فالموث، بريطانيا 13 يونيو 2021 (شينخوا) اختتمت مجموعة السبع يوم الأحد أول قمة حضورية لها منذ ما يقرب من عامين، على خلفية متظاهرين نزلوا إلى الشوارع والشواطئ يتهمون أغنى دول العالم بقطع "وعود فارغة".
واعتبر النقاد الاجتماع الذي استمر لثلاثة أيام، والذي عقد في منتجع كاربس باي في كورنوال بجنوب غرب بريطانيا، بمثابة "فرصة تاريخية ضائعة" لما طرحه من أسئلة أكثر من أجوبة فيما يتعلق ببعض أكثر القضايا الشائكة في العالم.
وفي ضوء اختلاف الأجندات والمصالح، يظل الشعور بالوحدة الذي يحاول النادي الثري تحقيقه بعيدا المنال.
-- فرصة تاريخية ضائعة
في بيان مشترك صدر عقب القمة، تعهد قادة مجموعة السبع متأخرين بتقديم مليار جرعة من لقاح فيروس كورونا إلى الدول الأقل نموا خلال العام المقبل.
وبينما يُنظر إلى هذه البادرة على أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، يشعر النشطاء والنقاد بأنها تفتقر إلى الطموح كما أنها بطيئة للغاية لأنها لا تكفي لتغطية احتياجات هذه البلدان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن خطة مجموعة السبع "نحن بحاجة إلى أكثر من ذلك. نحن بحاجة إلى خطة تطعيم عالمية. نحتاج إلى التصرف بمنطق وإحساس بالإلحاح وأولويات اقتصاد الحرب، ما زلنا بعيدين عن تحقيق ذلك".
وتقدر منظمة الصحة العالمية بأن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 11 مليار جرعة لنيل فرصة التغلب على كوفيد-19. وقد طلبت دول مثل بريطانيا وكندا والولايات المتحدة جرعات كافية من اللقاحات لتحصين سكانها بالكامل عدة مرات.
وتعليقا على النقص في اللقاحات، قال رئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون إن القمة "ستذهب كفرصة ضائعة" و"فشل أخلاقي لا يغتفر" عندما لا تتوصل أغنى دول العالم إلى خطة شاملة لتقديم التطعيم بحلول منتصف العام المقبل.
كما اتفق قادة مجموعة السبع على اتخاذ إجراءات لتسريع الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء من خلال الاستثمار في البنية التحتية ودفع الابتكار، وتأمين الازدهار المستقبلي من خلال الدفاع عن تجارة أكثر حرية وعدالة.
وفيما يتعلق بتغير المناخ، اتفق القادة على اتخاذ إجراءات صارمة بشأن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وأكدوا مجددا على جمع 100 مليار دولار أمريكي سنويا لمساعدة الدول الأقل تقدما على خفض الانبعاثات.
وقد أثارت الخطة بافتقارها الواضح للاتفاقيات والجداول الزمنية الملزمة انتقادات شديدة.
ووفقا لتريزا أندرسون من منظمة "أكشن إيد" الخيرية الدولية، فإن تعهدات مجموعة السبع لم تقترب من معالجة إلحاح الأزمة وحجمها.
وقالت "الدول الغنية فشلت حتى الآن في الوفاء بتعهدات تمويل المناخ. معظم ما تم تقديمه حتى الآن كان في شكل قروض، مما يدفع البلدان الضعيفة إلى مزيد من الديون والفقر".
اعتقدت كريستي ماكنيل من "كراك زذ كرايزيس"، وهو ائتلاف من الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية، أن قمة مجموعة السبع "فرصة تاريخية ضائعة" فيما يتعلق بكوفيد-19 وتغير المناخ.
وأشارت إلى أن القادة وصلوا "بنية حسنة ولكن بدون دفاتر شيكاتهم".
-- باسم "النظام القائم على القواعد"
ومن غير المفاجئ، فيما يتعلق بالصين، لم يغفل البيان المشترك لمجموعة السبع التطرق لقضايا مثل شينجيانغ وهونغ كونغ وتايوان وبحري الصين الشرقي والجنوبي، باسم "التمسك بالنظام الدولي القائم على القواعد والقانون الدولي"، على الرغم من تعهده بالتعاون مع الصين لمواجهة "التحديات العالمية المشتركة" مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.
وفي بيان سابق، قال متحدث باسم السفارة الصينية في بريطانيا، "لقد ولت الأيام التي كانت تملي فيها القرارات العالمية من قبل مجموعة صغيرة من الدول. لا يوجد سوى نظام واحد في العالم، وهو النظام الدولي الذي تقع الأمم المتحدة في جوهره، النظام الدولي القائم على القانون الدولي، وليس ما يسمى بالنظام الذي تدعو إليه حفنة من البلدان".
وأضاف المتحدث "هناك نوع واحد فقط من التعددية، وهو التعددية الحقيقية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، والتي تتميز بالمعاملة المتساوية والتعاون والمنافع المتبادلة، وليس التعددية الزائفة التي تخدم مصالح مجموعة صغيرة أو تكتل سياسي".
وخلال القمة، تبنى قادة مجموعة السبع أيضا خطة "إعادة بناء عالم أفضل" المدعومة من الولايات المتحدة لدعم البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في بناء بنية تحتية أفضل، والتي يعتبرها الكثيرون محاولة لمنافسة مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين.
وفي تقرير سابق، ذكرت صحيفة ((فاينانشيال تايمز)) إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يحاول في أول زيارة خارجية له "إقناع أوروبا الحذرة بالعمل عن كثب مع واشنطن بشأن الصين"، من بين أولوياته.
وقال مارتن جاك، وهو زميل بارز في جامعة كامبريدج، إنه ليس من المستغرب أن يكون لدى مجموعة السبع "المتضائلة بشكل كبير" وجهة نظر سلبية للغاية بشأن الصين، "لأنها دفاعية فقط وهي محاصرة نوعا ما".
وقال لوكالة ((شينخوا)) إن مجموعة السبع سترتكب "خطأ" إذا سعت إلى استبعاد أو احتواء الصين في مواجهة التحديات العالمية، مضيفا "أعتقد أنه من الخطأ أن تفعل مجموعة السبع ما فعلته. ينبغي أن تبحث عن طرق لتطوير التعاون مع الصين، وليس التفكير في احتواء الصين أو رفضها".
-- انقسامات داخلية
وعلى الرغم من الصورة التي تبدو موحدة والادعاءات بأن "أمريكا عادت"، فقد هددت قضايا مثل ميزانية الدفاع لحلف شمال الأطلسي (ناتو) والنزاع بين إيرباص وبوينغ، ومؤخراً أيرلندا الشمالية في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بتقسيم الحلفاء الغربيين.
والجدير بالذكر أن الشكوك لا تزال قائمة بين الأوروبيين حول مدى صدق الولايات المتحدة في التعاون مع أوروبا بشأن القضايا الدولية بعد أربع سنوات مضطربة من إدارة دونالد ترامب.
وقالت صحيفة ((فايننشال تايمز)) "في ظل تصريحات الوحدة المحتملة، سيتعين على بايدن التعامل مع واقع محرج ... فلديها (أوروبا) أولويات اقتصادية واستراتيجية مختلفة عن الولايات المتحدة، وهناك خطر دائم من خروج تلك الانقسامات إلى العلن".
ويشعر بعض زعماء الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالقلق من خطاب على غرار الحرب الباردة يستهدف الصين والبعض لا يحبون مصطلح "الخصم"، الذي تستخدمه واشنطن غالبا عند الإشارة إلى بكين، وفقا للصحيفة.
وقال راجنيش نارولا، خبير العلاقات الدولية في جامعة ريدينغ، لوكالة ((شينخوا)) "أعتقد أن هناك قدرا معينا من التعب (في أوروبا) بعد أربع سنوات من ترامب وأربع سنوات من التراجع ضد التحالف عبر الأطلسي، الناتو، وما إلى ذلك".
يعتقد الخبير البريطاني أن بايدن، الذي لم يتراجع عن كل ما فعله ترامب، لا يزال يدعو إلى شعار "أمريكا أولا"، فقط دون أن يقول ذلك بصوت عال.
وقال نارولا "لم يُظهر بايدن نية التراجع عن كل ما فعله ترامب. إنه يدرك أن هناك عددًا كافيا من الأشخاص الذين يصوتون في أمريكا ويهتمون بأجندة 'أمريكا أولا'. لذلك فهو يقول أمريكا أولا لكن دون استخدام هذه الكلمات".
كما وافق جوليان مولر كالر، الباحث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية الذي يتخذ من برلين مقرا له، على أن أوروبا ستكون "حذرة للغاية" عند التعامل مع العلاقات عبر الأطلسي.
وقال إن "الكثير من الأوروبيين سيكونون حذرين للغاية عندما يتعلق الأمر بهذا التجديد للعلاقات عبر الأطلسي".
وأضاف "لذلك أعتقد أنه سيكون تحديا لبايدن والقادة الأوروبيين أن يتوصلوا إلى مقترحات سياسية ملموسة بدلا من مجرد كلمات جيدة وجوفاء".