القاهرة 27 ابريل 2022 (شينخوا) تعتبر قرارات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التي أعلنها أمس الثلاثاء "خارطة طريق" للتعامل مع القضايا الملحة التي تواجه مصر، بما يؤكد أن البلاد أمام مرحلة جديدة سياسيا واقتصاديا، بحسب خبراء مصريين اليوم (الأربعاء).
وأصدر الرئيس السيسي خلال إفطار "الأسرة المصرية" بحضور رؤساء الأحزاب ونواب البرلمان وعدد من الشخصيات العامة والمواطنين أمس سلسلة قرارات شملت المجالين السياسي والاقتصادي.
وتضمنت القرارات "تكليف إدارة المؤتمر الوطني للشباب، بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية، بإدارة حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة ورفع نتائج هذا الحوار إليه شخصياً، مع وعده بحضور المراحل النهائية منها".
ووجه السيسي أيضا بـ "إعادة العمل للجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها في إطار اجتماعات المؤتمر الوطني للشباب"، معربا عن سعادته بـ "الإفراج عن بعض المحتجزين خلال الأيام الماضية"، مؤكدا أن "الوطن يسع جميع قوى المجتمع".
وتحدث الرئيس المصري عن الإصلاح السياسي، قائلا إنه "على المستوى الشخصي حريص على تفعيل برامج الإصلاح السياسي، لكن كانت هناك أولويات في العمل الوطني خلال الفترة الماضية، ونود إطلاق حوار لكل القوى السياسية وعرض نتائجه على مجلسي النواب والشيوخ لمزيد من النقاش بحيث يتم تفعيله مع إطلاق الجمهورية الجديدة".
أما عن الشق الاقتصادي من القرارات، فقد كلف السيسي الحكومة بالإعلان عن "برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنويا ولمدة 4 سنوات".
وأطلق كذلك "مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلى، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص فى توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة".
كما كلف الحكومة بطرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية، ووضع خطة عمل عاجلة لخفض حجم الدين العام وعجز الموازنة العامة.
ووجه السيسي أيضا بـ "الاستمرار فى تقديم كافة السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مدعمة حتى نهاية العام الجارى"، وكلف "الوزارات والمؤسسات والأجهزة المعنية باستمرار عمل المعارض التي ساهمت فى توفير السلع الأساسية للمواطنين على مستوى محافظات الجمهورية".
وفور إعلان هذه القرارات، أعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب التي تتولى تنظيم المؤتمر الوطني للشباب "تبنيها تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي بعقد عدد من اللقاءات بين كافة أقطاب القوى السياسية والشبابية المختلفة ضمن حوار وطني يستهدف تطوير أجندة أفكار وطنية للتعامل مع كافة القضايا الملحة التي تواجه الدولة المصرية".
بينما أكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي اليوم أن الحكومة ستبدأ تنفيذ تكليفات الرئيس السيسي "وفق خطة تنفيذية"، مشيرا إلى أن هذه التكليفات ستسهم في دفع مشاركة القطاع الخاص فى الأصول المملوكة للدولة لمضاعفة دور هذا القطاع فى تنمية الاقتصاد.
وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن قرار الرئيس السيسي بإطلاق حوار سياسي بين القوى السياسية "مهم جدا وجاء في توقيت له دلالاته بما يؤكد أننا أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي مرتبطة بفكر الجمهورية الجديدة".
وأضاف فهمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "الكرة الآن في ملعب القوى السياسية حيث لا إقصاء لأحد من المشهد السياسي وسوف نشهد مرحلة أتمنى أن يعلو الجميع فيها على خلافاته السياسية ويتفق في هذا الإطار".
وأردف أن "تنشيط لجنة العفو الرئاسي إجراء مهم لأن هذه اللجنة مهمتها دراسة حالة السجناء بالتنسيق مع وزارة الداخلية وتم الإفراج عن عدد منهم وسوف يتم الإفراج عن عدد آخر، وهو ما يؤدي إلى إزالة حالة الاحتقان الموجودة في المجتمع بسبب هذا الملف وغلق الباب أمام المنصات المناهضة لمصر".
ووصف الخبير السياسي قرارات الرئيس السيسي بأنها "قرارات رشيدة صدرت عن قيادة سياسية حكيمة تعالج الأمور بخبرات كبيرة".
ورأى أن "مشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة أمر مهم جدا لغلق الباب أمام الإدعاء بأن القطاع الخاص مستبعد وأن الدولة تقوم بكل شيء، واعتقد ان إشارة الرئيس السيسي بأن شركات الجيش سوف تطرح في البورصة أمر مهم ونقل رسائل إيجابية للقطاع الخاص وللمجتمع.. وبالتالي مصر سوف تشهد في الفترة القادمة انفراجة كبيرة".
من جهته، أشاد تحالف الأحزاب السياسية الذى يضم 40 حزبا سياسيا بقرارات السيسى، واعتبرها "تمثل حلولا جذرية" للقضايا التي تواجه مصر.
فيما قالت "تنسيقية شباب الأحزاب" في بيان إن توجيهات الرئيس السيسي بمثابة "خارطة طريق للمرحلة المقبلة"، وتوقعت أن تسهم في تعزيز عملية البناء الديمقراطي في مصر.
بدوره قال الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله إن "تكليف الرئيس السيسي للحكومة بزيادة الشراكة مع القطاع الخاص بمثابة توجيه استراتيجي ستلتزم به الحكومة من خلال إعداد خطة للفرص الاستثمارية التي من الممكن أن تطرحها في الفترة المقبلة بما يعزز الشراكة مع القطاع الخاص ويفتح الباب لمزيد من النشاط الاقتصادي الذي يعود بالنفع على المجتمع بصفة عامة".
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لـ ((شينخوا)) أن "الشراكة مع القطاع الخاص آلية لجذب التمويل وتعبئة الاستثمارات.. ومصر لديها استراتيجية للتوسع في مجال الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص وهناك توجه بأن تكون البورصة إحدى محاور الشراكة بطرح نسبة من أسهم الشركات الرابحة المملوكة للدولة لكن الخطوات التي قامت بها مصر في هذا المجال محدودة ولا تتناسب مع حجم الاقتصاد المصري وتطلعاته المستقبلية، ومن هنا تأتي أهمية قرارات الرئيس السيسي الاقتصادية".
ورأى أن "إعلان الرئيس السيسي عن دعم القطاع الخاص هو إعلان لتوجه الدولة المصرية خلال المرحلة القادمة ارتباطا ببرنامج الإصلاح الهيكلي الذي يفتح الباب لمزيد من النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص المحلي والأجنبي بما يدفعه نحو المزيد من العمل وزيادة حجم نشاطه في مصر".
وتابع أن "الاقتصاد المصري في حاجة ماسة إلى زيادة الاستثمارات سواء الحكومية أو من القطاع الخاص.. وقرارات الرئيس السيسي تعكس دعم ومساندة الدولة للقطاع الخاص وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى زيادة حجم القطاع الخاص بصفة عامة".
ورأى أن هذه القرارات تؤكد أن "الدولة منفتحة الآن على الدخول مع القطاع الخاص في شراكات".