تستضيف الصين الاجتماع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان في تونشي بمقاطعة آنهوي شرقي الصين في الفترة من 30 إلى 31 مارس الجاري، بحضور وزراء خارجية أو ممثلي باكستان وإيران وروسيا وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان. وفي الوقت نفسه، سيعقد اجتماع “جيران أفغانستان + أفغانستان"، فضلاً عن اجتماع لآلية التشاور بين "الصين والولايات المتحدة وروسيا +" حول القضية الأفغانية، والاجتماعان الأخيران جديدان مقارنة باجتماعات وزراء الخارجية السابقة.
عقد الاجتماع الأول لوزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان في سبتمبر الماضي، والذي أطلق رسميًا آلية التنسيق والتعاون بين الدول المجاورة لأفغانستان. في ذلك الوقت، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالانسحاب العاجل من أفغانستان، وعادت حركة طالبان الأفغانية إلى السلطة مرة أخرى. وتواجه أفغانستان تحديات متعددة بما في ذلك الأزمة الإنسانية ومعيشة الشعب وكوفيد -19. وفي مواجهة مثل هذا الوضع، توصلت الدول المجاورة لأفغانستان إلى إجماع سياسي للتعامل بشكل مشترك مع الوضع المتغير في أفغانستان، معتقدين أن البلدان المجاورة يجب أن تلعب دورًا فريدًا في معالجة مخاوفها المشروعة وتوفير بيئة خارجية مواتية لاستقرار أفغانستان وإعادة إعمارها. وقد لعبت هذه الآلية دورًا مهمًا في فترة النافذة الحرجة لأفغانستان لإنهاء الفوضى واستئناف الحكم، وهو ما يمكن تسميته نهجًا رائدًا.
ينقل اجتماع وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان، الذي تستضيفه الصين، حلول دول الجوار بشأن القضية الأفغانية إلى المستوى الجديد. من ناحية، تصر على ممارسة تأثير إيجابي على تطور الوضع على أساس احترام الاستقلال السيادي والسلامة الإقليمية لأفغانستان. ومن ناحية أخرى، تلتزم باللجوء إلى الحوار والمشاورات لحل الخلافات، في محاولة لبناء توافق في الآراء إلى أقصى حد ممكن. كما شاركت الولايات المتحدة، بصفتها الطرف الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية عن قضية أفغانستان، في المشاورات ذات الصلة خلال الاجتماعات. ما يظهر الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الصين كدولة مضيفة، فضلاً فعالية الآلية.
يعتبر هذا الاجتماع الدولي الذي يركز على أفغانستان مهما ويأتي في وقته. بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، قامت الولايات المتحدة والغرب بتسييس قضية اللاجئين وحاولتا وضع روسيا في موقف غير عادل من خلال قبولهما الجماعي المزعوم للاجئين الأوكرانيين. وتقسيم البعض اللاجئين إلى طبقات مختلفة، كما لو أن اللاجئين الأوكرانيين يستحقون التعاطف، بينما لا يستحقه اللاجئون من أفغانستان والشرق الأوسط ودول أخرى.
وهذا التركيز غير المتوازن والمعايير المزدوجة يجعل جمع الأموال لأفغانستان أكثر صعوبة. ومع احتياج أكثر من 24 مليون شخص في أفغانستان إلى مساعدات إنسانية هذا العام، فإن نداء الأمم المتحدة لتمويل 4.44 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية الأفغانستانية لا يحرز تقدمًا يُذكر. ما يضطر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن يدعو المجتمع الدولي لتوفير المساعدات للأفغانستان وحل الأزمة الإنسانية بينما يتركز اهتمام العالم على أوكرانيا.
إن الأزمة الإنسانية في أفغانستان هي تذكير مرئي للعالم بطريقة مؤلمة للغاية أن خلق المواجهة وفرض العقوبات بشكل عشوائي لا يحل المشكلة أبدًا. وتشير بعض التوقعات إلى أنه إذا لم ترفع واشنطن العقوبات الاقتصادية عن أفغانستان، فسوف يموت عدد أكبر من الناس في المستقبل بسبب آثار العقوبات أكثر من الذين ماتوا في الحرب التي استمرت 20 عامًا.
أرسل عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي إشارة واضحة يوم 28مارس الجاري مفادها أن القضية الأفغانية لا تزال مهمة في جدول أعمال السلام والأمن الدوليين الحالي. ولا ينبغي للعالم أن ينسى أفغانستان، ولا ينبغي للولايات المتحدة، بصفتها المتسبب في القضية الأفغانية، أن تتجاهل وتتجنب هذا البلد عن عمد. بالطبع، لا يمكننا أن نتوقع الكثير من الولايات المتحدة، التي قسّمت 7 مليارات دولار من الأموال المنقذة للحياة والتي تخص الشعب الأفغاني في مواجهة "سيل من الجوع والفقر". لكن لا بد من الإشارة إلى أن لديها مسؤولية أكبر للتخفيف من الأزمة الإنسانية في أفغانستان والمشاركة في أنشطة إعادة الإعمار في هذا البلد.
لقد أفسدت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على مدى عشرين عاما أفغانستان، في حين أن "حل دول الجوار" الذي يعزز الاستقرار في أفغانستان ويدعم الشعب الأفغاني يقدم طريقة جديدة للتفكير في هذا العالم المضطرب. وهذا ليس ذا أهمية عملية لأفغانستان فحسب، بل له أهمية كبيرة للمجتمع الدولي أيضًا.