القاهرة 17 يوليو 2020 (شينخوا) أكد خبراء صينيون ومصريون أهمية ومحورية التبادلات الثقافية، وأثارها في تعزيز العلاقات الإنسانية ما بين الجانبين في مرحلة ما بعد مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
وأشاد الخبراء، - خلال ندوة "مسار التبادل الأدبي بين الصين والعالم العربي بعد الوباء" التي عقدها المركز الثقافي الصيني بالقاهرة، اليوم (الجمعة)، عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" وشارك فيها عدد من الباحثين والمهتمين بالآداب والثقافة والعلاقات المصرية الصينية - بمستوى العلاقات الثقافية المتنامي بين مصر والصين في مختلف مجالات العمل الإبداعي.
وأكد الدكتور بسام شيوي تشينغ قوه الأستاذ في كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، أن "الأدب العربي أثبت تواجده في الصين عبر جهود أجيال من المترجمين"، .
وقال شيوي، في كلمته بالندوة، إن العرب امتلكوا منذ العصور الوسطى حتى العصر الحديث تراكما معرفيا غنيا عن الصين، انعكست فيه صورة ذاهية عن الحضارة الصينية والشعب الصيني، مفعمة بالحماسة والإعجاب، مشيرا إلى أن ما ساعد على هذه الصورة الحديث المأثور "أطلبوا العلم ولو في الصين".
وأضاف أن الأدب العربي الحديث لم يخل من ذكر الصين، على أيدي كبار الأدباء العرب ومنهم، جبران خليل جبران، الذي وضع الفيلسوفين الصينيين العظيمين كونفوشيوس و لاو تسي في مقدمة الأبطال الذين يقرروا أفكاره، وأيضا الأديب ميخائيل نعيمة الذي كان مولعا بالفكر "الطاوي" للفيلسوف لاو تسي بشكل خاص، وكذلك عبدالوهاب البياتي، ونزار قباني، والشاعر اليمني عبد العزيز المقالح، والروائي السوري حنا مينه، وأخرون كثيرون.
وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة قام الكثير من كبار الكتاب والأدباء والشعراء والمثقفين العرب بزيارة الصين منهم الشاعر السوري أدونيس الذي زار الصين 9 مرات خلال العشر سنوات الأخيرة، والأديب المصري جمال الغيطاني، وعبد المعطي حجازي ونوال السعداوي والشاعر العراقي سعدي يوسف وغيرهم.
ولفت شيوي إلى أن " حركة الترجمة بين اللغتين العربية والصينية لاتزال ناقصة وتعاني من بعض المشاكل والصعوبات"، مشيرا إلى أن التراث العربي القديم لم ينقل منه إلى اللغة الصينية سوى عدد قليل للغاية، بالإضافة إلى أنه لم يتم ترجمة أعمال كثيرة من الشعر والمسرح .
وأشار إلى أن مستوى ترجمة الأعمال الأدبية العربية إلى اللغة الصينية لم يكن بالمستوى المطلوب، لافتا إلى أن هذا السبب ربما يكون هو الذي يحول دون انتشار الأدب العربي بالصين.
وشدد على أهمية وضرورة أن تنشط حركة التبادلات الثقافية بين العرب والصين، في مرحلة ما بعد مرض فيروس كورونا الجديد بما يساهم أكثر وأكثر في تعزيز العلاقات الإنسانية بين الجانبين، وبما يعبر عما يمتلكه كل منهما من إرث حضاري وثقافي عريق، لا يعبر عنه بأي شكل من الأشكال الواقع الحالي رغم الجهود المكثفة المبذولة من الجانبين.
وأوضح أن أزمة كورونا يجب أن تكون دافعا محفزا للجانبين على بذل أقصى جهد في سبيل تعزيز التعاون المشترك وزيادة التقارب الثقافي والإنساني القائم بالفعل بين الصينيين والعرب.
من جانبه، قال الدكتور محسن فرجاني أستاذ اللغة الصينية بكلية الألسن بجامعة عين شمس والباحث والمترجم للتراث الأدبي الصيني، " لا أعتبر تفشي مرض كورونا مفصلا محوريا حادا في التاريخ، يختلف ما بعده عما كان قبله مثل الحرب العالمية الثانية ".
وأضاف فرجاني، في كلمته بالندوة أن المؤسسات الرسمية في الصين ومصر قامت بدورهام جدا في إطار تحقيق التبادلات الثقافية بين البلدين، مما ساهم في زيادة الزخم والتفاعل الثقافي بينهما.
ولفت إلى أن نتيجة الوضع الراهن ونظرا لتفشي مرض كورونا، أصبح هناك مساحة كبيرة للتواصل عبر شاشات التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت، مشيرا إلى أن أزمة كورونا السلبية أفرزت أمورا إيجابية من بينها إعادة اكتشاف واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت في التبادل الثقافي والأدبي بين الدول المختلفة، من خلال النشر الأدبي والثقافي.
ونوه إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه التبادلات الثقافية في تنفيذ ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية، وتأثيرها في تعزيز العلاقات على مختلف المستويات، ومواجهة محاولات التشوية سواء المتعمدة أو غير المتعمدة وتقديم صورة حقيقية صحيحة بعيدة عن التجاذبات الخارجية.
واستعرض فرجاني خلال الندوة اسهامات الصين عبر التاريخ في الأدب والثقافة والفن والحضارة، باعتبارها دولة حضارية من حقها أن تستعيد هذا الدور الحضاري المحوري.
وأعرب عن توقعه بأن تحقق الصين بعد جلاء أزمة كورونا نموذجا عالميا ثقافيا فريدا، مماثلا للنجاح الذي حققته في النموذج الاقتصادي لها، اعتمادا على ما تمتلكه الصين من إمكانيات وقدرات مادية وحضارية وثقافية وبشرية هائلة للغاية.