تعرضت منشأتان نفطيتان في المملكة العربية السعودية، التي تعد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، لهجمات بطائرات بدون طيار في 14 سبتمبر الجاري. وأعلنت الرياض أن الهجوم أدى إلى خفض طاقتها الانتاجية من النفط الى النصف. وفي ذات اليوم، اعلنت قوات الحوثي مسؤوليتها عن الهجوم، لكن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أتهم إيران علانية، قائلا:" أن طهران وراء كواليس ما يقرب من 100 هجوم على المملكة العربية السعودية، وأن إيران تشن الآن هجومًا غير مسبوق على إمدادات الطاقة العالمية". وقد أنكرت إيران بشكل قاطع المزاعم الأمريكية معتقدة أن الولايات المتحدة تقدم ذرائع لاتخاذ إجراءات ضد إيران.
تجدر الإشارة الى أن مايك بومبيو لم يقدم أي "أدلة" تدين إيران في الهجمات على المنشآت النفطية السعودية. وأن ادانة وزير دولة عظمى بلدا ما بهذه البساطة، من الواضح أن هذا الأمر لا يشجعه العالم الذي يحتاج إلى النظام.
حافظت إيران دائمًا على علاقات جيدة مع قوات الحوثي في اليمن، وأن إعلان قوات الحوثي مسؤوليتها عن الهجوم على منشأتي نفط سعوديتين، لا يمكن مساواتها بإيران باعتبارها المذنب في شن الهجوم.
وما ينتظر الشرق الأوسط من مفاجأة أخرى هي ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتحرك نحو إيران. في هذا الصدد، يبدو ان اتهام إيران الولايات المتحدة بـ " نظرية المؤامرة الأمريكية" أكثر وضوحا ومنطقية من المزاعم الامريكية ضد إيران "وراء الكواليس". كما أن ارتفاع سعر النفط الخام العالمي في اليومين الماضيين يرجع إلى تأثر إنتاج النفط السعودي على المدى القصير، وأهم من ذلك القلق بين الناس من أن الولايات المتحدة ستنتهز الفرصة للقيام " بالانتقام العسكري " ضد إيران، مما قد يؤدي الى خروج الوضع في الشرق الاوسط من السيطرة على نطاق واسع.
لا تزال الكثير من الحواجز والكراهية في الشرق الأوسط أخطر برميل بارود في العالم اليوم. ولسوء الحظ، أن الحكومة الامريكية الحالية هي الأقل اهتمامًا من الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتخفيف التناقضات في الشرق الأوسط، بل على العكس، تعمل واشنطن حاليًا على تنشيط التحريض على التناقض بين إسرائيل والعرب وبين الطوائف المختلفة في الشرق الأوسط.
أدى انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية العام الماضي إلى تصعيد خطير في المواجهة الأمريكية الإيرانية. وفي الوقت نفسه، نقلت الولايات المتحدة سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في العام الماضي، وهو ما يعادل التخلي تماماً عن دورها كوسيط في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وأصبحت واشنطن بشكل متزايد طاقة سلبية لتضخيم وحتى خلق النزاعات في الشرق الأوسط.
لا يوجد في الشرق الأوسط من يطفئ لهيب النار، وبمجرد وقوع أي حادث حتى ولوكان معزولًا، فإنه سيتسبب في سلسلة من ردود الأفعال الأخرى. وإذا تم التفكير في الوضع في الشرق الأوسط وفقًا لفكرة نظرية المؤامرة، وتستجيب جميع الأطراف للوضع وفقًا لأسوأ موقف، سيصبح الوضع فظيعًا.
شهد عهد جون روبرت بولتون احتمالية ضرب الولايات المتحدة لإيران في أي لحظة، وتوقف ترامب الضربة الجوية في اللحظة الأخيرة. لكن، لاحظ العالم الخارجي أن بيان ترامب هذه المرة حول الهجوم على المنشآت النفطية السعودية كان أخف من تصريح بومبيو، ولم يشر مباشرة إلى اسم إيران، وقال فقط إن الولايات المتحدة "تعرف من فعل ذلك"، مضيفا إنه "سيثبت ذلك".
لا يزال الرئيس ترامب محاطًا بالصقور على الرغم من رحيل بولتون، فالأشخاص الذين يسيطرون على القوة العسكرية للولايات المتحدة يشعرون دائمًا بحكة اليد. حيث يعتبر ضرب إيران وشن حرب "مؤثرة" واحدا من أسهل الطرق لإظهار قوتهم في القرن الحادي والعشرين.
لقد نسي هؤلاء الأشخاص دروس الحربين التافهتين اللتين شنتهما إدارة بوش في الشرق الأوسط الكبير. وقد شنت الولايات المتحدة الحرب تحت شعار " مكافحة الإرهاب" خلال عهد بوش، الذي كان مدعومًا من كل المجتمع الأمريكي تقريبًا، دون أصوات الشك الكثيرة مثلما في الوقت الحالي. ولكن مع مرور الوقت، تلقت حكومة بوش المزيد والمزيد من تقييمات "الإخفاقات".
كان الهدف الأصلي للرئيس ترامب هو "إعادة تنشيط الاقتصاد الأمريكي"، واعتقد الجميع سابقا انه غير مهتم بالحرب، لكن الولايات المتحدة لديها قوة لتشجيع استخدام القوة العسكرية الأمريكية، على أمل أن يتم تقييد هذه القوة، بدلاً من أن تقرر موقف الولايات المتحدة تجاه العالم.