قبل أيام عثرت الشرطة البريطانية على 39 جثة في شاحنة بضائع كبيرة. ودون أن تتأكد من جنسية الضحايا سارعت وسائل الإعلام البريطانية إلى القول أنهم صينيون، محاولة استغلال هذه الحادثة لاثارة جلبة اعلامية حول الصين.
لايزال الحادث يكتنفه الغموض، وما زال هناك ضباب يجب ازالته، لكن مايمكن تأكيده أن الضحايا ليسوا جميعهم صينيون. وبغض النظر عن جنسية الضحايا، فإن مصيرهم البائس يثير الحزن والتعاطف. ومثلما ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، بغض النظر عن بلد الضحايا، فإن هذه الحادثة تعد مأساة، ونحن نشعر بالحزن إزاء ذلك.
لكن التعاطي الغريب من قبل وسائل الاعلام الغربية كان مدعاة للأسف، على سبيل المثال وجه مراسل قناة "سي ان ان" الأمريكية إلى المتحدثة باسم الخارجية الصينية أثناء مؤتمر صحفي دوري سؤاله الآتي: " لماذا يغادر المواطنون الصينيون بلادهم بهذه الطريقة القاسية؟ وكيف يمكن أن تفسروا ذلك للعالم الخارجي؟ "
لقد ظن هذا المراسل نفسه ذكيا بطرحه هذا السؤال الصعب، لكن ذلك كشف عن جهله وغبائه، لأنه وصف بشكل دقيق الضحايا بأنهم "مواطنين صينيين"، وسؤاله خاطئ طالما استند إلى اساس خاطئ.
قبل حتى أن تتحقق الشرطة البريطانية من جنسية الضحايا، هرعت وسائل الاعلام البريطانية لكتابة المقالات الطويلة والعناوين العريضة حول الصين من " تجار البشر الصينيون يقتلون 39 مهاجرا غير شرعي"، إلى "المهاجرون الصينيون من مقاطعة فوجيان الفقيرة"؛ ومن "الازدهار الصيني ظاهرة سطحية"، إلى "الصين ثاني اقتصاد عالمي، فلماذا يخاطر مواطنوها بحياتهم للهجرة إلى بريطانيا؟".
ولنا أن نتسائل أين ذهبت المهنية وأخلاقيات العمل الصحفي في هذه الاخبار التي كتب بأسلوب الرواية وتحاول الصيد في المياه العكرة. فكيف يمكن الثقة في مثل هذه الأخبار، وهي لاتحترم الحقائق ولاتتقيد بالمسؤولية.
في الحقيقة، إذا كنت متعودا على متابعة وسائل الاعلام الغربية، فلن تجد هذه التقارير من محض صدفة. ففي كل مرة يتم التقاط حدثا عاما حول الصين، وخاصة ما يسمى بالأحداث السلبية، يكون ذلك بمثابة كنز بالنسبة لوسائل الاعلام الغربية، فيبدؤون بالسخرية ثم التلاعب بالحقائق ثم تشويهها.
لكن هذا اللعب سيؤثر في النهاية على مصداقية وسائل الاعلام الممارسة له ويتحول إلى وصمة في وجهها. والتشبث بالأفكار النمطية سيجعلها في النهاية تنحرف عن الحقائق، ومن المستحيل الحصول على النوايا الحسنة طالما عملت وسائل الاعلام الغربية على التمسك بنظرة عدائية تجاه الاخر. ومن الطبيعي أن لاترى وسائل الاعلام الغربية الحقيقة واضحة وهي تنظر إلى الامور من خلال نظارات ملونة، بل ستجعل بممارساتها الناس يكتشفون حقيقتها البشعة.
ان المركبات النمطية هي نتاج الجهل، ونحن ندعو وسائل الاعلام الغربية التي تحمل هذه المركبات أن تتخلّى عن الجهل وتنزع نظاراتها الملونة. وساعتها فقط يمكنها أن تنظر بوضوح إلى العالم وتعرف نفسها جيدا.