واشنطن 8 ديسمبر 2020 (شينخوا) قال الاقتصادي الشهير والمؤلف الأكثر مبيعا، جيفري ساكس، إن القضاء على الفقر المدقع في الصين هو "إنجاز تاريخي عظيم"، يجلب الأمل ويقدم الدروس للبلدان الفقيرة في العالم.
وأضاف ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، في مقابلة مع ((شينخوا))، مؤخرا، أن "هذه أخبار رائعة. إنه إنجاز تاريخي عظيم. لقد فعلت الصين الكثير للحد من الفقر المدقع، خلال فترة زمنية قصيرة، أكثر من أية دولة أخرى في التاريخ".
وفي ظل وباء كوفيد-19، لم تؤجل القيادة الصينية هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2020، بل اتخذت إجراءات قوية لاحتواء انتشار الفيروس واستمرت في مكافحة الفقر، وفقا لساكس الذي هو أيضا أحد كبار مستشاري الأمم المتحدة.
وأوضح قائلا إنه "بدلا من تأجيل الهدف، قالت الصين إننا بحاجة إلى وقف الفيروس. وأعتقد أن هذه كانت الإستراتيجية الصحيحة"، و"لا أحد يعرف ما إذا كان يمكن القيام بذلك، لكن الصين أظهرت أنه يمكن القيام بذلك".
لقد عمل ساكس مستشارا خاصا لثلاثة أمناء عامين للأمم المتحدة من عام 2001 إلى عام 2018، وهو حاليا مدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة. وقام بتأليف العديد من الكتب، ولا سيما كتاب "نهاية الفقر"، الذي كان من أكثر الكتب مبيعا وفقا لصحيفة ((نيويورك تايمز)).
زار ساكس الصين لأول مرة في عام 1981، وظل "يراقب عن كثب" تطور هذه الدولة الآسيوية لما يقرب من 40 عاما.
قال ساكس إنه إذا نظرنا إلى الوراء، فقد تبنت الصين مجموعة متنوعة من استراتيجيات التخفيف من حدة الفقر في فترات مختلفة، وإن الاستراتيجية الشاملة التي بدأت بحوالي عام 1980 كانت لتعزيز "تنمية اقتصادية واسعة النطاق".
وفي إشارته إلى أن الإصلاح والانفتاح أمران حاسمان، قال ساكس إن الصين حققت نموا عالي السرعة خلال العقود الماضية، وهو "استثنائي".
وأضاف "ذلك إنجاز رائع، وهو الجزء الأساسي في القضاء على الفقر".
وقال "ثم وجّهت الحكومة الموارد للتنمية البشرية، لا سيما التعليم والرعاية الصحية والتغذية اللائقة، ما أدى إلى سكان أكثر صحة وتعليما وإنتاجية".
ولأن المناطق الساحلية قد نمت بشكل أسرع من المناطق الداخلية، وجهت الصين الاهتمام إلى المناطق المتأخرة نسبيا وطرحت برامج خاصة لمعالجة هذه القضية، وفقا لقوله.
وأشار إلى أنه "لقد تعرفت على العديد من المقاطعات في غرب الصين، على الأقل كزائر، ورأيت أن هناك إصرارا من قبل المسؤولين المحليين ومسؤولي المناطق ومسؤولي البلديات، على جلب أعمال تجارية جديدة ووظائف جديدة وبنية تحتية جديدة. وكان ذلك أمرا رائعا جدا".
وبتصميم وخطط واضحة وسليمة واستثمارات في البنية التحتية، أصبحت المنطقة الداخلية مصدرا جديدا للنمو الاقتصادي، حسبما أوضح.
وخلال السنوات الأخيرة، ومع انخفاض معدل الفقر، وجهت الحكومة الصينية الاهتمام إلى أسر فردية لمعالجة المشاكل الخاصة بكل أسرة.
وأوضح قائلا "هناك استراتيجية تعمل على عدة مستويات"، و"إنه تقدم هائل في الرفاهية وهو أيضا إطار عمل قوي جدا".
ورغم تنوع الظروف في مختلف البلدان، لكن جهود الصين لتخفيف حدة الفقر، توفر دروسا قيّمة للبلدان النامية في جميع أنحاء العالم، وفقا لقوله.
وأضاف "هناك الكثير من الدروس حول التنمية طويلة الأمد، تأتي من تجربة الصين خلال السنوات الـ40 الماضية".
وطرح ساكس ثلاثة دروس هامة من تجربة الصين، أولها وضع أهداف واضحة.
وقال إن "الأهداف مهمة جدا في حياة الإنسان لأنها تجعلنا مركّزين. إنها تجعلنا نتقدم إلى الأمام"، و"غياب الأهداف قد يسهم فعلا في إضعاف المجتمع".
والدرس الثاني هو القدرة الجيدة على التخطيط، وفقا لساكس الذي ركز الضوء على اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين وهيكل التخطيط بأكمله.
وقال "إن إنشاء إطار قادر على التطلع إلى الأمام بطريقة منهجية، والتخطيط لآفاق تمتد من خمس إلى عشر سنوات لما يتعين القيام به، هو أمر بالغ الأهمية".
والدرس الثالث هو استراتيجية واسعة النطاق تجمع بين الاستثمار العام والنمو القائم على السوق في البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم، مشيرا إلى "أن الجمع بين الاثنين كان فعالا جدا".
ومع انخفاض عدد السكان الفقراء فى الصين، يتوسع دور الصين في الاقتصاد العالمي بعدة طرق، وفقا له.
وأوضح قائلا إن "طلب الصين على الواردات من الخارج يعزز التجارة والطلب بالعالم. والمعروض الهائل من الصين من البنية التحتية منخفضة التكلفة وعالية الجودة، أمر حيوي للدول النامية التي تهدف إلى توسيع بنيتها التحتية"، مضيفا "وكل ذلك يحقق فوائد هامة للاقتصاد العالمي".
ومع انتهاء الفقر المدقع، لا تزال هناك فجوات في مستوى المعيشة بين المناطق الحضرية والريفية في الصين، ولا تزال الإنتاجية في العديد من المناطق الريفية منخفضة نسبيا، حسب قوله.
وبالنظر إلى المستقبل، قال ساكس إنه يتعين على الصين أن تفعل ما كانت تفعله منذ عقود. وقال "آمل أن تحافظ الصين على وجهة النظر هذه على المدى الطويل، لأنها خدمت الصين بشكل جيد جدا".
وقال هذا الخبير الاقتصادي إنه يود أن يرى مبادرة الحزام والطريق "تتوسع فعلا" في السنوات المقبلة كوسيلة لخلق المزيد من الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والرقمية في البلدان النامية "كأساس لنموها الاقتصادي المستمر".
ودعا أيضا الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى العمل معا لمواجهة التحديات العالمية وبناء مجتمعات أكثر شمولا وعدالة، وتقليل عدم المساواة.