سيزور رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي يتولى السلطة منذ أكثر من شهرين، البيت الأبيض، يوم 26 أغسطس الجاري، وهي أول رحلة له إلى الولايات المتحدة خلال فترة ولايته. وذكرت وسائل الاعلام الأجنبية، أن طرح "خطة عمل" بشأن الملف النووي الإيراني للضغط على الولايات المتحدة والمساومة هو الموضوع الاساسي لزيارة بينيت. كما قد يثير بايدن القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، ويجذب إسرائيل لموازنة علاقاتها مع الصين.
العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية تقف عند مفترق طرق
يمكن تسمية التحالف مع الولايات المتحدة بأنه ركيزة الدبلوماسية الإسرائيلية، وستسعى أي حكومة إسرائيلية جاهدة لتقوية العلاقات معها، لكن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل حساسة للغاية أيضًا، حيث تختلف درجة سخونة وبرودة العلاقات بين كل حكومة إسرائيلية والولايات المتحدة.
إن الهدف من زيارة بينيت هو تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل. قال دينغ لونغ، الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إن ترامب قدم لإسرائيل كل ما تحتاجه، وكان البلدان في "فترة شهر العسل" في السنوات الأربع الماضية. والآن، يعمل الحزب الديمقراطي عكس سياسة ترامب" الميول إلى جانب واحد"، لا سيما القضية النووية الإيرانية، وإجراء تعديلات كبيرة على السياسة الفلسطينية الإسرائيلية. نتيجة لذلك، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستخضع لاختبارات، ومن المتوقع ألا يكون هناك تحسن كبير. ومع ذلك، لن تتراجع العلاقة بين البلدين بشكل كبير وستبقى عند مستوى معين على الرغم من انتهاء "شهر العسل".
ووفقًا لسون ديغانغ، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان، فإن بينيت مستمر في ممارسات سياسات معينة في الحكومة السابقة، على الرغم من انتهاء حكم نتنياهو الذي دام 12 عامًا. كما يعتقد أن هناك عدوين في الشرق الأوسط ــ ــ العدو الرئيسي هو إيران، لذلك تكسب دول الخليج العربية لبناء "تحالف معتدل" ضد إيران. أما العدو الصغير فهو تركيا التي لها خلافات مع مصر ودول أخرى في موضوع ترسيم حدود الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط ، وشكلت إسرائيل "تحالفًا مناهضًا للإخوان المسلمين" لمواجهة الجانب التركي من أجل ذلك. وإسرائيل بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة في عملية ضمان الأمن الجيوسياسي.
اسرائيل ستقترح "خطة عمل"
يعتبر طرح " خطة عمل" حول القضية النووية الإيرانية القضية الجوهرية لإسرائيل خلال الزيارة المنتظرة. وذكرت موقع" أكسيوس" الإخباري الأمريكي أنه مع الجمود في المحادثات النووية الإيرانية وانشغال البيت الأبيض بالأزمة الأفغانية، تشعر إسرائيل بالقلق من أن تطور إيران برنامجها النووي "دون ضغوط". وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي، أن إيران أنتجت يورانيوم معدني بدرجة نقاء تصل إلى 20٪ للمرة الأولى، وزادت بشكل كبير من قدرتها الإنتاجية لليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60٪.
يعتقد دينغ لونغ أن إسرائيل تدرك، أولاً، إدارة بايدن مصممة على استعادة الاتفاق النووي الإيراني، وأنها غير قادرة على تحدي الولايات المتحدة علانية. ثانياً، تعتقد إسرائيل أنه من الأفضل أن يكون هناك اتفاق لإلزام إيران من لا شيء، وبالتالي فهي تقبل الواقع. ومع ذلك، فإنها ستواصل التفاوض على شروط مع إدارة بايدن، بما في ذلك طرح الخطة "المعززة" للاتفاق النووي الإيراني، وفي التحليل النهائي، فإنها تطلب ضمانات أمنية من الولايات المتحدة.
كما يعتقد جيلبر، الخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في جامعة بار إيلان في إسرائيل، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تحاول تقويض الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وإيران، لكنها ستحث الولايات المتحدة على الإبقاء على بعض العقوبات على إيران، وتقدم لإسرائيل "تعويضات استراتيجية".
الولايات المتحدة تطلع الى الزيادة في الاستقرار
جذبت موضوعات على قائمة المفاوضات الأمريكية، مثل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية والمنافسة بين القوى الكبرى الإنتباه. وأشارت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية إلى أن حل الخلافات بين فلسطين وإسرائيل سيكون تحديًا كبيرًا للزعيمين.
ومن وجهة نظر سون ديغانغ ، فإن إدارة بايدن تراهن على كلا الجانبين في قضية فلسطين وإسرائيل. من ناحية، لم يُسقط بايدن الإجراءات الأكثر أهمية المؤيدة لإسرائيل المتخذة من قبل ترامب، بما في ذلك "نقل السفارة" . ومن جهة أخرى، أجرى "إضافات" للتعاون مع فلسطين، منها إعادة رفع المساعدات الفلسطينية ، والإعلان عن إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس التي أغلقها ترامب.
بعبارة أخرى، حافظ بايدن على رصيد التعاون مع إسرائيل مع مراعاة زيادة المصالح الاقتصادية الفلسطينية. وقال سون ديغانغ إن إدارة بايدن قد تواصل هذه الاستراتيجية في المستقبل، مع التركيز على تعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، لكنها ستشارك أيضًا في الحوار والمفاوضات مع أعداء إسرائيل (مثل فلسطين وإيران).
يتوقع فريق بينيت أن يظهر موضوع الصين على طاولة المفاوضات أيضًا. وقد تنتقد الولايات المتحدة استثمار الصين في مجالات التكنولوجيا الفائقة والبنية التحتية الإسرائيلية خلال المحادثات. كما ستولي إدارة بايدن اهتمامًا لمفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الجارية بين الصين وإسرائيل، والتي قد يتم توقيعها في نهاية هذا العام.
تعتقد مجلة " الدبلوماسية" أن واشنطن تشعر بقلق متزايد من أن التعاون الصيني الإسرائيلي أصبح "حافزًا" للعلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية. وربما أثرت التوترات بين الصين والولايات المتحدة على عملية صنع القرار في إسرائيل. كما أن إسرائيل "عالقة" بشكل متزايد بين القوتين الرئيسيتين. حيث تعد كل من الصين والولايات المتحدة من أكبر شركائها التجاريين، ويجب على إسرائيل صياغة استراتيجية حكيمة واستباقية للحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة وتوسيع علاقاتها التجارية مع الصين في المجالات غير الحساسة.