تعليق: بين المخابر والاقمار الصناعية .. هل بحث جامعة هارفارد حول " كوفيد -19" يستند الى حركة المرور يمتلك قدر من الدقة والمصداقية؟

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  2020:06:12.15:19

نشر فريق في كلية الطب بجامعة هارفارد في الآونة الاخيرة ورقة بحثية أظهرت أن فيروس كورونا الجديد ربما قد كان ينتشر في الصين في اغسطس من العام الماضي، وذلك استنادا إلى صور بالأقمار الصناعية لنمط حركة المرور بقرب من المستشفيات وبيانات ذات الصلة محرك البحث بايدو. كما نشر ترامب بسرعة على تويتر صورة لشبكة فوكس نيوز لتغطية نتائج البحث، استخدامها كـ"قذائف" لمهاجمة الصين.

للوهلة الأولى، الصوة التي نشرها ترامب تظهر صورة الأقمار الصناعية غير مفهومة. كيف التقطت صورة الأقمار الصناعية فيروس كورونا الجديد؟ أما تقرير سي أن أن، فقد ذكر ان الدراسة اكتشفت أن عدد السيارات في موقف السيارات في خمسة مستشفيات في ووهان زاد بشكل ملحوظ في أواخر الصيف وأواخر الخريف بالمقارنة مع نفس الفترة في عام 2018. وقد أشار الباحثون في دراستهم الى وجود 171 سيارة في موقف للسيارات في أحد مستشفى في ووهان، وذلك استنادا الى صورة الأقمار الصناعية من أكتوبر 2018. بعد عام، وفي نفس موقف للسيارات، كان هناك 285 سيارة في الموقف، بزيادة قدرها 67٪. وفي الوقت نفسه، زاد حجم البحث عن الكلمتين الرئيسيتين "الإسهال" و "السعال" على محرك البحث الصيني على الإنترنت بايدو.

هذا أمر سخيف: هل بدأت جامعة هارفارد في الاعتماد على ما يسمى "صور الأقمار الصناعية" و "محرك بحث" لإجراء بحث أكاديمي على بعد آلاف الأميال؟ يبدو أن هذا النوع من "الأكاديمي السحابي" يتماشى مع لقب "الابتكار" لجون براونشتاين ــ ــ كبير مسؤولي الابتكار في مستشفى بوسطن للأطفال. لكن، ما المسافة بين هذا البحث المبتكر عن بعد مع العلم والحقيقة؟

نشرت وسائل الإعلام الأمريكية صورة لموقف السيارات في مستشفى هوبي لصحة الأم والطفل التي استخدمها فريق في كلية الطب بجامعة هارفارد. توصل تحقيق “غلوبال تايمز" إلى أن المستشفى قيد إعادة الإعمار. وأكد أحد العاملين بالمستشفى أن الموقف للسيارات الذي تظهرها صورة القمر الصناعي، تم الانتهاء من البناء مؤخرًا فقط.

قال خبراء الأقمار الصناعية الذين قابلتهم صحيفة " غلوبال تايمز"، إن صور الأقمار الصناعية هذه لم يتم التقاطها من نفس الزاوية. على سبيل المثال، في مستشفى تشونغ تشان، هناك عدد أقل من المركبات في صور 2018، فقط لأن السيارة كانت مغطاة من قبل المبنى لأنها تم التقاطها من زاوية مائلة. لكن عندما تؤخذ من زاوية عمودية، هناك المزيد من المركبات في الصورة.

ماذا يمكن أن تعني 100 سيارة إضافية في موقف للسيارات بالنسبة للمدينة الكبيرة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة؟ وفقًا لبيانات حكومة ووهان، في مارس 2019، بلغ عدد السيارات في المدينة 3.2 مليون، بزيادة قدرها 278000 مقارنة بعام 2018.

وقال أحد السكان المحليين في ووهان لوسائل الإعلام الصينية إن موقف السيارات في مستشفى هوبي لصحة الأم والطفل الذي تم تصويره على صورة القمر الصناعي ليس ساحة انتظار خاصة بالمستشفى، ولكن يتم استخدام موقع البناء المؤقت الخامل مؤقتًا كموقف للسيارات أثناء تجديد المستشفى. ومن 2018 إلى 2019، كان هناك المزيد من أماكن وقوف السيارات مع استمرار توسع موقع البناء. ويقع مستشفى هوبي لصحة الأم والطفل في المنطقة التجارية في جيداو كو في ووهان، وقد وجد العديد من الموظفين المحيطين أن هناك أماكن لوقوف السيارات في المستشفى، ومن الطبيعي تمامًا اختيار موقف سيارات هنا.

حاليا، لم تتم مراجعة الدراسة من قبل الأقران. ومع ذلك، فقد جذب هذا التقرير الأكاديمي اهتمامًا من جميع مناحي الحياة لأن "كورونا الجديد" موضوع تم تسييسه منذ فترة طويلة من قبل السياسيين الأمريكيين. وفي 10 يونيو، استجابت منظمة الصحة العالمية بقولها إنه يمكن استخدام المعلومات الجغرافية المكانية لتتبع تغير المناخ، وهجرة السكان، والتلوث البيئي، وما إلى ذلك. إنها أداة مفيدة. ولكن، لا يمكن المبالغة في تفسير التغيرات في عدد السيارات في ساحة انتظار السيارات بالمستشفى، ثم "القفز" بخطوتين أو ثلاث لاستخلاص استنتاج مفاده أن هذا مرتبط بوباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد، وهذا الدليل نفسه لا يمكن استنتاج أي شيء.

وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ يوم 9 يونيو الجاري إلى أنه من السخافة استخلاص استنتاجات استنادا فقط لبعض المظاهر مثل تدفق حركة المرور.

وقالت هوا تشونينغ: "رأيت تقريرًا حديثا يشير الى أن شركة سييرا نيفادا، وهي أحد مقاولي وزارة الدفاع الأميركية، قد أصدرت تقريراً مماثلا، وخلص أيضا الى أن معهد ووهان للعلوم الفيروسية منشأ الفيروس، وذلك بالاعتماد على بيانات حركة المرور. ولكن سرعان ما دحض (موقع) "ديلي بيست" التقرير. وتابعت هوا لافتةً إلى أنّ الموقع الأميركي استعرض وقائع مفصلة تثبت أنّ ما يسمى بـ " الأدلة" المذكور في تقرير سييرا نيفادا مليئة بالثغرات.

واشارت هوا تشونينغ إلى وجوب احترام العلم في قضية الفيروسات. حيث أن الانترنت مليء بتقارير مختلفة، بما فيها ما صدر من تقرير عن وسائل الاعلام الامريكية في الخريف الماضي التي تشير الى الالتهاب الرئوي الناجم عن السجائر الالكترونية وغيرها من التقارير الأخرى التي لا يزال يتعين تركها للعلماء، والاستماع الى استنتاجات أبحاثهم بناءا على الواقع. وأضافت: "المهمة المشتركة التي تواجه الصين والولايات المتحدة والمجتمع الدولي الآن هي الكفاح بحزم ضد المعلومات الكاذبة، والعمل المشترك يقضي بمكافحة وهزيمة الجائحة."