تقرير إخباري: وزراء الخارجية العرب يؤكدون العمل على استعادة الدولة الليبية الوطنية بعيدا عن أي تدخلات خارجية

القاهرة 23 يونيو 2020 (شينخوا) أكد وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم الطارئ اليوم (الثلاثاء)، على ضرورة العمل على استعادة الدولة الليبية الوطنية ومؤسساتها لدورها في خدمة الشعب الليبي بعيدا عن أي تدخلات خارجية.

وشدد مجلس الوزراء العرب، خلال اجتماعه عبر تقنية "الفيديو كونفرانس"، على رفض وضرورة منع التدخلات الخارجية أيا كان نوعها ومصدرها التي تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين الإرهابيين الأجانب إلى ليبيا، وكذلك انتهاك القرارات الدولية المعنية بحظر توريد السلاح بما يهدد أمن دول الجوار الليبي والمنطقة.

ولفت مجلس الوزراء إلى أن التسوية السياسية بين جميع الليبيين بمختلف انتماءاتهم هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار إليها والقضاء على الإرهاب، معربين عن القلق الشديد من أن التصعيد العسكري الخارجي يفاقم الوضع المتأزم في ليبيا ويهدد أمن واستقرار المنطقة ككل بما فيها المتوسط، مع التأكيد على ضرورة وقف الصراع العسكري.

ورحب المجلس الوزاري العربي بكافة المبادرات والجهود الدولية وجهود دول الجوار الرامية إلى وقف العمليات العسكرية واستئناف العملية السياسية في ليبيا برعاية الأمم المتحدة.

كما رحب بإعلان القاهرة بشأن ليبيا الصادر في السادس من يونيو الجاري والذي يرتكز على أن الحل في ليبيا يجب أن يستند إلى الاتفاق السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن ذات الثلة ومخرجات مؤتمر برلين والقمم والجهود الدولية الأممية السابقة التي نتج عنها طرح لحل سياسي شامل يتضمن خطوات تنفيذية واضحة في المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية واحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والطلب من كافة الأطراف الليبية والدولية التعاطي بإيجابية مع هذه المبادرات.

ونوه المجلس إلى ضرورة التوصل الفوري إلى وقف دائم لإطلاق النار، والاتفاق على ترتيبات دائمة وشاملة لتنفيذه والتحقق من الالتزام به من خلال استكمال أعمال مسار المباحثات الدائرة في إطار اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" بجنيف برعاية الأمم المتحدة.

ودعا المجلس الوزاري إلى العودة السريعة لمفاوضات الحل السياسي واستكمال تنفيذ مسارات مؤتمر برلين في جانبيها السياسي والاقتصادي لتحقيق تسوية شاملة للأزمة، تمهيدا لإجراء انتخابات لتتاح الفرصة للشعب الليبي لاختيار ممثليه بحرية والانتقال لبناء الدولة الديمقراطية المدنية.

وعقد الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، برئاسة سلطنة عمان، وبناء على طلب مصر، لبحث تطورات الأزمة الليبية.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته بالجلسة الافتتاحية للاجتماع، إن الوضع في ليبيا حاليا جد خطير، وهو مرشح للاشتعال بشكل أكثر خطورة، والأمر يستلزم معالجة عربية أكثر قوة، وإرادة سياسية للحفاظ على البلاد من التدخلات والأطماع الأجنبية، ومن ثم إخراجها من دوامة الاقتتال والانشقاق والاضطراب بالشكل الذي يستحقه وينشده الشعب الليبي.

وأكد أبو الغيط أنه لا سبيل سوى الحل السياسي الشامل لتسوية الأزمة الليبية بكافة جوانبها، وبشكل يعالج جذور الأسباب التي ساهمت في إذكاء الصراع وتعميق الخلاف، وذلك عبر عملية سياسية جامعة، بمساراتها الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وشدد على أن أية ترتيبات لوقف إطلاق النار لن تنجح أو تصمد طويلا على الأرض ما لم تكن مصحوبة بالتزامات وأحكام واضحة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وتفكيك وتسريح الميليشيات المسلحة التي تعمل كلها خارج سلطة الدولة، والحيلولة دون استمرار التدخلات العسكرية الأجنبية التي لا تهدف إلا لتحقيق أطماع ومصالح القائمين عليها.

من جانبه، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن بلاده لم ولن تتهاون مع الإرهاب وداعميه، ولن تتوانى عن اتخاذ كل إجراء كفيل بمنع وقوع ليبيا وشعبها تحت سيطرة الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة.

وحذر من تبعات مواصلة التدخلات الأجنبية على الأراضي الليبية لدعم تلك الجماعات والميليشيات، وسياساتها التخريبية عبر نقل المرتزقة الأجانب والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا، بما يزعزع الاستقرار والأمن الداخلي الليبي.

واعتبر ذلك يمثل تهديدا جسيما للأمن القومي العربي على نحو يحتم تكاتف الدول العربية لوضع حد لتلك الممارسات المزعزعة للسلم والأمن الإقليمي والدولي.

كما جدد التأكيد على موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية، وحرص بلاده على الانخراط في جميع المبادرات الدولية الهادفة للتوصل لتسوية سياسية في ليبيا، وصولا إلى احتضان المبادرة السياسية الليبية/ الليبية في إعلان القاهرة، مشيرا إلى أنها جاءت متسقة بشكل كامل مع خلاصات برلين والقرارات الدولية ذات الصلة بليبيا.

وشدد شكري على اهتمام مصر البالغ بإنجاح كافة مسارات برلين السياسية والاقتصادية، فضلاً عن مسار "5+5 " الذي سيضع الترتيبات الأمنية والعسكرية المتوافق عليها، مؤكدا دعم مصر بقوة لهذا المسار بالتنسيق مع جهود الأمم المتحدة.

وأشار إلى أهمية العمل على استعادة الاقتصاد الليبي عافيته، عبر إصلاح المؤسسات تحت نظر البرلمان، وتفعيل مؤسسة النفط والبنك المركزي في إطار من الشفافية والتوزيع العادل للثروة والرقابة على أوجه الصرف، وهي الأمور التي ستناقش ضمن المسار الاقتصادي الذي تساهم مصر بقوة في دفعه.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أكد في كلمة له خلال تفقده لعدد من الوحدات العسكرية بالقرب من الحدود الليبية يوم (السبت) الماضي، أن "أي تدخل مباشر من الدولة المصرية (في الأزمة الليبية) باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة (حق الدفاع عن النفس) أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي (مجلس النواب الليبي)".

وأوضح الرئيس المصري، أن أهداف هذا التدخل ستكون "أولا: حماية وتأمين الحدود الغربية لمصر بعمقها الاستراتيجي من تهديدات الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، وثانيا: سرعة دعم استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية باعتباره جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومي العربي، وثالثا: حقن دماء الأشقاء من أبناء الشعب الليبي شرقا وغربا لتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار ومنع أي من الأطراف تجاوز الأوضاع الحالية"".

وتعاني ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 من فوضى أمنية وصراع على السلطة.

وتوجد حكومتان في هذا البلد الغني بالنفط، إحداهما في العاصمة طرابلس، وهي حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج وتحظى باعتراف دولي، والأخرى في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان و"الجيش الوطني"، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.