غزة 11 أكتوبر 2014 / يتطلع الفلسطينيون إلى نيل دعم مالي وسياسي من مؤتمر المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة المقرر غدا (الأحد) في القاهرة بمشاركة دولية واسعة.
ويريد الفلسطينيون توفير الأموال الكافية لإعمار قطاع غزة بما يساهم في تأهيل بنيته التحتية على أن يتزامن ذلك مع ضغط سياسي يسمح برفع الحصار عن القطاع وتشغيل معابره دون قيود.
ويأتي انعقاد المؤتمر بعد أكثر من ستة أسابيع من انتهاء هجوم عسكري واسع النطاق شنته إسرائيل في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس الماضيين على قطاع غزة.
وخلف الهجوم الإسرائيلي مقتل أكثر من ألفين و140 فلسطينيا وجرح ما يزيد عن 10 الاف آخرين إلى جانب دمار هائل في الاف المنازل السكنية والبني التحتية في القطاع الساحلي.
خطة حكومية
يترأس الرئيس الفلسطيني محمود عباس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر القاهرة يرافقه رئيس حكومة الوفاق رامي الحمد الله وعدد من الوزراء وممثلين من القطاع الخاص الفلسطيني في غزة.
وستقدم السلطة الفلسطينية خلال أعمال المؤتمر وبالتنسيق مع البنك الدولي عرضا يتناول احتياجات قطاع غزة وإعادة الإعمار للخمس سنوات المقبلة، على أن تطلب توفير مبلغ يزيد عن أربعة مليارات دولار للوفاء بتلك المتطلبات.
ويعرب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الاقتصاد محمد مصطفى لوكالة أنباء ((شينخوا))، عن تطلع إيجابي فلسطيني في تقديم الدول المانحة المشاركة في مؤتمر القاهرة المبالغ المالية اللازمة لإعادة إعمار غزة وإنهاء معاناة النازحين فيها.
ويقول مصطفى الذي يترأس اللجنة الوزارية الفلسطينية لخطة إعمار غزة، إن الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة أجبر واحدا من كل أربعة من سكان القطاع على النزوح بسبب تدمير 35 ألف منزل جزئيا أو كليا، وتعرض منشآت ومرافق الخدمات العامة للدمار ما أدى إلى ندرة في المياه والطاقة والغذاء والمأوى.
ويضيف إن الجانب الأكثر تكلفة في الخطة الفلسطينية لإعمار غزة يتعلق بالسكن والمأوى التي تشير إلى أنه سيتكلف مليار و182 مليون دولار، مشددا على أن ذلك يتطلب "حلول سكنية مؤقتة وإعادة تأهيل المساكن التي دمرت بشكل كامل وإعادة إعمارها وإصلاح المساكن المتضررة".
ويبدي مصطفى ثقته في القدرة على توفير الحد الأقصى من المبالغ المالية لإعمار غزة بالنظر إلى الأزمة الإنسانية التي يواجهه سكان القطاع والمسئوليات الإنسانية والأخلاقية لإنهاء ذلك على الدول المانحة.
وبحسب مصطفى فإن عقد حكومة الوفاق الفلسطينية أول أمس الخميس أول اجتماع لها في قطاع غزة وتسلمها الوشيك لعمل المعابر يعزز من توجهات الدول المانحة في الوفاء بالتزامات الإعمار المالية.
ويعقد المؤتمر الدولي لإعمار غزة على مستوى وزراء الخارجية لمدة يوم واحد بتنظيم مصري- نرويجي مشترك ومشاركة كل من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية وما يزيد عن 50 دولة.
وعلى هامش المؤتمر تجري عدة ورشات عمل من بينها جلسة بعنوان "إدخال السلع إلى غزة" وأخرى بعنوان "آليات التحويلات المالية" وجلسة أخيرة بعنوان "التعافي المبكر".
تخفيف القيود المسبقة
يأمل مختصون في مجال الإنشاءات في قطاع غزة أن تساهم مداخلاتهم على هامش المؤتمر الدولي لإعمار غزة في تعديل بنود آلية الأمم المتحدة المعلنة لإعادة الإعمار.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري الشهر الماضي، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
وأفصح سيري في حينه، أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة.
ويقصد بذلك منع استغلال الفصائل الفلسطينية المسلحة مواد البناء خصوصا الأسمنت في تشييد أنفاق أرضية تستخدمها في هجمات ضد إسرائيل.
غير أن رئيس اتحاد المقاولين في غزة نبيل أبو معيلق وعضو الوفد الفلسطيني مؤتمر القاهرة يعتبر في تصريحات ل((شينخوا))، أن "قيود" الأمم المتحدة ستحد من عمليات إعادة الإعمار وتضاعف مدتها الزمنية وتكلفتها المادية وهو ما يزيد من مصاعب النازحين في غزة.
ويشدد أبو معيلق على أن التطلعات الفلسطينية في مؤتمر القاهرة تركز على توفير ضغط دولي على إسرائيل لإدخال أكبر كمية من مستلزمات إعادة الإعمار والرفع الشامل للحصار وليس إدارته بمعني تشغيل المعابر والسماح بتوريد البضائع دون قيود أو شروط.
وينبه أبو معليق إلى أن إدخال مواد البناء ومستلزمات الإعمار إلى غزة دون قيود مسبقة هو فقط الكفيل بتسريع عملية إعادة الإعمار ودفع عجلة التنمية الاقتصادية باعتبار أن قطاع غزة يحتاج إلى تنمية وانتعاش اقتصادي وليس مجرد بناء ما تم تدميره.
ويحتاج قطاع غزة بحسب مسئولون محليون، ما يزيد عن مليون ونصف طن من الأسمنت وأكثر من 5 ملايين طن من المواد الإنشائية لعمليات إعادة الإعمار وهو يتطلب فتح كافة المعابر دون قيود أو شروط.
رفع الحصار
يكتب رئيس حكومة الوفاق الفلسطينية رامي الحمد الله في مقدمة الخطة الحكومية للإعمار المقدمة إلى مؤتمر القاهرة بأنه "لا يمكن للتعافي الكامل من سنوات طويلة من الحصار والدمار أن يرى النور دون إعادة الربط بين غزة والضفة الغربية، وانفتاح كافة أجزاء فلسطين على العالم من جديد ".
ويضيف الحمد الله وفق الخطة التي وزعت على الصحفيين "أن من شأن حرية الحركة للأفراد والبضائع أن تحفز انتعاش قطاع غزة وتقذف به من أزمته الحالية إلى الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية. لذا لا بد من ضمان حرية حركة الأفراد، والتنقل والوصول، وفتح الحدود وتدفق التجارة".
وفي هذا الصدد، يشدد النائب الفلسطيني المستقل جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، إن مؤتمر القاهرة يمثل "فرصة حقيقية مواتية لموقف دولي موحد لإلزام إسرائيل برفع الحصار".
ويقول الخضري في تصريح صحفي مكتوب له إن "البوابة العملية لإعادة إعمار حقيقية وسريعة هو رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة والسماح بتدفق مواد البناء ومستلزمات إعادة الإعمار".
ويشير إلى أن الوضع في قطاع غزة بعد ثمانية أعوام من الحصار "كارثي" خاصة بعد تدني معدل دخل الفرد اليومي إلى دولار واحد فقط وحوالي 90 في المائة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر ويتلقون مساعدات من مؤسسات دولية وعربية وأكثر من 80 في المائة من مصانع غزة مغلق بشكل كامل أو جزئي بسبب الحصار.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ منتصف يونيو عام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة بعد جولات من القتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وأدخلت إسرائيل تسهيلات على الحصار استجابة لضغوط دولية عقب مهاجمة قواتها البحرية سفن (أسطول الحرية) نهاية مايو عام 2010، لكنها أبقت قيودا على عشرات السلع بدعوى إمكانية استخدامها في أعمال عدائية ضدها.
مخاوف من انعدام الشفافية
إلى ذلك، انتقدت منظمات أهلية في قطاع غزة تهميش دورها في مؤتمر القاهرة الدولي لإعمار القطاع وما وصفته ازدواجية الخطط المقترحة للإعمار.
وفي هذا الصدد، يقول مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا ل((شينخوا)) "للأسف الشديد فإن منظمات المجتمع المدني في غزة غير موجودة في إطار مؤتمر القاهرة ".
ويضيف الشوا إن "الأهم من ذلك أن المنظمات الأهلية والممثلة للمجتمع المدني غزة لم تستشر في الخطة الحكومية التي ستقدمها السلطة الفلسطينية لمؤتمر القاهرة بشأن احتياجات الإعمار ".
كما ينتقد ما وصفه ازدواجية الخطط المقترحة للإعمار المقرر تقدمها إلى مؤتمر القاهرة بين الخطة الحكومية وتلك التي أعدها المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار) إضافة إلى خطط منظمات الأمم المتحدة خصوصا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ويؤكد الشوا على أن المخرج لهذا التضارب وعدم ضمان الشفافية نتيجة تهميش مؤسسات فاعلة عن مشهد الإعمار يتطلب تشكيل هيئة وطنية عليا تضم الوزارات الحكومية المختصة والمؤسسات الأهلية ومؤسسات القطاع الخاص والبلديات والنقابات.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn