15 ديسمبر 2021/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ تتمتع كل من الصين والدول العربية بتاريخ طويل وحضارات عريقة، وقد أقام طريق الحرير القديم جسورًا وأواصر للتبادلات الاقتصادية والثقافية بين الجانبين. وفي الوقت الحاضر، أصبح التعاون بين الصين والدول العربية في ظل البناء المشترك لمبادرة " الحزام والطريق" أوثق وأعمق في مختلف المجالات، باستثناء قطاع الطاقة التقليدية، كما واصلت أيضاً الابتكار في مجالات مثل الطاقة النظيفة، والاقتصاد الرقمي، وبناء الحدائق الصناعية، وضخ زخمًا جديدًا في التعاون بين الطرفين.
التعاون في مجال الطاقة --- تنفيذ المزيد من مشاريع الطاقة النظيفة
تشهد منطقة الصحراء جنوب الأردن قيد تنشيد مشروع الطاقة الكهروضوئية بقدرة 24 ميجاوات الذي تنفذه شركة شاندونغ الثالثة للطاقة الكهربائية الهندسية المحدودة، ويعتبر المشروع الكهربائي الأول لشركة صينية في الأردن. ويتوقع أن يستغرق المشروع 270 يومًا، مع تركيب أكثر من 60 ألف لوحة كهروضوئية. كما سيكون الجانب الصيني مسؤولاً عن تشغيل وصيانة المشروع لمدة عامين بعد الانتهاء.
ذكرت "صحيفة الغد" الأردنية في تقرير لها، إن مشروع الطاقة الكهروضوئية الذي تقوم بإنشائه الصين سوف يخفف من نقص الطاقة المحلية، ويخلق عددًا كبيرًا من فرص العمل، ويفيد السكان المحليين. وأشار التقرير إلى أن الأردن بحاجة إلى استيراد كمية كبيرة من الموارد من الخارج كل عام، كما أنها واحدة من أكثر الدول التي تعاني من شح المياه. وأن الشركات الصينية تساعد الأردن على تحقيق توليد الطاقة الكهروضوئية، وهو أمر مثير للغاية. ونظرًا لأن محطة الطاقة الكهروضوئية مجاورة لمحطة المياه في الأردن، فبعد اكتمال محطة الطاقة، لن تلبي الطلب على الكهرباء لسكان المنطقة المحيطة فحسب، بل ستعمل أيضًا على تخفيف ضغط استخدام الطاقة الكهربائية لمحطة المياه بشكل فعال، وتحسين قدرة إمداد المياه لمحطة المياه.
أقيم معرض الصين والدول العربية الخامس في ينتشوان، نينغشيا في أغسطس من هذا العام. وفي منتدى قمة التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة الذي عقد خلال هذه الفترة، أكد الجانبان على التركيز على تعزيز التعاون في تكنولوجيا تطبيقات الطاقة النظيفة، والاقتصاد منخفض الكربون، وانتقال الطاقة.
أصبح بناء الطاقة النظيفة مجالا هاما للتعاون بين الصين والدول العربية في إطار البناء المشترك لـ “الحزام والطريق". وتدير المؤسسة السعودية الدولية للطاقة والمياه مشروع البحر الأحمر للطاقة الذكية المتكامل في المملكة العربية السعودية، الذي تم إنشائه بالتعاون مع شركة استثمار الطاقة الصينية الحكومية العليا لشركة تطوير الطاقة الكهرومائية في النهر الأصفر الأعلى المحدودة، ويمكن أن يوفر المشروع إمدادات الطاقة الخضراء وتخزينها على مدار 24 ساعة. وقال نهيان، رئيس مجلس إدارة المؤسسة السعودية الدولية للطاقة والمياه، إن المشروع لا يطور الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة فحسب، بل يوفر أيضًا بنية تحتية متكاملة لتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي. كما يُظهر التعاون الناجح بين المملكة العربية السعودية والصين في مجال الطاقة الجديدة أن تطبيق التكنولوجيا لا يمكن أن يخلق قيمة اقتصادية فحسب، بل يساعد في تحقيق حياة أكثر صحة وأمانًا أيضًا.
وفي قطر، سيصبح مشروع الطاقة الكهروضوئية الذي تشيده شركة لونغجي الصينية المحدودة ثالث أكبر مشروع الكهروضوئية الأحادي في العالم بعد الانتهاء من بنائه، كما سيوفر المشروع الطاقة لملاعب كأس العالم 2022 في قطر، وفي الوقت نفسه، يمكن للمشروع تلبية الطلب بحوالي 10٪ من فترة ذروة الكهرباء المحلية، وسيساعد على تقليل اعتماد قطر على مصادر الطاقة التقليدية، وتشجيع التنويع الاقتصادي.
كما تتسارع وتيرة التحول والارتقاء في مجال التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة التقليدية. قال الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، إن الشركة بصفتها مورِّدًا مهمًا في سوق الطاقة في الصين، تتعاون حالياً مع الجامعات والشركات الصينية لتطوير أنظمة وتقنيات وقود المحركات الأنظف، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما سيقوم الجانبان بمزيد من التعاون في تطوير تكنولوجيات جديدة.
التمكين التكنولوجي ـــــــ التعاون الاقتصادي الرقمي يرتقي إلى مستوى جديد
لقد غيّر الوباء بشكل عميق أسلوب حياة الناس وعادات التسوق. وفي البلدان العربية، بدأ المزيد والمزيد من المستهلكين في اختيار التسوق عبر الإنترنت والمعاملات عبر الإنترنت، وتطورت التجارة الإلكترونية بسرعة. وتتوقع شركة "كيرني ميدل ايست" للاستشارات العالمية أن يصل إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية في دول الخليج في عام 2021 إلى أكثر من 29 مليار دولار أمريكي، وسترتفع إلى 50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025. وهذا يوفر المزيد من الفرص للتعاون الصيني العربي في الاقتصاد الرقمي.
صرح السبيلي، نائب رئيس مزارع دينا المصرية، أنه من خلال منصة التجارة الإلكترونية، تقوم المزارع بتصدير المزيد من المنتجات الزراعية إلى الصين. وأشار إلى أشجار البرتقال والحمضيات بجانبه وقال: "في الماضي، لم تتمكن هذه الفاكهة عالية الجودة في كثير من الأحيان من العثور على مشترين، لكن اليوم، يمكننا بيع المنتجات إلى السوق الصينية من خلال تشغيل الهاتف الذكي."
واضاف السبيلي: "نبيع ثمارنا إلى الصين من خلال شركة تجارة إلكترونية، وأود أن أشكر المستهلكين الصينيين على شرائهم منتجاتنا، بفضل منصة التجارة الإلكترونية التي تسهّل فواكهنا بدخول السوق الصينية."
تشارك شركة جولي شيك تشجيانغ (Jollychic) للتجارة الإلكترونية الصينية بعمق في أسواق دول الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة، وقد كسبت أكثر من 50 مليون مستخدم، ويستمر تأثيرها المتزايد في السوق. وفي نوفمبر 2019، وقعت جولي شيك تشجيانغ مذكرة تفاهم مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المملكة العربية السعودية. وصرح وكيل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية التقنية والقدرات الرقمية أحمد الثنيان، أن إقامة وزارة الاتصالات السعودية شراكة استراتيجية مع شركة جولي شيك تشجيانغ في ظل التنفيذ المتسارع للمملكة العربية السعودية لـ "رؤية 2030"، مظهر من مظاهر التعميق المستمر للتعاون بين البلدين في مجال الاقتصاد الرقمي. وأكد أن الشركات الصينية تولي أهمية كبيرة لتعزيز تنمية الموارد البشرية المحلية، ومشاركة التقنيات الرقمية والبنية التحتية مع الموظفين المحليين، ووضع نموذج لتعزيز تنمية سوق التجارة الإلكترونية السعودية.
وأجرت العديد من شركات التكنولوجيا الصينية تعاونًا عمليًا مع الدول العربية، ودفعت التعاون الاقتصادي الرقمي الصيني العربي إلى مستوى جديد. وفي 10 أبريل 2018، كان لدى نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية بيدو الصيني أول مركز خارجي له. ويقع المركز في مقر المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في واحة الجزارة للعلوم والتكنولوجيا بالضواحي الشمالية لتونس العاصمة التونسية، ويمكن للمعدات هناك جمع بيانات القمر الصناعي في الوقت الفعلي وعرضها على شاشة التحكم.
ومن المعلوم أن متوسط عدد أقمار بيدو المرئية حاليًا فوق الدول العربية قد وصل إلى أكثر من 8 قمر، وأن نظام بيدو يتمتع بدقة تحديد المواقع أفضل من 10 أمتار، ويبلغ معدل الاستخدام أكثر من 95٪، ويمكنه توفير خدمات الملاحة عبر الأقمار الصناعية عالية الجودة للمنطقة. وقال خليل العميري، كاتب الدولة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي:" سيساعد مركز بيدو تونس والدول العربية الأخرى على تدريب المزيد من المواهب في أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وتعزيز تنمية الاقتصاد الرقمي وتطبيق تكنولوجيا الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وتحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين."
الحدائق الصناعية -- منصة مهمة للشركات الصينية للاستثمار وبدء الأعمال التجارية
الحدائق الصناعية، المناطق الاقتصادية والتجارية، والمجمعات الصناعية ... تعكس الحدائق المتنوعة التي أقيمت في الدول العربية في السنوات الأخيرة اتساع وعمق التعاون الصيني العربي.
تأسست منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري في مصر في عام 2008، وإلى غاية نهاية ديسمبر 2020، استقطبت 96 شركة، تجاوزت مبيعاتها التراكمية 2.5 مليار دولار أمريكي، ودفعت ما يقرب من 176 مليون دولار أمريكي كضرائب ورسوم مباشرة، وحل بشكل مباشر توظيف حوالي 4000 شخص، وعززت الصناعات ذات الصلة توظيف ما يقرب من 40000 شخص.
تقع شركة جوشي للألياف الزجاجية المحدودة المصرية (جوشي مصر للاختصار) أكبر شركة تصنيع صينية في مصر، في منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري. ويبلغ إجمالي استثمارات شركة جوشي مصر 520 مليون دولار أمريكي، وبعد 6 سنوات من الجهود، تم الانتهاء من بناء قاعدة إنتاجية بإنتاج سنوي 200 ألف طن من الألياف الزجاجية، ولا يتم توفير المنتجات محليًا في مصر فحسب، بل يتم بيعها أيضًا في شمال إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط والأسواق الأخرى.
وصرح منصور، مساعد المدير العام لشركة جوشي مصر، بأن جوشي مصر هي أكبر قاعدة إنتاج خارجية لصناعة الألياف الزجاجية الصينية، وهي إنجاز مهم لبناء "الحزام والطريق" المشترك بين مصر والصين. وبفضل تنمية وتقوية شركة جوشي مصر، أصبحت مصر رابع أكبر منتج وتاجر للألياف الزجاجية في العالم، واجتذبت عددًا كبيرًا من شركات المنبع والمصب المتعلقة بالألياف الزجاجية للاستقرار في مصر، مما أدى إلى التنمية النشطة للسلسلة الصناعية بأكملها.
تقع منطقة خليفة الصناعية في الإمارات العربية المتحدة في ميناء أبو ظبي، على بعد 60 كيلومترًا من وسط أبو ظبي وحوالي 80 كيلومترًا من وسط دبي. ويمكن نقل البضائع في المنطقة الصناعية بسهولة إلى أكثر من 300 وجهة حول العالم، وقد وصفتها وسائل الإعلام المحلية بأنها "مشروع نجم".
رؤية حكومة دولة الإمارات لمنطقة خليفة الصناعية هي: من خلال تخطيط وتطوير الموانئ والمناطق الصناعية، ستلعب دورًا محوريًا في تعزيز النمو الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة بشكل أفضل، وتعزيز التلاحم بين "مخطط التنمية الاقتصادية 2030" الإماراتي ومبادرة "لحزام والطريق" الصيني. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030، ستساهم منطقة خليفة الصناعية بنسبة تصل إلى 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
قال خالد، أحد كبار المراسلين في صحيفة الاتحاد الإماراتية:" منطقة خليفة الصناعية قوية وتجذب الشركات الصينية للاستثمار بنشاط". على سبيل المثال، بدأ تشييد "حديقة عرض التعاون الصيني العربي في قدرات الانتاج" في المنطقة الصناعية في مايو 2018، وفي عام واحد فقط، جذبت عشرات الشركات الصينية لتستقر فيها. وقال فهد، المسؤول عن الحديقة، إن حديقة العرض التعاونية "تستند إلى موارد أبو ظبي وعوامل السوق، وينصب التركيز على تطوير المعدات المتطورة، والمواد الكيميائية الدقيقة، والطاقة الكهروضوئية، والتجارة والخدمات اللوجستية، والخدمات المالية، ووضع معيار جديد للتعاون العربي الصيني ".
لقد حافظت الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري للدول العربية للسنوات العديدة. وفي ظل البناء المشترك لـ " الحزام والطريق"، تطور بناء الحدائق بين الصين والدول العربية بقوة، ما تعد منصة مهمة للشركات الصينية للاستثمار وبدء الأعمال التجارية في الدول العربية، وتشجع الجانبين على توسيع مجالات التعاون بشكل مستمر وتحقيق نتائج مثمرة.