غزة 3 أغسطس 2022 (شينخوا) واصلت السلطات الإسرائيلية اليوم (الأربعاء) إغلاق المعابر مع قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي، في ظل تحذيرات فلسطينية من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية على سكان القطاع المحاصر، فيما بدأت مصر مساعي عاجلة لمنع التصعيد.
وقال رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع في السلطة الفلسطينية رائد فتوح لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن السلطات الإسرائيلية أعادت البضائع الفلسطينية المعدة للتصدير، وأبلغت الجانب الفلسطيني باستمرار قرار إغلاق معبر كرم أبو سالم/كيرم شالوم جنوب القطاع المخصص لنقل البضائع ومعبر بيت حانون/إيرز المخصص لتنقل الأفراد والعمال والتجار لليوم الثاني على التوالي.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد صرح أمس بأن إسرائيل قررت إغلاق المعبرين "بعد تقييم الوضع الأمني ومخاوف من ردود فعل فلسطينية"، على خلفية اعتقال الجيش ليلة الاثنين الماضي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بسام السعدي، من منزله في مخيم جنين.
وقال المتحدث إنه بجانب إغلاق الطرق والمحاور على طول المنطقة القريبة من حدود قطاع غزة، تقرر إغلاق شاطئ زكيم ووقف حركة القطارات بين عسقلان وسديروت جنوب إسرائيل.
وتعليقا على القرار الإسرائيلي، حذرت وزارة الاقتصاد التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، من أن استمرار إغلاق إسرائيل للمعبرين الرئيسين الواصلين مع القطاع "يكبد" القطاعين التجاري والصناعي خسائر فادحة.
واتهم مدير عام التجارة والمعابر بالوزارة رامي أبو الريش، في بيان، إسرائيل بـ"ممارسة سياسة الابتزاز" ضد سكان قطاع غزة وتشديد الحصار عليهم، معتبرا أن استمرار الإغلاق "يهدد بتعطيل عمل المصانع نتيجة عدم دخول المواد الخام وشلل تام في الحركة التجارية.
وأشار إلى أن 80 بالمائة من الحركة التجارية للقطاع تعتمد على معبر كرم أبو سالم التجاري ومعبر بيت حانون.
بدوره، اعتبر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة إغلاق معبر حاجز بيت حانون/ إيرز أمام تنقل العمال والتجار هدفه "خلق حالة من الضغط المعيشي الداخلي على القطاع".
وقال الاتحاد في بيان إن إسرائيل تستخدم العمال والتجار كورقة ضغط دون مراعاة للظروف الإنسانية الصعبة لشريحة العمال والتجار في غزة.
وكانت إسرائيل قد سمحت في الآونة الأخيرة لأكثر من 14 ألف عامل بالدخول للعمل في إسرائيل، من بينهم حوالي 9 آلاف عامل يخرجون للعمل يوميا.
وقال البيان إن أي يوم تعطيل يكبد العمال خسائر تزيد عن ثلاثة ملايين شيقل إسرائيلي يوميا، مما يسبب ضررا كبيرا للاقتصاد.
من جهتها، قالت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إن استمرار إغلاق المعبرين سيعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لسكان القطاع.
وأكدت الشبكة في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه على أحقية سكان قطاع غزة بإنهاء الحصار والسماح بحرية حركة الأفراد والبضائع في كلا الاتجاهين وإنهاء القيود المفروضة على حركة التصدير والاستيراد لكافة البضائع والمنتجات.
وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والعاجل والضغط لفتح المعابر وضمان حرية حركة الأفراد والبضائع.
في المقابل، قالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن الجيش سيواصل فرض الإجراءات في غلاف غزة بعد أن تلقت أجهزة الأمن معلومات استخباراتية بنية عناصر من الجهاد الإسلامي تنفيذ هجوم قرب السياج الفاصل مع القطاع.
وكانت سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي قد أعلنت في بيان عقب اعتقال السعدي، عن "حالة الاستنفار ورفع الجاهزية" لدى عناصرها والوحدات القتالية العاملة، وأرفقت البيان بصورة راجمة صواريخ.
وفي تطور جديد ألمح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، باستخدام القوة ضد قطاع غزة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وقال غانتس في مقابلة مع إذاعة الجيش "إذا لم يكن ممكنا العودة إلى روتين الحياة الطبيعية في غلاف غزة، فلن تكون هناك حياة طبيعية داخل غزة أيضا".
وتزامنت تصريحات غانتس مع عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، اجتماعا للمجلس الأمني والسياسي المصغر (الكابينت)، ناقش الوضع الأمني مع قطاع غزة وجنوب إسرائيل، بحضور مسؤولين أمنيين.
وقال بيان صادر عن مكتب لابيد إن الاجتماع ناقش الإجراءات الأمنية المتخذة من أجل الحفاظ على أمن سكان إسرائيل في غلاف غزة.
وانتقدت عضو الكنيست أوسنات مارك، من حزب الليكود المعارض في تغريدة على ((تويتر)) القيود التي فرضت على السكان الإسرائيليين في المنطقة الجنوبية.
وقالت مارك "هل يعقل أن يتم إغلاق كل شيء وفرض حصار على البلدات الإسرائيلية أيضا لمدة 48 ساعة".
وأضافت أن "لابيد أصبح يركع أمام تهديد منظمة صغيرة، لقد تعلموا الآن في غزة كيف يصيبون إسرائيل بحالة شلل دون إطلاق صاروخ واحد... هذا خزي وعار".
ورصدت وسائل إعلام إسرائيلية غضب سكان غلاف غزة من القيود المفروضة، ومطالبتهم بالتعويض لعدم قدرتهم على الخروج للعمل وإلغائهم الإجازات العائلية.
وقال الكاتب يوسي يهوشع في صحيفة ((يديعوت أحرونوت)) الإسرائيلية اليومية إن "إيقاف القطارات وإغلاق الطرق في جنوب إسرائيل لليوم الثاني خشية الرد الفلسطيني على اعتقال مطلوب (وليس اغتيال) يدل على مشكلة في الردع".
ومع تزايد حالة التوتر، كشفت مصادر فلسطينية لـ((شينخوا)) عن اتصالات مكثفة يجريها مسؤولون في جهاز المخابرات العامة المصرية مع قيادة الجهاد الإسلامي لمنع اندلاع أي تصعيد عسكري في القطاع.
وجاءت التحركات المصرية بعد تهديدات أطلقتها حركة الجهاد الإسلامي للرد على اعتقال إسرائيل للقيادي البارز في الحركة بسام السعدي.
وقالت المصادر الفلسطينية إن قيادة الجهاد الإسلامي أبلغت المسؤولين المصريين بأن عملية اعتقال السعدي بطريقة "وحشية وسحله انتهاك غير مسبوق"، مشيرة إلى أن الحركة ستتعاطى إيجابيا مع الجهود المصرية على قاعدة إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وعدم تكرار ما جرى.
في المقابل، ذكرت الإذاعة العبرية العامة أن إسرائيل نقلت رسالة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي عبر وسطاء، لم تسمهم، تفيد بأنها ليست معنية بالتصعيد، ولكنها سترد بقوة على أي هجوم عليها من غزة، موضحة أن إغلاق المعابر مع قطاع غزة ليس إجراء عقابيا وإنما ضرورة أمنية.
وحذر الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، من أنه "لم يعد بالإمكان الصبر أو التسليم بالعدوان والاعتداءات المستمرة ضد شعبنا في كل مكان، والتي كان اخرها الاعتداء على الشيخ السعدي واعتقاله".
وقال شهاب إن "حالة الاستنفار التي أعلنتها الحركة في صفوفها ما زالت مستمرة، ونحذر من نفاد صبرنا أمام ما يتعرض له أهلنا في الضفة الغربية، وسنبقى الأوفياء للدفاع عن حياة وأرواح أبنائنا أمام أي عدوان إسرائيلي".