طالب رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي مؤخرًا علنًا بمناقشة "المشاركة النووية" مع الولايات المتحدة. كما يطالب السياسيون اليابانيون اليمينيون بامتلاك وتصنيع الأسلحة النووية لفترة طويلة، لكنهم لم يحرزوا تقدمًا كبيرًا حتى الآن بسبب المشاعر القوية المناهضة للأسلحة النووية في اليابان. وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا صرح يوم أمس أنه يلتزم بـ"المبادئ الثلاثة غير النووية" المتمثلة في عدم إنتاج أو حيازة أو السماح بنشر أي أسلحة نووية على أراضيها، ولا يمكنه السماح بنشر الأسلحة النووية الأمريكية على أراضيهم والاستخدام المشترك، لكن لا يزال يتعين علينا أن نكون حذرين من هذا.
المشاركة النووية هي آلية لتقاسم المخاطر والمسؤوليات النووية أنشأتها الولايات المتحدة في إطار الناتو لإرضاء حلفاء الناتو. وبموجب هذه الآلية، تنشر الولايات المتحدة أسلحة نووية على أراضي الحلفاء الأوروبية. تخضع هذه الأسلحة النووية لسيطرة وحراسة الولايات المتحدة وقت السلم، لكنها في زمن الحرب تُركب على طائرات مقاتلة تابعة للحلفاء ويتم التحكم فيها من قبل طيارين من دول غير حائزة للأسلحة النووية. في الوقت الحالي، نشرت الولايات المتحدة أسلحة نووية تكتيكية في خمس دول غير حائزة للأسلحة النووية، وهي بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا.
يعتقد قو شياوبينغ، مدير مركز أبحاث الحد من التسلح بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، أن سعي اليابان جاهدة من أجل الانضمام الى “المشاركة النووية" يعني، أولاً، سيتم نشر الغواصات النووية الاستراتيجية الأمريكية أو القاذفات الاستراتيجية أو الرؤوس الحربية النووية التكتيكية في اليابان، مما ينتهك بشكل مباشر "المبادئ الثلاثة غير النووية".
ثانياً، سيكون لدى اليابان سيطرة على الأسلحة النووية الأمريكية المتمركزة في اليابان واستخدامها خلال زمن الحرب. وهذا ينتهك أحكام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تنص على عدم قيام الدول الحائزة للأسلحة النووية بنقل الأسلحة النووية إلى الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، كما يجب على الدول غير الحائزة للأسلحة النووية ألا تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
ثالثاً، فتح الباب أمام عودة الأسلحة النووية الأمريكية إلى شبه الجزيرة الكورية وتايوان. وحالما تنجح خطة "المشاركة النووية" اليابانية، فإنها ستشكل مثالا لإعادة الولايات المتحدة نشر الأسلحة النووية في دول أو مناطق آسيا والمحيط الهادئ. ما قد يؤدي إلى تأثير الدومينو، بسبب دعم أكثر من نصف الكوريين الجنوبيين نشر الولايات المتحدة للأسلحة النووية على أراضيهم. كما بلغ الأمر ببعض العلماء المحافظين في الولايات المتحدة أن يقترحوا السماح لتايوان بـ "امتلاك الأسلحة النووية ورفض العودة إلى البر الرئيسي الصيني ".
رابعاً، سيثير مناقشة في اليابان حول تطوير الأسلحة النووية وتجهيزها بجرأة أكبر. وقد زعم العديد من السياسيين اليمينيين في اليابان أن دستور اليابان السلمي لا يمنع اليابان من امتلاك أسلحة نووية.
يواصل السياسيون اليابانيون اليمينيون التلاعب بالقضية النووية من أجل دفع المجتمع الياباني للتخلي تدريجياً عن تقليد المحرمات النووية واعتبار امتلاك الأسلحة النووية ضرورة "طبيعية" للأمن القومي، واعتبار نشر الأسلحة النووية ترتيبًا معقولاً، وفي نهاية المطاف اعتبار تطوير الأسلحة النووية أمرًا طبيعيًا.
في الواقع، كانت سياسة اليابان في مجال الأسلحة النووية دائمًا سياسة عدم حيازة أسلحة نووية على السطح، ولكن الحفاظ على القدرات الاقتصادية والتكنولوجية لتصنيع الأسلحة النووية. وإنها الدولة الوحيدة غير الحائزة للأسلحة النووية تقوم بدورة الوقود النووي، حيث تخزن المواد الانشطارية المستخدمة في صنع الأسلحة بما يكفي لصنع آلاف الرؤوس الحربية النووية. كما لديها قدرات إطلاق فضائية متقدمة وتعمل أيضًا على تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت. وليس من الصعب على اليابان تجاوز العتبة النووية وتطوير أسلحة نووية.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد بعض المحللين أنه لا ينبغي الاستهانة بنفوذ آبي، ولا يستبعد إمكانية إعادة انتخابه كرئيس الوزراء في المستقبل. وهذا أكثر ما يثير للقلق، وعما إذا كان من المرجح أن يتم وضع هذا النوع من مقترحات السياسة بشأن الأسلحة النووية موضع التنفيذ، ومن ثم تغيير سياسة الأسلحة النووية لليابان تمامًا.