أصدرت الصين بيانات التعداد السكاني الوطني السابع في صباح يوم 11مايو الجاري، تعكس أحدث خريطة سكانية في الصين لمدة عشر سنوات، كما تدحض الشائعات حول تكهنات بعض وسائل الإعلام الغربية والأخبار المضللة عن الصين. وقال ليو تشيجون، نائب مدير مركز البحوث الاجتماعية بجامعة تشجيانغ: إن نظريات الأزمة المختلفة المحيطة بالبيانات الديموغرافية للصين لا يمكن أن تصمد. ومع ذلك، لا يمكن الإنكار بأن انخفاض معدل الخصوبة والشيخوخة في البلاد أصبحا من الظروف الوطنية الأساسية، وقد يصبح احتمال التباطؤ في النمو الذي يعني أن النمو السكاني السنوي الصفري سيأتي مبكرًا مشكلة حقيقية تواجهها الصين. "سيختبر هذا خطة الاستجابة للمجتمع بأكمله. "قال لو جيهوا، الأستاذ في قسم علم الاجتماع بجامعة بكين، إن الصين لديها مجال أكبر لمواجهة التحدي بسبب قاعدتها السكانية الكبيرة مقارنة بالدول الأخرى.
ما سبب أهمية بيانات التعداد السكاني في الصين؟ أجابت صحيفة " جنوب الصين الصباحية" في هونغ كونغ عن هذا السؤال في جملة واحدة يوم 11 مايو، هي أن التعداد العشري للسكان هو المفتاح لقياس التغيرات في حجم السكان وتنوعهم في الصين، وقد أصبح هذا أساسًا مهمًا للحكومة الصينية لصياغة السياسات المستقبلية. وذكرت صحيفة "الاقتصاد الآسيوي" لكوريا الجنوبية أن العالم الخارجي مليء بالفضول حول الاتجاهات الديموغرافية المستقبلية لـ "المصنع العالمي" لأنه سيكون له تأثير مهم على الاقتصاد العالمي والبنية العالمية. كما أدى تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية قبل الإصدار الرسمي في الصين نقلا عما يسمى بأشخاص مطلعين على الأمر قولهم إن الصين ستشهد أول انخفاض سكاني منذ عقود، إلى المزيد من اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية ببيانات التعداد السكاني.
لقد كشفت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في 11 مايو الجاري الشائعات الكاذبة التي يروجها الغرب حول انخفاض التعداد السكاني في الصين، وأظهرت نتائج التعداد أن إجمالي عدد سكان الدولة بلغ 1.41178 مليار نسمة بزيادة قدرها 72.06 مليون أي 5.38٪ مقارنة بـ1.33972 مليار في التعداد السادس لعام 2010، وبلغ متوسط معدل النمو السنوي 0.53٪، والذي كان منخفضا بـ0.04 نقطة مئوية عن العقد الماضي. وقال ليو تشيجون، إن الحجم الإجمالي للسكان والنمو السنوي في السنوات العشر الماضية يتماشى مع قانون التنمية السكانية بشكل عام، ولا يوجد تراجع في النمو ولا نمو سلبي. ومع ذلك، اكدت بعض وسائل الاعلام الأجنبية ان هذا هو " ابطأ معدل نمو لان الصين منذ الستينات". ومن وجهة نظر ليو تشيجون، فإن الادلة التي اعتمدتها وسائل الاعلام الاجنبية بشأن التشاؤم حول آفاق التنمية في الصين جراء قضية النمو السكاني غير صحيحة. وقال، إن السكان لم يعد مجرد عامل حاسم للتنافس بين الدول في هذه المرحلة من تطور المجتمع الوطني. وإن اعتماد على حجم السكان أو نسبة القوى العاملة بالمصطلحات التقليدية، كالدليل لنشر الشكوك حول مستقبل تنمية الصين هي طريقة التفكير في عصر التصنيع.
قال نينغ جيزه، مدير المكتب الوطني للإحصاء في الصين، إن ميزة السوق المحلية الواسعة النطاق في الصين ستستمر لفترة طويلة، وسيستمر العائد الديمغرافي في الوجود، علاوة على ذلك، ستستمر جودة السكان في التحسن، وستظهر المزايا الجديدة للعائد المواهب تدريجياً. وتظهر نتائج الإحصاء أن عدد سكان الصين في سن العمل يبلغ 880 مليونًا تتراوح أعمارهم بين 16 و59 عامًا، ويبلغ متوسط عمر السكان 38.8 عامًا، وهو لا يزال شابًا وقوياً. ومع ذلك، فإن الصين لم تتجنب المشكلة، وتدرك أن التحديات التي تفرضها شيخوخة السكان وانخفاض معدل المواليد باتت وشيكة.
وذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، أن رفع سن التقاعد أصبحت نقطة اجماع في أوروبا. وتعد الصين من الدول التي لديها أدنى سن للتقاعد في العالم، ويمكنها إرجاع لوائح سن التقاعد الحالية إلى الأيام الأولى لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، عندما كان متوسط العمر المتوقع للناس لا يزال منخفضًا نسبيًا.
مشكلة السكان ليست فريدة من نوعها في الصين فقط. حيث أن معظم البلدان في شرق آسيا تواجه نفس الصعوبات حتى لو لم تنفذ سياسة تنظيم الأسرة. ونقلت شبكة CNN عن تساي يونغ، أستاذ علم الاجتماع في جامعة نورث كارولينا قوله، إن الصين تتحول من دولة ذات خصوبة عالية ومعدل وفيات مرتفع إلى دولة ذات خصوبة منخفضة ومعدل وفيات منخفض، وتقوم بالتكيف الهيكلي حاليا. لكن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تحتاج إلى التعامل مع مشكلة الشيخوخة التي تعيق التنمية الاقتصادية. " العالم كله يخطو حاليا ً إلى هذا الواقع: نحن نتقدم في السن معًا."
"قد يستمر عدد سكان الصين في الانخفاض في السنوات القليلة المقبلة ، لكن هذا لا يعني أن هناك أزمة تقترب". ذكرت بلومبرج، إن عدد سكان اليابان بلغ ذروته في عام 2010، وانخفض عدد سكان كوريا الجنوبية للمرة الأولى في عام 2020. ومع ذلك، فإن جميع هذه البلدان لديها بنية تحتية من الدرجة الأولى، ومدارس ممتازة، ومستويات معيشية عالية ومزايا في سلسلة توريد التكنولوجيا، مما يمنحها الفرصة للازدهار على المدى الطويل. وإن تصوير الصين كمورد للعمالة الرخيصة اللامحدودة يجب أن يتم طرحه في كتب التاريخ. ونقلت بي بي سي عن سو يوي، كبيرة المحللين في وحدة المعلومات الاقتصادية في الصين، قولها إن السوق بحاجة إلى رؤية الدلالات الثرية لبيانات السكان. وأن تسارع عملية الشيخوخة يعكس الزيادة في متوسط العمر المتوقع، وتعني فرصًا أيضًا وراء هذه التحديات، مثل الطلب المتزايد على الخدمات الطبية ورعاية المسنين.