عقدت يوم الاثنين عبر دائرة الفيديو أعمال الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في دورته التاسعة برئاسة وزيري خارجية الصين وانغ يي، والأردن أيمن الصفدي. وشارك في الاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وأمينها العام أحمد أبو الغيط. وأعرب المشاركون عن أملهم في أن يكثف الجانبان التعاون وأن يتكاتفا في التغلب على الصعوبات.
لقد أثرت أزمة كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي، لكنها لم تهز ثقة أصحاب الأعمال في الصين والدول العربية. ومن إعادة فتح بعض الأسواق والمصانع والمقاهي تدريجيا بشكل حذر وتحت إجراءات وقائية دقيقة، وصولا إلى توسيع ودفع التجارة الإلكترونية، أخذ رجال الأعمال والعمال الصينيون والعرب يسرعون من وتيرة استئناف الإنتاج بشكل تعاوني.
ومثالا على ذلك "الوردة الشامية"، التي يصفها السوريون بأنها "أغلى من الذهب وأبقى من النفط". وبالنسبة إلى رولا علي أديب وهي صاحبة شركة سورية لاستخراج زيت الوردة الشامية، تعتبر هذه الزهور بمثابة شريان للحياة وأيضا جسر بينها وبين السوق الصينية الهائلة.
فقد شاركت رولا في الدورتين الأولى والثانية من معرض الصين الدولي للواردات الذي أقيم في شانغهاي في عامي 2018 و2019، لتنشيء علاقات تجارية قوية مع السوق الصينية. وعلى الرغم من تفشي كوفيد-19 منذ بداية العام الجاري، لكن تحدوها الثقة لأن قيمة الصفقات التجارية بين شركتها والشركات الصينية زادت خلال العامين الماضيين بواقع حوالي 10 أضعاف.
ومع عودة حركة النقل إلى الوضع الطبيعي تدريجيا، أكدت دونغ جينغ يان، شريكة رولا في الصين، أنها حصلت على مجموعة من المنتجات السورية في منتصف مايو، رغم تأخر موعد الوصول لأكثر من شهرين، قائلة إنه "رغم أزمة كوفيد-19، مازال البيع عبر الإنترنت ممتاز لأن هيكل التجارة الإلكترونية في الصين تطور على مدى عدة سنوات ويرتكز على أسس قوية ويحظى بعدد هائل من الزبائن". وأشارت إلى أن المنتجات السورية تباع الآن على 6 منصات إلكترونية في الصين وتُعرض في سوق يضم ملايين الزبائن.
كما يُباع البرتقال المصري الذي دخل السوق الصينية منذ الدورة الأولى من معرض الصين الدولي للواردات، على منصات التجارة الإلكترونية الصينية بحجم كبيرة. ووفقا للبيانات المصرية الأخيرة، فقد تم تصدير 100 ألف طن من البرتقال الطازج إلى الصين في العام الجاري. فخلال الإجراءات المكثفة للحد من تفشي الفيروس، فضّل غالبية الناس شراء الأغذية عبر الإنترنت.
أما بشار نقاوة، الموظف بمقهى "بيت جدي" السوري في مدينة ييوو بمقاطعة تشجيانغ في جنوب الصين، فقال إن "التجارة الإلكترونية تطورت بشكل ملحوظ مؤخراً، وان الصين لها باع طويل في هذا المجال". كما أشار عمر خليل، صاحب المقهى، إلى أنه خلال الشهور الماضية، اعتمدت أعمال المقهى على البيع عبر الإنترنت.
وتشير الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني الصيني للإحصاءات إلى أن مبيعات التجزئة عبر الإنترنت للسلع المادية على الصعيد الوطني ارتفعت في الفترة من يناير إلى مايو بنسبة 11.5 في المائة على أساس سنوي، وهو ما يمثل 24.3 في المائة من إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية.
ووفقا للبيانات الصادرة عن مصلحة الدولة للبريد في الصين، ارتفع حجم أعمال التوصيل السريع في مايو بنسبة 41 في المائة على أساس سنوي، وزادت إيرادات الأعمال بنسبة 25 في المائة على أساس سنوي.
أما خلال عيد "قوارب التنين" التقليدي الصيني، الذي امتد من 25 إلى 27 يونيو، فقد قامت شركات البريد السريع بإرسال إجمالي 651 مليون قطعة من الطرود، بزيادة قدرها 47.68 في المائة، وفقا لبيانات مصلحة الدولة للبريد في الصين.
وأشارت البيانات الصادرة عن ((تشاينا يونيون باي))، الشركة الصينية العملاقة في مجال الدفع بالبطاقات، إلى أنه خلال العطلة التي استمرت ثلاثة أيام، بلغت قيمة المعاملات التجارية عبر الإنترنت 952.1 مليار يوان (134.5 مليار دولار أمريكي)، بزيادة سنوية نسبتها 3.6 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وقامت المنصات المرتبطة بالإنترنت بتداول إجمالي 1.97 تريليون يوان في معاملات الدفع عبر الإنترنت، بزيادة سنوية نسبتها 25 في المائة.
جدير بالذكر أن الدورة الثالثة من معرض الصين الدولي للواردات من المقرر أن تُعقد خلال الفترة من 5 إلى 10 نوفمبر من هذا العام، وتم بالفعل حجز أكثر من 90 في المائة من مساحة المعرض المخطط لها. وترى لو هونغ يان، نائبة مدير معهد التداول والاستهلاك بمعهد البحوث بوزارة التجارة الصينية أن "الإمكانات الاستهلاكية الضخمة في الصين شكلت نقطة جذب قوية للعارضين الأجانب".
وفي هذا الصدد، قالت دونغ إنها تتواصل مع رولا وغيرها من المنتجين السوريين لجلب المزيد من منتجاتهم إلى متجرها الإلكتروني، كما قامت بتسجيل مشاركة شركات سورية في الدورة الثالثة من المعرض.
وفي ظل تأثير كوفيد-19، تتسارع وتيرة تغير أنماط التجارة في أنحاء العالم، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، زادت قيمة المبيعات على الإنترنت بواقع 49 في المائة في إبريل، وفقا لما ذكرته شركة ((أدوبي أناليتيكس)).
أما في منطقة الشرق الأوسط، فقد دخلت العديد من شركات البيع عبر الإنترنت مؤخرا في شراكة مع شركة الدفع للانتقال إلى مدفوعات بدون تلامس 100 في المائة للحد من انتشار الفيروس. وبحسب بيان ((دبي كوميرسيتي))، من المتوقع أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية إلى 95.42 مليار درهم (ما يعادل 25.98 مليار دولار أمريكي) في الشرق الأوسط، و40.37 مليار درهم (ما يعادل 10.99 مليار دولار أمريكي) في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد أجرت ((آد كولوني))، وهي شركة كبرى لإعلانات وتسويق أجهزة الهاتف المحمول، استطلاعا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول استخدام الهاتف المحمول خلال موسم رمضان 2020 وسط كوفيد-19. وأظهر الاستطلاع أن 82 في المائة من المتسوقين يقومون بالتسوق داخل تطبيقات الهاتف المحمول وعبر الإنترنت في رمضان؛ و51 في المائة من المتسوقين يفضلون الشراء داخل التطبيقات خلال الشهر المبارك.
وفي هذا الصدد، حققت الصين والدول العربية نتائج ممتازة في التعاون فيما بينهما. ووفقا للبيانات الصادرة عن شركة "جولي شيك" الصينية للتجارة الإلكترونية التي لها فروع في السعودية والإمارات والأردن، ارتفعت مبيعات منتجات التجميل والشعر بنسبة 110 في المائة في شهر مارس مقارنة مع فبراير، وعلى رأسها ماكينة حلاقة الشعر الكهربائية، لدرجة أن مشاهدة النسخة العربية من مدونة فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان "تعلم كيف تقص شعرك" قفزت سريعا إلى 1.65 مليون مشاهدة - وهكذا استطاعت الماكينة أن تجعل من "قص الشعر في المنزل موضة جديدة".
وفي نفس السياق، ذكرت مي يوسف مديرة العلاقات العامة والحكومية بالشركة أن ميزان الحرارة من الجبهة، ومقصات الشعر، والثقالات الحديدية، وسجاد اليوغا، وأجهزة التليفزيون، والهواتف المحمولة قفزت إلى قائمة المبيعات. لقد كان الناس يتجهون إلى منصات التجارة الإلكترونية في مواسم التنزيلات، ولكنهم باتوا الآن يشترون ما يحتاجونه عبر الإنترنت. وتعد منطقة الشرق الأوسط أحد أسرع أسواق التجارة الإلكترونية نموا في العالم بأسره. ومن المتوقع أن يشهد التعاون الصيني العربي طفرة من شأنها أن تضخ زخما في الانتعاش الاقتصادي تحت إطار مبادرة الحزام والطريق.