人民网 2022:05:13.14:29:13
الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> العالم
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

تعليق: التحول الاستراتيجي للناتو نحو شرق آسيا سيزعزع المنطقة

2022:05:13.14:17    حجم الخط    اطبع

كان الهدف من تأسيس حلف الناتو في الأصل هو ضمان "الأمن الجماعي" لأجزاء من أمريكا الشمالية وأوروبا. ومنذ الحرب الباردة إلى الحقبة التي تلتها، ظل الناتو في شكل منظمة لمعاهدة تحالف عسكري إقليمي. وعلى الرغم من الجولات المتعددة في شرقا، ظلت تغطيته الوظيفية دائمًا في أوروبا. ومع ذلك، فقد استغل الناتو مؤخرًا الصراع بين روسيا وأوكرانيا لتعزيز تحوله الاستراتيجي الجديد: من منظمة معاهدة تحالف عسكري إقليمي في نصف الكرة الغربي إلى تحالف عسكري عالمي يغطي المحيط الأطلسي والهندي والمحيط الهادئ.

وفي هذا الصدد، يرى يانغ شي يو، الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية، أن وزير الخارجية البريطاني تروس قد دعا مؤخرًا علنًا إلى إنشاء "حلف شمال الأطلسي العالمي"، معتقدا بأن الناتو يستعد لطرح "الرؤية الإستراتيجية 2022" في يونيو المقبل، خلال قمّة مدريد. وهي انعكاسات نموذجية لعولمة الوظائف العسكرية لحلف الناتو.

ولا يمثل هذا الاتجاه الاستراتيجي الجديد توجّها أمريكيا فحسب، بل يعبر عن دوافع ذاتية متأصلة لدى بعض الأعضاء الأوروبيين. بالإضافة إلى ذلك، توجد عدة أسباب موضوعية تتعلق بتغيّرات الوضع العالمي.

يمثل الناتو أكبر أحجار الزاوية في نظام التحالف العالمي الذي أنشأته الولايات المتحدة في ظل الحرب الباردة. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، لا يقتصر"تحول التركيز الاستراتيجي نحو الشرق" على تحويل أهدافها الاستراتيجية من أوروبا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بل تطمح أيضا في جرّ حلفاء الناتو الأوروبيين إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ومن منظور أوروبي، ظلت أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية تمثل المركز الجيوستراتيجي العالمي. ولكن عندما بدأت الولايات المتحدة في تحويل تركيزها الاستراتيجي من أوروبا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، شعرت الدول الأوروبية بخيبة أمل شديدة. فمن ناحية، هذا يجبر الحلفاء الأوروبيين على خوض غمار القيادة الاستراتيجية الذاتية. ومن ناحية أخرى، فإنه يحفز الدافع الداخلي لمتابعة الحركة باتجاه الشرق للولايات المتحدة وتعزيز الوجود الاستراتيجي للدول الأوروبية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وتأتي هذه التعديلات الاستراتيجية لحلف الناتو، في ظل تغيرات متسارعة للمشهد العالمي. حيث باتت منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشكل متزايد محور تركيز الاقتصاد والسياسة في العالم.

بعد عقود من العولمة والتكامل الاقتصادي الإقليمي، بات عالم اليوم يتشكل من ثلاثة تكتّلات اقتصادية تمثل 78 ٪ من الاقتصاد العالمي. وهي سوق منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، وسوق الاتحاد الأوروبي ، وسوق شرق آسيا المكون من رابطة أمم جنوب شرق آسيا زائد الصين واليابان وكوريا الجنوبية "10 + 3".

وفي عام 2021، وصل إجمالي الناتج المحلي لكتلة أمريكا الشمالية إلى 26.24 تريليون دولار أمريكي؛ وبلغ الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي 17.08 تريليون دولار أمريكي؛ بينما وصل إجمالي الناتج المحلي لكتلة شرق آسيا 30.9 تريليون دولار أمريكي.

ومن منظور اتجاه التنمية على وجه الخصوص، يبدو جليا أن شرق آسيا هي المنطقة التي تتمتع بأكبر إمكانات تنموية وأفضل احتمالات للنمو بين الكتل الثلاثالمذكورة. حيث تحولت منطقة شرق آسيا إلى لاعب متزايد الأهمية في مسرح الشؤون السياسية والاقتصادية العالمية. وتمثّل الأهداف والأدوات السياسية التي اتخذتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية في التوجه نحو شرق آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، أمرا يتعلق بآفاق السلام والتنمية في المنطقة بأكملها.

ويعد تطور حلف الناتو في حد ذاته "فخًا أمنيًا". حيث أن الهدف الاستراتيجي للناتو المتمثل في "الأمن الجماعي" هو في الواقع تقسيم العديد من البلدان في القارة الأوروبية إلى فئتين من الأمن: "البلدان التي تتمتع بالأمن الجماعي" و "دول الأمن غير الجماعي". ولهذا، وفي وقت مبكر من بداية الحرب الباردة، كشف المؤرخ البريطاني هربرت باترفيلد بعمق عن هذا النوع من المواقف التي يستحث فيها أحد الأطراف استجابة مماثلة من الجانب الآخر من أجل تعزيز أمنه، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى كلتي المشكلتين. حيث يتولّد عن ذلك المعضلة الأمنية المتمثلة في انعدام الأمن عند جميع الأطراف.

تسعى البلدان المنضوية في "نظام الأمن الجماعي" لحلف الناتو باستمرار إلى تحقيق أمنها أحادي الجانب، لكنها في الوقت نفسه تتسبب في زيادة شعور انعدام الأمن عند روسيا، مما أدى في النهاية إلى تفجير الصراع الروسي الأوكراني.

وقد عمل البعض في الناتو على توسيع نفوذ الحلف نحو شرق آسيا، الشيء الذي يمثل مصدر قلق شديد لحكومات وشعوب المنطقة. لأنه حينما يجلب الناتو "المعضلة الأمنية" من أوروبا إلى شرق آسيا، فهذا يعني أن دول شرق آسيا التي تتمتع بفوائد التكامل الإقليمي والتنمية والاستقرار الاستراتيجي الإقليمي المشترك سيتم تقسيمها إلى "نظام أمن جماعي" وبلدان اخرى. وبذلك فإن المآسي التي حدثت في أوروبا سوف تتراكم حتما وستزيد من مخاطر واحتمال تكرارها في شرق آسيا. وإذا توسع حلف الناتو بالفعل نحو شرق آسيا، فسيكون ذلك بمثابة كارثة على المنطقة التي تتوق إلى الأمن والازدهار المستدامين، وستمثل خطوة عكس الاتجاه التاريخي للتنمية السلمية. 

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×