بكين 24 سبتمبر 2020 (شينخوا) إن ما مر به تطبيق مشاركة مقاطع الفيديو المصورة الشهير "تيك توك" على مدار الأشهر الأخيرة قدم للعالم مثالا حيا على القرصنة الحديثة والبلطجة التقنية اللتين تمارسهما الولايات المتحدة.
تحت الذريعة المبتذلة المتمثلة في حماية الأمن القومي، هددت واشنطن أولا بإغلاق عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة، قبل إجبارها على بيع نفسها لشركات أمريكية.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، بينما كان العالم يحتفل بالذكرى الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة، وهي أبرز مثال على التعددية والتعاون، عكفت واشنطن على زيادة حظها لمحاولة التهام هذه الخدمة الصينية على شبكات التواصل الاجتماعي. وتقول، بطريقة أخرى، إنها سترفض الموافقة على الاتفاق الذي توصلت إليه ((بايت دانس))، الشركة الأم لـ"تيك توك"، يوم السبت مع شركتي ((أوراكل)) و((ولمارت)) الأمريكيتين.
من خلال استخدام سلطة الدولة بشكل متكرر لقمع هذه الشركة الخاصة دون أي مبرر مناسب، رغم الاحتجاجات الواسعة من العديد من مستخدمي "تيك توك" ومخاوف مراقبي الصناعة، كشفت واشنطن عن نيتها الحقيقية ألا وهي: تنفيذ سرقة في وضح النهار.
إن ما تسميه بمخاوف الأمن القومي ليست سوى ورقة توت. فقد ذكرت ((بيزنس انسايدر)) ووسائل إعلام أخرى أن ساسة أمريكيين اتهموا "تيك توك" مرارا بسرقة معلومات المواطنين وتهديد الأمن القومي، لكنهم لم يعثروا على أي دليل. ووجد الخبراء، الذين فحصوا رمز "تيك توك" وسياساتها المتعلقة بالخصوصية، أنهما لا يختلفان كثيرا عن منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، بما في ذلك ((فيسبوك)).
وخلصت لويز ماتساكيس، مراسلة مجلة ((وايرد))، إلى أن "ممارسات جمع البيانات في "تيك توك" ليست فريدة بشكل خاص بالنسبة لعمل تجاري قائم على الإعلانات". وصرح مسؤول بالحكومة الألمانية لـ((بلومبرج)) بأن البلاد لم تر أي علامات على أن التطبيق يشكل خطرا على الأمن القومي. علاوة على ذلك، رفض الاتحاد الأوروبي اعتبار "تيك توك" تهديدا للأمن القومي.
لقد قوضت الحملة على "تيك توك" قواعد ونظام التجارة الدولية. "تيك توك" هي شركة تجارية بحتة؛ واستخدام السلطة الوطنية من قبل الولايات المتحدة لتطويقها وقمعها زعزع بشكل خطير عملية إرساء القواعد الاقتصادية والتجارية العالمية.
وقال أنيش شوبرا، الذي شغل منصب أول كبير مسؤولي التكنولوجيا في الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، في رسالة بعث بها بالبريد الإلكتروني إلى ((إن بي سي نيوز)) "أعتقد إنه في أي وقت تقوم فيه دولة قومية بإصدار حكم يمكن أو لا يمكن بموجبه تشغيل تطبيقات 'في الدولة' ... فإنها حينذاك توفر 'غطاء جويا' للدول لفرض ما يمكن أن أصفه بالحواجز التجارية 'غير الجمركية' ".
وبدون توافر بيئة عادلة ومستقرة، ستكون جميع الشركات متعددة الجنسيات، بما في ذلك الشركات الأمريكية، في خطر. فقد تفيد حملة واشنطن العشوائية على "تيك توك" منافسيها الأمريكيين مثل فيسبوك على المدى القصير، لكن مثل هذا السلوك على المدى الطويل سيفضي حتما إلى تقويض المناخ العالمي على حساب جميع المستثمرين.
من ((هواوي)) و((زد تي إي)) وصولا إلى "تيك توك" و"ويتشات"، كشف استهداف الولايات المتحدة لشركات التكنولوجيا الرائدة في الصين في السنوات الأخيرة محاولة واشنطن الحد من تنمية هذا البلد الآسيوي. فهذه القوة العظمى لديها تقليد يتمثل في قمع أي مؤسسة أجنبية تتحدى موقعها الرائد، حتى تلك الموجودة في الدول الحليفة، مثل ((توشيبا)) اليابانية و((ألستوم)) الفرنسية.
"تيك توك" هي منصة وسائط اجتماعية ناجحة، لكن الولايات المتحدة لا تريد رؤيتها تزدهر في السوق الحرة. وإذا ما سُمح للولايات المتحدة بأن تشق طريقها بحيلها وبلطجتها، فستفعل الشيء نفسه مرارا، وستقع المزيد من الدول والشركات ضحية.
وقالت وزارة التجارة الصينية يوم السبت في بيان نشرته عبر الإنترنت "إذا استمرت الولايات المتحدة في التصرف حسب هواها، فإن الصين ستتخذ تدابير ضرورية لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية بحزم".
لقد حان الوقت لأن ترى البلدان الأخرى حقيقة المهزلة الفاضحة لمسرحية "تيك توك"، وتعرف ما الشيء الذي يتعرض فعلا للخطر، وتتكاتف في معارضة مثل هذه السرقات الصارخة وفي الحفاظ على بيئة أعمال عالمية عادلة.