بكين 14 سبتمبر 2020 (شينخوا) سيعقد الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعا افتراضيا مع قادة ألمانيا والاتحاد الأوروبي اليوم (الاثنين)، في تجمع في غاية الأهمية وفي توقيته لتوجيه الشراكة بين الصين والاتحاد الأوروبي نحو مستقبل أكثر نضحا واستقرارا في عالم محفوف بالشكوك.
وهذا هو الاجتماع الثاني لزعماء الصين والاتحاد الأوروبي في خلال ثلاثة أشهر، كما يعد أحدث حلقة من التبادلات المنتظمة رفيعة المستوى بين الجانبين، مما يظهر أمل بكين وبروكسل الصادق بتعزيز التعاون الشامل وبناء عالم أكثر انفتاحا وحيوية ورخاء.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل 45 عاما، يواصل التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي اكتساب الزخم مع ازدهار التجارة الثنائية والاستثمار المتبادل وكذلك التبادلات الشعبية. كما يعمل الجانبان بشكل وثيق حول القضايا العالمية.
والآن، تجاهد البشرية للتعامل مع أزمة صحية عامة غير مسبوقة لم تُرى تقريبا منذ قرن ويحاول الاقتصاد العالمي امتصاص تأثير ربما أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.
لكن للأسف في عصر تشتد فيه الحاجة بشكل ماس إلى التعاون والتضامن، يطل شبح الانعزالية والحمائية برأسه القبيح.
وفي هذه اللحظة العصيبة، تحتاج الصين والاتحاد الأوروبي، اللذان يمثلان حوالي ربع سكان العالم وثلث إجمالي الناتج العالمي، إلى تكثيف جهودهما لتعزيز التعاون ودفع التنسيق للتعامل بشكل أفضل مع التحديات في حقبة ما بعد الجائحة.
وتتمثل المهمة الأكثر إلحاحا بالنسبة للصين والاتحاد الأوروبي في بناء شراكة لمكافحة الأوبئة للتغلب على الفيروس القاتل وتوجيه الاقتصاد العالمي باتجاه التعافي بأسرع وقت ممكن.
وبينما تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إعادة فتح بلدانها، يحتاج الجانبان أيضا إلى التركيز على كيفية مضاعفة استجابتهما الجماعية والمنسقة لتسهيل حركة الأشخاص والبضائع عبر الحدود مع بذل قصارى جهودهما لتقليل مخاطر الحالات الجديدة العابرة للحدود إلى أدنى حد. ويأتي إنشاء شبكة متعددة الجنسيات لتبادل المعلومات بشأن الأشخاص والسلع التجارية من بين الأمور الضرورية.
كما يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي إفساح المجال كاملا لمزايا كل منهما والعمل بشكل أوثق للإسراع في تطوير وإنتاج وتوزيع الأدوية واللقاحات الفعالة، والتأكد من أن إتاحة الوصول إلى الأدوات المنقذة للحياة وبأسعار معقولة.
وفي مجال الاقتصاد والتجارة، حجر الزاوية في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، تتقاسم بكين وبروكسل مستقبلا واعدا. في عام 2019، وصل حجم التجارة البينية إلى ما يقرب من 710 مليار دولار أمريكي، بزيادة 8 بالمئة على أساس سنوي. ولطالما كانت ألمانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2020، أكبر شريك تجاري للصين في أوروبا.
وبالرغم من الجائحة، لا يزال التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين قويا في عام 2020. وفي الأشهر الثمانية الأولى، كانت هناك 7601 رحلة لقطارات الشحن بين الصين وأوروبا، بزيادة 44 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
وإذا نظرنا إلى المستقبل، فمن المهم أيضا أن يوسع الجانبان كعكة مصالحهما المشتركة. ولذلك، يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي توحيد جهودهما في مفاوضات اتفاقية الاستثمار والبحث عن حلول للقضايا المتبقية لضمان إبرام اتفاقية شاملة في الوقت المناسب. وعلى هذا الأساس، يمكن طرح دراسة جدوى مشتركة لاتفاقية تجارة الحرة بين الصين والاتحاد الأوروبي على الطاولة.
علاوة على ذلك، يتعين على الجانبين العمل معا لفتح مجالات جديدة للتعاون، كما اقترح شي في الاجتماع الـ22 لقادة الصين والاتحاد الأوروبي في يونيو، لإقامة شراكة خضراء ورقمية بين الصين والاتحاد الأوروبي من خلال تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة والتمويل المستدام والتجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية.
وقد جاء أحدث نبأ سار لمستثمري الاتحاد الأوروبي في معرض الصين الدولي للتجارة في الخدمات في وقت سابق من هذا الشهر، عندما أعلنت بكين عن المزيد من الخطوات العملية لتوسيع فتح سوقها، بما في ذلك تطوير نظام القائمة السلبية لإدارة تجارة الخدمات عبر الحدود بشكل أفضل. وتسهيل وصول قطاع الخدمات إلى الأسواق وتوسيع واردات الخدمات عالية الجودة.
على الساحة الدولية، تلعب الصين والاتحاد الأوروبي دورا رئيسيا في الحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، وتحسين الحوكمة العالمية، بما في ذلك التصدي المشترك للأحادية والحمائية، ودعم الأدوار القيادية للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، ومعالجة القضايا العالمية الأكثر إلحاحا، مثل الوباء المستعر والإرهاب وتغير المناخ.
ولتحقيق ذلك، لا غنى عن الاتصال والتنسيق. وتحتاج الصين والاتحاد الأوروبي إلى بناء جسر من التفاهم المتبادل للتغلب على الخلافات الاجتماعية والسياسية ورفض كراهية الأجانب.
إن العلاقة بين الصين والاتحاد الأوروبي الممتدة منذ 45 عاما تظهر أن الجانبين يجمعهما الكثير من القواسم المشتركة أكثر مما قد توحي به خلافاتهما. ومن المعتقد أن الصين والاتحاد الأوروبي يمكنهما تعزيز مصالحهما الخاصة من خلال احترام الشواغل المشروعة والجوهرية لبعضهما البعض.
ومع استمرار تفشي الوباء وبقاء الأزمة الاقتصادية العالمية بعيدة عن الانتهاء، يصرخ العالم من أجل الحصول على المزيد من المساهمات من الصين والاتحاد الأوروبي. ويجب على الجانبين أن يقاتلا معا بأسنانهما وأظافرهما من أجل المستقبل المشترك للجميع.