ستعقد الولايات المتحدة ما يسمى بـ "قمة من أجل الديمقراطية" في 9 ديسمبر الجاري، ومع ذلك، فإن الأصوات الدولية تعتقد عمومًا أن الولايات المتحدة قد فقدت "الأرضية الأخلاقية العالية" لـ "تعليم" التجربة الديمقراطية للعالم.
وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة بيو في يونيو من هذا العام، فإن 14 ٪ فقط من الأشخاص في ألمانيا يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية تستحق المحاكاة. كما كانت نتائج استطلاعات الرأي في فرنسا والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا ونيوزيلندا متشابهة بشكل عام. وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بأسف إلى أن حلفاء الولايات المتحدة يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية قد انهارت ومنتهية بالكامل، وأصبحت من الماضي.
يعتقد المحللون عمومًا أن أعمال الشغب في الكونغرس التي وقعت في بداية هذا العام اخترقت بشكل ملحوظ فقاعة الأسطورة الديمقراطية الأمريكية. حيث أدى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات العامة لعام 2020 إلى غزو أسراب من "الغوغاء" أساس سيادة الشعب -الكونغرس. وتم اختراق بوابة مبنى الكونغرس والدوس على اللافتة. كما تم حظر "حرية التعبير" للرئيس ترامب بشكل جماعي من قبل وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية. كما قال هاس، رئيس المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية: " لقد انتهت مقولة "مدينة على التل" بعد أن شاهد العالم هذه المهزلة الديمقراطية."
"الأشجار المتعفنة تثمر التفاح الفاسد." بدلاً من القول إن أعمال الشغب في الكونغرس كانت سبب انهيار الأسطورة الديمقراطية الأمريكية، يفضل القول إنها مجرد عرض من أعراض العلل النظامية للديمقراطية الأمريكية.
الديمقراطية ليست زينة مطرزة على الوسادة، بل يجب أن تحل مشاكل الناس. وفي الولايات المتحدة اليوم، تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد -19 أي حرب شنتها أو شاركت فيها، وتعاني الأقليات من التمييز والبلطجة في التعليم والتوظيف والرعاية الطبية وما إلى ذلك، ويقتل عشرات الآلاف من المدنيين كل عام بسبب العنف المسلح، ويحاصر الأطفال اللاجئون على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك في أماكن صغيرة مثل السردين المعلب، ويعانون كثيرًا. وتظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من 80٪ من الأمريكيين غير راضين عن حالة الديمقراطية في بلادهم.
يتم استقطاب الناخبين بكل الطرق الممكن خلال الانتخابات، لكن بعد الانتخابات لم يعد هناك قلق بشأن مطالب الشعب، ومثل هذه الديمقراطية خادعة وليست حقيقية. وفي عام 1988، عندما ترشح نائب الرئيس آنذاك جورج هربرت واكر بوش لمنصب الرئيس، قدم وعدًا لافتًا للنظر بعدم فرض ضرائب جديدة، لكن بعد عامين من توليه الرئاسة، اعترف بوش بأن إصلاح الاقتصاد الأمريكي يتطلب سلسلة من الإجراءات، بما في ذلك "زيادة الضرائب".
وبوش ليس الرئيس الامريكي الوحيد الذي لم يف بوعوده، حيث يقوم معظم المترشحين بإثارة اهتمام الناخبين وكسب دعمهم بأفعال وأقوال مبالغ فيها، يتخلون بشكل انتقائي عن وعودهم. وتشير الإحصاءات إلى أنه من بين 533 وعدًا تم التعهد بها خلال حملة أوباما، تم الوفاء بـ 48٪ فقط، وهو أقل من النصف. وحقق ترامب 21٪ فقط من وعوده. ويستمتع الناخبون فقط بكرنفال التصويت كمدللين مرة واحدة كل أربع سنوات، ولا أحد يهتم بالمشكلات التي يحتاجون إلى حلها بعد الانتخابات.
تعهد الرئيس الأمريكي الحالي بايدن خلال حملته الانتخابية بـ "الوحدة والمداواة" واتخاذ موقف معتدل. لكن، أشارت وسائل الإعلام الأمريكية إلى أن بايدن يبدو الآن وكأنه يتخذ أجندة راديكالية. وذكرت صحيفة " الكونغرس" أن التحول بمقدار 180 درجة بين وعود بايدن الانتخابية وأفعاله بعد توليه منصبه زاد من عدم ثقة الجمهور في الحكومة.
الحقيقة هي أن الاستقطاب السياسي والتمزق الاجتماعي في الولايات المتحدة يتزايدان، وحكومة الولايات المتحدة غير قادرة على "فعل الشيء الخاص بها بشكل جيد". وأشارت وسائل إعلام أميركية إلى أن فشل الحكومة، وعدم الاستجابة لاحتياجات البلاد، بغض النظر عن الحزب السياسي الذي يتولى السلطة، يولد الغضب والعداء والكراهية والتشاؤم.
وهذا الشعور يملأ الحياة اليومية: العنف على متن الطائرة، والتهديدات للمعارضين، وشراء أسلحة الدفاع عن النفس بكميات كبيرة، والفظاظة العامة للعلاقات الشخصية، "هذه هي الأعراض الدقيقة لسرطان السياسة الذي يقوض الديمقراطية".
لطالما كان فستان الديمقراطية الأمريكي الرائع مليء بالثغرات، لكنها تضحك على الملابس البسيطة والمريحة التي يرتديها الآخرون. وإن النظام الديمقراطي المنافق، المعطل، المتحلل، المليء بالأكاذيب والشكليات، غير مؤهل ليكون معلماً للديمقراطية للعالم.