10 ديسمبر 2022/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ من أجل إطلاق اسم "سفينة الصداقة" على سفينة ما، ما هي الاختبارات التي يجب أن تخضع لها وما هو الوقت اللازم لذلك؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة، بدأنا في البحث في متحف قوانغتشو.
متحف قوانغتشو
منذ أكثر من ألف عام، انطلقت السفينة "صحار" من سلطنة عمان في رحلة استمرت لأكثر من 200 يوم، وذلك بعد أن مخرت عباب البحر وتحدّت الأمواج الكبيرة، حيث مرت بكل من الهند وسريلانكا وجزيرة سومطرة وعبرت مضيق ملقا إلى أن وصلت إلى بحر الصين الجنوبي ومن ثم رست في قوانغتشو.
ووفقا لتشو شياو تشيو نائب مدير متحف قوانغتشو، فإنه في منتصف القرن الثامن ميلادي، انطلقت السفينة الشراعية "صحار" بقيادة الملاح العماني أبو عبيد الله من عاصمة البلاد آنذاك، وأبحرت لمسافة قاربت 10 آلاف كيلومتر متحدية رياح وأمواج البحر العاتية، ووصلت إلى قوانغتشو بعد سبعة أشهر ونصف، وبذلك فتحت طريق التجارة البحرية بين العالم العربي وأسرة تانغ. وقد جلبت هذه السفينة معها إلى الصين الكتان والزرابي والمنتجات المعدنية واللبان، والذي يعتبر منتجا خاصا تنفرد به عُمان، وعادت بالحرير الصيني والخزف والكافور والمسك والتوابل، ومنذ ذلك الحين أصبح الجانبان أكثر ارتباطا ببعضهما البعض.
ومن أجل تجربة الصعاب التي واجهها وتحداها البحارة العمانيون القدامى وتعزيز الصداقة بين الشعب الصين وشعوب الدول العربية، انطلقت السفينة صحار في تمام الساعة الحادية عشر صباحا من يوم الثالث والعشرين من نوفمبر 1980 وعلى ظهرها عشرون بحارا معظمهم من العمانيين تحت قيادة المغامر الإيرلندي تيم سيفرن، وقد أبحرت في رحلتها هذه لمدة 216 يوما على كامل طريق الحرير البحري القديم، وتم القيام بإجراء أبحاث علمية بحرية في هذه الأثناء إلى أن وصلت إلى قوانغتشو في الأول من يوليو سنة 1981.
قد تم وضع النصب التذكاري للسفينة "صحار" في حديقة تشوتو تسوي في مدينة قوانغتشو كُتب عليها باللغتين الصينية والعربية تخليدا لهذه الرحلة.
وقالت دنغ ينغيو، المسؤولة في متحف قوانغتشو أنه بعد وصول طاقم السفينة إلى المدينة الصينية، أقام السكان المحليون لهم حفل استقبال حاشد للترحيب بهؤلاء الضيوف الكرام. وخلال هذه الفترة، قام الطاقم بزيارة مدينة قوانغتشو ومدينة فوشان وأماكن أخرى من أجل تعزيز فهمهم للمجتمع المحلي وللثقافة الصينية، واستعادة التبادلات الودية بين البلدين. وفي عام 1995، أقامت وزارة التراث الوطني والثقافة في سلطنة عمان نصبا تذكاريا في حديقة تشوتو تسوي بقوانغتشو، مستنسخة بذلك المجسم الأصلي للسفينة الشراعية صحار والتي تتألف من ثلاثة أشرعة، مما يعزز بذلك علاقات الصداقة الخالدة بين البلدين.
وفي 14 يوليو 1991، وبمناسبة مرور 10 سنوات على قيام هذه السفينة الشراعية بأبحاثها البحرية في الصين، زار وفد من اليونسكو متحف قوانغتشو في إطار اتباع "طريق الحرير البحري القديم"، وقدمت وزارة التراث الوطني والثقافة العمانية نموذج السفينة "صحار" كرمز للصداقة بين الصين وعمان إلى متحف قوانغتشو. وتمثل اليوم الآثار الثقافية المعروضة في المتحف أمثلة حية على التبادلات الودية بين الصين والدول العربية.