أنقرة 14 فبراير 2021 (شينخوا) على الرغم من بعض الإشارات الإيجابية، يقول محللون إن تركيا والولايات المتحدة ليستا في عجلة من أمرهما لإصلاح العلاقات المتوترة بينهما منذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن السلطة الشهر الماضي.
وقالوا إنه يتعين على البلدين التوصل إلى صفقة حاسمة من أجل إعادة ضبط سياساتهما المتباينة التي ضربت العلاقات بين الحليفين في الناتو في السنوات الأخيرة.
وبالنسبة إلى معظم المحللين، فمن المرجح أن تتخذ إدارة بايدن موقفا أكثر صرامة تجاه أنقرة مقارنة بسابقتها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ولكنها في الوقت نفسه ستحاول أيضا عدم عزل حليف الناتو تماما الذي سعى إلى تعزيز التعاون مع روسيا في السنوات الأخيرة.
وأشار المحللون إلى بعض الإشارات الإيجابية التي ظهرت منذ فوز بايدن بالانتخابات الأمريكية في نوفمبر العام الماضي.
وعين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم وصديقه المقرب مراد ميركان سفيرا جديدا في واشنطن، في خطوة يُنظر لها كـ"هجوم ساحر" باتجاه بايدن.
وقال أردوغان في ديسمبر الماضي في سياق تقليله من شأن شراء تركيا للصواريخ الروسية "نعتقد أن السيد بايدن سيهتم بالعلاقات التركية - الأمريكية ... إننا نريد فتح صفحة جديدة في العام الجديد".
وقال سنان أولغن، رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية (إدام) في اسطنبول، لوكالة ((شينخوا)): "إذا كان بايدن يريد إصلاح العلاقات الأمريكية مع تركيا، فسيتعين عليه القيام بذلك ليس فقط من أجل الولايات المتحدة ولكن من أجل المجتمع عبر المحيط الأطلسي بأكمله".
وأضاف: "خلال العقد الماضي، توترت علاقات أنقرة مع حلفائها الغربيين التقليديين لدرجة أن الطلاق من أسرة الدول الغربية لم يكن أمرا غير واقعي".
وقال أولغن إذا كانت إدارة بايدن لا تريد أن تفقد حليفها التركي، فإن "الطريقة الوحيدة للتوصل إلى إعادة ضبط مناسبة تتمثل في صفقة مع أردوغان"، مضيفا أن الفشل في ذلك قد يؤدي إلى خطر حدوث خلاف دائم في التوجه الغربي لتركيا وإعادة الاصطفاف الاستراتيجي مع موسكو.
وهناك العديد من القضايا الشائكة التي تخيم على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، بما في ذلك شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية أس-400، والدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية السورية، والقضية المرفوعة أمام إحدي المحاكم الأمريكية ضد شركة هالكي بانكاسي التركية المملوكة للدولة، والتي اتهمت بمساعدة إيران في التهرب من العقوبات الأمريكية.
وردت الولايات المتحدة على شراء تركيا لمنظومة أس-400 بتعليق مشاركة تركيا في برنامج الطائرات المقاتلة أف-35 واستهداف وكالة المشتريات العسكرية التركية بالعقوبات في ديسمبر الماضي.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن صفقة أس-400 بأنها علامة وامضة في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، مشيرا إلى أنه من غير المقبول أن يكون أحد الشركاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة "متماهيا مع أحد أكبر منافسينا الاستراتيجيين في روسيا".
ومع ذلك، أشار وزير الدفاع التركي خلوصي آكار إلى أن بلاده يمكن أن تقدم تنازلات بشأن الصواريخ، إذا قطعت الولايات المتحدة دعمها لقوات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة تهديدا أمنيا.
وأشار آكار إلى تركيب جيل سابق من الصواريخ الروسية للاستخدام المحدود في اليونان كنموذج محتمل.
وقال آكار في مقابلة مع صحيفة ((حريت)) اليومية في وقت سابق من هذا الأسبوع "قلنا إننا منفتحون على المفاوضات. لا يعني الأمر أننا سنستخدمها بشكل مستمر. هذه المنظومات تستخدم في حالة ظهور تهديد".
وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية، يعتقد المحللون أن كلا الجانبين يدرسان حاليا كيفية التعايش مع بعضهم البعض ضمن إطار من التوازن المتبادل من شأنه أن يشمل "الأخذ والعطاء" فيما يتعلق بنقاط الاحتكاك.
وقال المحلل السياسي سيركان دميرتاس لوكالة أنباء ((شينخوا)) "من المؤكد أنه من السابق لأوانه الحديث عن مسار العلاقات بين البلدين، لكن الأسابيع الثلاثة الأولى لم تكن بداية جيدة للغاية"، مشيرا إلى عدم وجود اتصال مباشر بين قادة البلدين.
وأشار دميرتاس إلى أن الاتصال الوحيد الذي تم بين الحليفين حتى الآن كان محادثة هاتفية في 2 فبراير بين كبير مستشاري الرئيسين، مشددا على أن هناك مجالا محدودا للتقدم في القضايا الشائكة.
وقال إنه يتعين على أنقرة وواشنطن إعطاء الأولوية لإدارة الأزمة لتشكيل علاقاتهما المستقبلية ضمن الحدود المقررة مع التركيز على المصالح المشتركة.
علاوة على ذلك، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة ترغب في العمل مع تركيا بشأن سياسات الشرق الأوسط، وخاصة الصراع الليبي وإيران، حسبما قال باتو كوسكون، الباحث في معهد البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومقره أنقرة.
وكتب في مقال نُشر في صحيفة ((صباح ديلي)) "لقد تجنبت الولايات المتحدة المنطقة لفترة طويلة لدرجة أن إعادة الانخراط ستكون قضية طويلة وصعبة وقد لا تسفر أبدا عن النتائج التي تأمل واشنطن في رؤيتها".