المشاحنات مؤقتا من أجل المصالحة الشاملة لمجلس التعاون الخليجي فقط.