أقرت السلطات الصينية قانوناً لمواجهة العقوبات الخارجية، يوم 10 يونيو، وسيدخل القانون حيز التنفيذ ابتداءاً من يوم صدوره، ووفقًا لأمر الرئيس رقم 90 الموقع في ذلك اليوم.
قال عدد من المهنيين القانونيين في مقابلة صحفية مع "غلوبال تايمز " الصينية، إن إصدار قانون لمواجهة العقوبات الخارجية يعني أن الإجراءات الصينية المضادة للعقوبات الأمريكية في المستقبل ستكون أكثر منهجية وعلمية وسيادة القانون، وسيصبح القانون ضربة صينية قوية ضد "الولاية القضائية طويلة الذراع" للولايات المتحدة.
ويأتي قانون مواجهة العقوبات الخارجية الذي أقرته اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في وقت أقر فيه مجلس الشيوخ الأمريكي "قانون المنافسة والابتكار الأمريكي"، المصمم للتنافس مع الصين. وتُظهر المعلومات العامة أنه منذ عام 2018، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا ودول ومناطق أخرى مرارًا وتكرارًا ما يسمى بـ "عقوبات" ضد المؤسسات الحكومية، والمنظمات، والمسؤولين الصينيين بذريعة شؤون شينجيانغ، وهونغ كونغ الصينيتين. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركات الصينية، بما في ذلك هواوي، وزي تي أي، وتيكتوك.
ويعتقد بعض المحللين أن الإصدار السريع لقانون مواجهة العقوبات الخارجية يعني أن المنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة قد دخلت مرحلة "حروب القانون"، ولم تظهر العلاقة بين البلدين بوادر تهدئة جوهريا.
قال تيان فيلونغ، الأستاذ المشارك في معهد القانون لجامعة بكين للملاحة الجوية والفضائية وخبير في العملية التشريعية ذات الصلة، إن هدف تشريع قانون مواجهة العقوبات الخارجية واضح جدا. فمنذ وصول ترامب إلى السلطة، تواصل الولايات المتحدة فرض "الولاية القضائية طويلة الذراع" والعقوبات غير القانونية على الصين بناءً على قوانينها المحلية، وبعد أن تولى بايدن منصبه، لم يتحسن الوضع المعني فحسب، بل أصبح أسوأ، مما أجبر المجلس التشريعي الصيني على الإسراع في صياغة وإصدار القوانين ذات الصلة لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية، وفي نفس الوقت منع الدول الأخرى من اتباع مسار الدعوى والعقوبات.
ووفقا لتيان فيلونغ، فإن قانون مواجهة العقوبات الخارجية يشتمل بشكل أساسي على جانبين، أولاً، الحجب، أي منع الضرر الذي قد تسببه العقوبات الأجنبية غير القانونية في أول وقت فرضها، حتى لا تصبح هذه العقوبات نافذة المفعول. ثانياً، العقوبات المضادة، أي أنه، وفقًا للاحتياجات، يمكن للصين أن تختار فرض عقوبات مماثلة على الدول والمناطق التي تفرض عقوبات غير قانونية، أو عقوبات مضادة تجعل الطرف الآخر أكثر إيلامًا. كما ستشمل التدابير المحددة قيودًا على الدخول والخروج، وتجميد حسابات الأصول، وفرض عقوبات على الكيانات والأفراد المعنيين، على غرار "صندوق الأدوات" في "الولاية القضائية طويلة الذراع" للولايات المتحدة.
أعلنت وزارة الخارجية الصينية في العامين الماضيين، عن امكانية فرض الصين عقوبات مضادة ضد كيانات وسياسيين غربيين من أجل مواجهة العقوبات غير المعقولة ضدها من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى. وفي الوقت نفسه، أصدرت وزارة التجارة الصينية أيضًا "اللوائح المتعلقة بقائمة الكيانات غير الموثوق بها" و "تدابير منع التطبيق غير الصحيح للقوانين والتدابير الأجنبية خارج الحدود الإقليمية" في سبتمبر 2020 ويناير 2021، على التوالي، بالترتيب لحماية الشركات الصينية والمنظمات الأخرى أو الحقوق والمصالح المشروعة للأفراد.
من جانبه، قال خو تشانغشين، أستاذ في جامعة الصين للعلوم السياسية والقانون وخبير في القانون الدولي، إن التدابير المذكورة أعلاه هي في الغالب قواعد وأنظمة الإدارات الحكومية، وليس القوانين الوطنية، مما يعني أن تدابير مكافحة العقوبات ذات الصلة تظل على مستوى أساليب إنفاذ القانون الإدارية. ولا يزال هناك نقص في القانون الوطني الشامل لتوفير الدعم القانوني الشامل والتفويض التشريعي لتدابير مكافحة العقوبات. ويعد إصدار قانون مواجهة العقوبات الخارجية تحسنا للنظام القانوني ذي الصلة، وإثراء “الترسانة القانونية" لإجراءات الصين المناهضة للعقوبات. وفي المستقبل، يمكن وفقًا لاحتياجات ممارسات محددة، أن تصدر المؤسسات بما في ذلك مجلس الدولة والمحكمة العليا لوائح إدارية وتفسيرات قضائية مقابلة بناءً على الإذن بهذا القانون، وتنقيح نظام قانوني وتنظيمي أكثر تحديدًا بشكل تدريجي.
"من ناحية، يسهل هذا القانون على الصين في عملية اتخاذ الإجراءات المضادة للعقوبات الأجنبية. ومن ناحية أخرى، له تأثير رادع كبير، مما تحذير للحكومات الأجنبية النظر بتمعن لعواقب فرض العقوبات على الصين." قال وانغ جيانغيو، أستاذ القانون بجامعة مدينة هونغ كونغ: " إن الصين ستنفذ عقوبات مضادة، إذا شاركت الشركات والأفراد الأجانب في العقوبات، عندها ستواجه الأخيرة خسارة السوق الصينية، أو حالة تقلص فيها المصالح في السوق الصينية، ما يجب أخذه بعين الاعتبار."
يعتقد وانغ جيانغيو أن الصين تحتل مرتبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم منذ فترة طويلة، ولم تظهر قوتها أكثر من اللازم، لكن، في الوقت الحاضر، تغير النمط الدبلوماسي الصيني إلى حد ما، ولديها الشجاعة والاستعداد لاستخدام هذه القوة. وبالتأكيد أن تكون الإجراءات المضادة ذات الصلة فعالة للغاية بالنظر إلى الحجم الهائل للسوق المحلي الصيني.
كما أصبح بعض المسؤولين في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة أهدافًا لما يسمى بـ "العقوبات" التي بدأتها بعض الدول الغربية ضد الصين في السنوات الأخيرة. وقد أعربت كاري لام رئيسة تنفيذية جديدة لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة في 8 يونيو الجاري عن ترحيبها ودعمها لسن قوانين مواجهة العقوبات الخارجية في البلاد. ويعتقد تيان فيلونغ أنه من الضروري لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة أن تنتهز فرصة تصدير قانون مواجهة العقوبات الخارجية لتحسين اللوائح ذات الصلة، لعرقلة أو مواجهة العقوبات الأجنبية.