بعد أن انسحبت آخر طائرة نقل عسكرية أمريكية من أفغانستان في 30 أغسطس من العام الماضي، أصبحت "لحظات كابول" مرادفة لفشل الغزو الأمريكي لأفغانستان. واليوم، بعد مرور عام، لا تزال أفغانستان تكافح تحت الأنقاض. لكن، من الواضح أن الولايات المتحدة لم تتعلم من فشلها في أفغانستان، الذي لم يقتصر على وضع العديد من العقبات أمام التنمية وإعادة الإعمار في أفغانستان فحسب، وإنما في مواصلة ممارسة التدخل والتلاعب السياسيين في جميع أنحاء العالم باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان. وإن متحرك الولايات المتحدة عكس اتجاه التاريخي لن تؤدي إلا إلى المزيد من "لحظات كابول".
"لحظات كابول" فشل "لبرنامج التحول الديمقراطي" الأمريكي
لا يمكن استكشاف المسار الديمقراطي لبلد ما إلا بشكل مستقل من قبل شعب ذلك البلد بناءً على ظروفه الوطنية الخاصة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤخرا، من أن ملايين من الأفغان يعيشون على حافة الموت. وأشار مسؤولون من برنامج الغذاء العالمي إلى أن 98 في المائة من الأفغان ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وأن قرابة نصف الأطفال الأفغان دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. وأصبح بقاء الشعب هو المشكلة في أفغانستان، ونتيجة للتحول الديمقراطي للولايات المتحدة. وإن أفغانستان ليست الضحية الوحيدة لـ "برنامج التحول الديمقراطي" الأمريكي.
"لحظات كابول" فشل لسياسة التحالف الأمريكية
فرت الولايات المتحدة التي جمعت حلفاء لغزو أفغانستان لمدة 20 عاماً على عجل من الأخيرة، متجاهلة " القوات الصديقة" البريطانية وغيرها التي أنفقت أكثر من 40 مليار جنيه في بعثتها إلى أفغانستان. ومع ذلك، في العام الماضي، استمرت الولايات المتحدة إدمانها على إجبار حلفائها على بناء ما يسمى "تحالف القيم". وبعد " المجموعة السبع"، و "العيون الخمس" و"الآلية الرباعية"، أقامت الولايات المتحدة "شراكة ثلاثية"، والتي أصبحت حصرية أكثر فأكثر، ويزداد التفرد قوة، والتعاون السياسي والعسكري للمجموعة قوي، بل يمتد إلى مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، ويهدد بشكل خطير السلام والتنمية الإقليميين.
"لحظات كابول" فشل لاستراتيجية الهيمنة الأمريكية
تواصل الولايات المتحدة التي انسحبت من أفغانستان القيام بالتدخل والتلاعب السياسيين حول العالم تحت راية "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان". وخلال الأزمة الأوكرانية، دفع الناتو، بقيادة الولايات المتحدة، الصراعات الروسية الأوكرانية إلى فوهة البركان خطوة بخطوة. وأدت أزمة الطاقة العالمية التي تلت ذلك، والأزمة الغذائية، وأزمة التضخم، وحتى الأزمة المالية الجزئية، إلى توتر الوضع السياسي والاقتصادي العالمي.
مضى عام على "لحظات كابول"، لكن الضرر الذي تلحقه الولايات المتحدة بأفغانستان مستمر، وإن استمرار في استخدام راية الديمقراطية وحقوق الإنسان المهووسة بالقوة و "أمريكا أولاً" في كل مكان، وإثارة المواجهة الانقسامية، مقدر لها أن تؤدي إلى المزيد من تكرار "لحظات كابول".