الأقصر، مصر 10 أكتوبر 2019 (شينخوا) أعلن عالم المصريات المعروف زاهي حواس، يوم الخميس عن اكتشاف أول منطقة صناعية ترجع للأسرة الثامنة عشر في وادي الملوك الغربي، المعروف باسم "وادي القرود"، في محافظة الأقصر جنوب القاهرة.
وقال حواس، وهو وزير آثار أسبق، في مؤتمر صحفي حضره وزير الآثار الحالي خالد العناني، إن بعثة أثرية مصرية برئاسته نجحت في العثور على 30 ورشة متخصصة في تصنيع وتجهيز الأثاث الجنائزي الخاص بمقابر الملوك.
وشكلت هذه الورش، حسبما أوضح حواس لوكالة أنباء ((شينخوا))، أول منطقة صناعية يتم اكتشافها في وادي القرود، ومن بين هذه الورش ورشة لتصنيع الذهب، وأخرى للفخار.
وأشار حواس إلى وجود "حفرة للتخزين، وفرن لحرق الفخار، وتانك (خزان) للمياه" داخل المنطقة الصناعية.
وعثرت البعثة أيضا على خاتمين من الفضة، وكميات كبيرة من العناصر الزخرفية، التي استخدمت في تزيين التوابيت الخشبية في عصر الأسرة الـ18، بالإضافة إلى رقائق من الذهب، وبعض العناصر الزخرفية التي كان يطلق عليها "جناح حورس"، وفقا لحواس.
وتعد الأسرة الـ18 أكثر الأسر المصرية القديمة شهرة، لكونها تضم فراعنة مثل توت عنخ آمون وحتشبسوت وأخناتون وأحمس.
وامتد عصر هذه الأسرة خلال الفترة من 1550 إلى 1292 قبل الميلاد.
وتتكون البعثة المصرية التي يترأسها حواس في وادي القرود من 120 عامل ومنقب، وبدأت البعثة في الأساس عملها في وادي الملوك الغربي للبحث عن مقابر الملكة نفرتيتي وابنتها والملكة عنخ إس إن آمون زوجة الملك توت عنخ آمون، حسب حواس.
وأوضح الوزير الأسبق أنها المرة الأولى التي تعمل فيها بعثة مصرية في وادي القرود، وأنه كان خائفا في البداية من العمل في هذا الوادي، الذي أسماه وادي الضوضاء، نظرا لكونه يمتلئ بالآلاف من قطع الحجارة، ومغطى بالرمال، مما يجعل من الصعب جدا العمل فيه.
وأكد أن بعثة نابليون هي أول بعثة نقبت في وادي القرود، وذلك في عام 1979، حيث قامت فقط بتسجيل ما وجدته وكان قليلا، مشيرا إلى أن بعض البعثات الأجنبية الأخرى جاءت بعد ذلك للتنقيب في الوادي، وعلى فترات قليلة.
وبدأ الفريق المصري الحفر في عام 2010 في وادي القرود، ثم توقف العمل في 2011، بسبب ظروف الثورة، ثم أستأنف العمل مرة أخرى في عام 2017.
وخلال التنقيب، قال حواس إن فريقه كان يقتفي آثار الفيضانات حتى يتجنب التنقيب حولها، لعلمه بأن المصري القديم لم يكن ليقدم على بناء مقابر بالقرب من المياه التي قد تفسدها مع الوقت.
كما عثرت البعثة على اكتشاف ثان، وهو مقبرة تحمل رقم "KV 65"، واستعملت لحفظ بعض الأدوات والأثاث الجنائزي، وهي مماثلة للمقبرة "KV 54" المجاورة لمقبرة الملك توت عنخ آمون، والتي تم العثور بداخلها علي الأدوات التي استعملت في بناء المقابر الملكية.
ووجد بداخل المقبرة المكتشفة بقايا بصل ودوم وحرير وعظام حيوانات ومقابض خشبية تستخدم في حمل التابوت الجنائزي.
وعبر حواس عن سعادته لقيام فريق مصري باكتشاف مقبرة، وذلك للمرة الأولى، مشيرا إلى أن مصر شهدت اكتشاف 64 مقبرة، كانت جميعها على أيدي البعثات الأجنبية.
بينما كان الاكتشاف الثالث في وادي الملوك الشرقي، حيث عثرت بعثة أثرية ثانية على العديد من القطع الأثرية من بينها لوحات منقوشة بالهيروغليفية وأجزاء من مقابر منقوشة وخواتم من عصر الرعامسة، وذلك بجوار مقبرة الملك توت عنخ آمون.
وعثرت البعثة، التي تتكون من 100 عامل ومنقب، أيضا على 42 كوخا صغيرا كان العمال يضعون فيها الأدوات التي كانوا يستخدمونها في بناء المقابر.
ونفذت هذه البعثة أضخم وأكبر حفائر في وادي الملوك الشرقي بعد الحفائر التي نفذها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، الذي اكتشف مقبرة الملك توت عنخ آمون.
ولفت حواس إلى أن البعثة تعمل حاليا من أجل الكشف عن المقابر الملكية التي لم يتم اكتشافها بعد، مشيرا إلى أن البعثة قد قامت بالعمل بالقرب من مقبرة الملك رمسيس السابع، ومقبرة الملكة حتشبسوت، وخلف مقبرة مرنبتاح ابن رمسيس الثاني.
وقال عالم المصريات الشهير إن هذه الاكتشافات الجديدة ستعطينا خلفية عن كيف كان يعيش المصريون داخل تلك الأودية، التي كانت مخصصة في الأصل لمقابر الملوك والملكات.
وتوقع أن تؤدي هذه الاكتشافات الجديدة، لاسيما المنطقة الصناعية، إلى اكتشاف بعض المقابر بجانبها.
وشاطره الرأي وزير الآثار خالد العناني، قائلا إن هذه الاكتشافات "نواة في جسم كبير سيؤدي مع الوقت إلى اكتشافات أكبر".
وأشار الوزير، إلى أنه ما زال هناك مقابر لملوك مشهورين جدا لم تكتشف بعد.
بينما قال كبير العمال علي فاروق (52 عاما)، إن الاكتشافات الأثرية بالنسبة له مثل أبنائه، الذين قد لا يراهم لبعض الأيام بسبب ظروف عمله.
ويعمل فاروق في الآثار لمدة 37 عاما، حيث ورث هذه المهنة عن أجداده، الذين بدؤوا في التنقيب مع البعثات الأجنبية.
وأكد فاروق أن اكتشاف الآثار بمثابة "حفاظ على التراث والتاريخ".