بدعوة من الجانب الصيني، يقوم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بزيارة دولة للصين في الفترة من 14-16 فبراير الجاري، وهي أول زيارة يقوم بها رئيسي للصين منذ أن تولى منصب رئيس إيران في عام 2021. وعشية هذه الزيارة الرفيعة المستوى، نشر رئيسي مقالاً موقعاً على وسائل الاعلام الصينية بعنوان "الأصدقاء القدامى أفضل شركاء للتعاون المستقبلي"، مما رفع سقف آمال هذه الزيارة ومستقبل العلاقات الإيرانية ـ الصينية. ما هو نوع التعاون الذي سيثيره التفاعل الجديد " للأصدقاء القدامى"؟
ومن جانبه، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال محادثاته مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يوم 14 فبراير الجاري، إن الصين ستعمل بثبات على تطوير التعاون الودي مع إيران بغض النظر عن كيفية تغير الوضع الدولي والإقليمي.
كما أوضح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين خلال المؤتمر الصحفي المنعقد في نفس اليوم، أن العلاقات بين الصين وإيران ودية، وتفضي تنمية العلاقات الودية والتعاونية بين الجانبين إلى رفاهية شعبا البلدين، وتساعد على الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيزهما، ولا يستهدفان أي طرف ثالث.
وتُظهر البيانات أنه في عام 2022، حافظ حجم التجارة الثنائية بين الصين وإيران على نمو إيجابي، وتظل الصين أكبر شريك تجاري لإيران، وأكبر وجهة تصدير وثاني أكبر مصدر للواردات. وتهدف خطة التعاون الشاملة بين الصين وإيران إلى آفاق التعاون طويلة المدى بين الجانبين. كما حظيت "خطة التعاون الشامل بين جمهورية الصين الشعبية والجمهورية الإسلامية الإيرانية " التي وقعها الجانبان في عام 2021 لمدة 25 عامًا وتغطي مجالات متعددة، باهتمام كبير منذ تاريخ التوقيع.
وقال السفير الصيني السابق لدى إيران، هوا لي مينغ، إن الأساس السياسي للصين وإيران جيد، ولديهما إمكانات تعاون كبيرة. وقد أظهرت خطة التعاون الشامل لمدة 25 عامًا والتي تم التوقيع عليها من قبل القوة الاستراتيجية للبلدين، وإن الجانبين يواصلان تعزيز التعاون في مجالات محددة، يمكن ملاحظة التقدم الكبير الذي أحرزته هذه الخطة.
تنعكس إشارة التعاون القوية التي أرسلتها الصين وإيران في التعاون بين الجانبين في إطار منظمة شنغهاي للتعاون. وقد أعربت الصين وإيران خلال الزيارة التي يقوم بها رئيسي الى الصين حالياً، عن رغبتهما في تعزيز التعاون على المنصات متعددة الأطراف مثل منظمة شنغهاي للتعاون. ويرى دينغ لونغ، أستاذ في معهد الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، أن منظمة شنغهاي للتعاون ستصبح بلا شك أفضل منصة تعاون للحكومة الإيرانية لتنفيذ سياسة "النظر نحو الشرق"، وتعزيز الاتصالات والتعاون بين الصين وإيران في إطار متعدد الأطراف، والذي من شأنه أن يساعد على ممارسة تعددية الأطراف الحقيقية، وحماية المصالح المشتركة للبلدان النامية.
وتؤكد كل من الصين وإيران في ظل مواجهة الوضع المعقد الحالي للتغييرات في العالم والأزمنة والتاريخ، على معارضة الهيمنة وسياسة القوة، وحماية القواعد الأساسية للعلاقات الدولية، وحماية العدالة الدولية. ويرى المراقبون أن انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون فتح مجالًا جديدًا للتعاون بين الصين وإيران. كما يعتقد تشو يونغ بياو، المدير التنفيذي لمركز أبحاث "الحزام والطريق" بجامعة لانتشو، أن انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون يوفر منصة جديدة لكلا الطرفين للمشاركة في التعاون الإقليمي متعدد الأطراف، مما يضيف محتوى جديدًا إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين و إيران. وفي الوقت نفسه، ستمكن هذه الخطوة البلدين من تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري في مجالات مثل الاتصال والطاقة على منصة إقليمية.
كما أعرب الجانب الإيراني خلال هذه الزيارة عن دعمه الثابت لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، وسيشارك فيها بفاعلية. ويعتقد الرأي الدولي أن الجانبين سيحققان من خلال هذه الزيارة تقدمًا أكبر في البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" في المستقبل.
وقال هوا لي مينغ إن إيران كانت التي كانت محور نقل مهما ومركز توزيع تجاري على طريق الحرير القديم من أوائل الدول التي استجابت لمبادرة " الحزام والطريق" التي اقترحتها الصين. ولا يربط البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" بمصير الشعبين الصيني والإيراني بشكل وثيق مرة أخرى فحسب، ولكنه يمنح المزيد من الدول الفرصة لتحقيق التنمية المشتركة. وأكد دينغ لونغ أن مبادرة التنمية العالمية والمبادرة الأمنية العالمية التي طرحتهما الصين وفرا المنافع العامة للعالم للتعامل مع تحديات التنمية والأمن، وتسهمان في بناء نظام دولي أكثر إنصافا وعدالة.