ثلاث سنوات فى الصين .. تجربة حياة بين الخبرات المهنية الصحفية، وثقافة الاستمتاع بالمشاهدات الإنسانية (3)

الزائر للعاصمة بكين ستتكون لديه انطباعات مختلفة عن ذلك الذي زار مدينة شانغهاي أو جوانزو أو شنزن أو حتى بعض المدن الصغيرة التي يذهب إليها الاجانب أو العرب عادة كشندو وفوشان وإيوو، فلكل مدينة طابعها الخاص وأسلوب حياتها والتي تنصهر في المجمل بالثقافة والطابع الصيني الخاص جدا، كما أن بعض المدن كجوانزو وايوو يكثر فيها العرب وتكثر فيها المطاعم والفنادق والمقاهي والأسواق ذات السمات العربية والافريقية وتكثر بالقرب منها تلك المدن مصانع كمدن الأثاث والسيراميك والمواد الصحية والإلكترونيات والإضاءة وتسمي احيانا سوبر ماركت الصين، فلهذا نستطيع القول أن هناك أكثر من ( صين ) تستطيع أن تصفها وتكون انطباعًا عنها، الصين الجميلة فى المدن ذات الطبيعة الخلابة والصين الصناعية والصين السياحية بالمدن الخاصة بالاثار كسور الصين فى بكين ومقبرة داركوتا فى شيآن وغيرها، والصين الرومانسية بالشواطي والجزر والفنادق الجبلية الخلابة فوق مستوى السحاب كمدينة خينان وسانيا فى الجنوب، والصين المعجزة كالقرية التى تسمي "خواشي" وهي قرية بها فلاحين عاديين فى حياتهم ولكن ليسوا عاديين بالنسبة لنا، فكل فلاح فى القرية يمتلك عشرات الملايين من الدولارات، ولدى القرية مصانعها الخاصة وتكتلك ان ناقلات للبترول ومطار خاص بها وطائرات مروحية للتنزه والانتقالات، بل أن سكان القرية عندما ارادو بناء فندق عالمي شارك كل فلاح من سكان القرية بمبلغ عشرة ملايين يوان صيني لاستكمال بناء الفندق، وليس غريب فإن اعلى مباني القرية عبارة عن قباب من الذهب الخالص ولها شعار هو "الثور" وهو رمز القوة والزراعة وبداخل الفندق ثلاث ثيران احدهما من الذهب الخالص والاخر من الفضة الخالصة واالثالث من الحجر النادر .

‎فى الصين تجد إلى جانب المطاعم المنتشرة فى كافة الشوارع والازقة والحواري بمختلف الالوان والاطعمة ذات المذاق المتباين لكافة المناطق والعرقيات الصينية ما بين التقليدي المحلى والاكثر تناولها، لكن الجميع يجمعهم غير العمل وجلب المال، وقت الطعام فرغم الدقة المنتاهية والتفاني فى العمل بحثا عن الرزق الا أن الساعة الثانية عشرة ظهرا هي الاكثر تقديسا عن الصينيين لانها ساعة تناول الطعام وهي التى تفصل بين يوم عمل طويل يبدأ فى التاسعة صباحا وينتهي فى الخامسة، ولا عجب ان تجب فى معظم الارصفة الصينية بائع يشوي اللحم ويقدم الطعام للمارة على الطريقة الصينية، والتى تسمي "الهوت بوت" أو ما يعرف بالصينية "الخوجواه"، الا أن من أهم ما لمسته فبجانب محال الاطعمة قد تجد على أحد الارصفة ماكينة كبيرة تقدم خدمة الدفع الفورى للسلعة التى بداخلها ولا تتعجب ان تجد ان هذه السلعة ليست أطعمة أو حلوى او حتى مشروبات غازية بل أنها أحدث الكتب العملة والثقافية تقدم للمارة فى الشارع ويتم تجديدها وتزويدها بأحدث الاصدارت شهريا، ومن هذا المثال البسيط يمكن أن نعرف الصين الجديدة اللصين التى جمعت بين عراقة التاريخ واستشراق المستقبل ، بين الاصالة والحداثة، بين الحفاظ على التراث والنظر الى ما بعد غيوم الواقع لتلمس شمس غد أفضل يبسط لأجيال قادمة ويمهد لها ارض التقدم والريادة الدولية .