أصدرت الصين مؤخرا وثيقة "آراء حول دعم شنتشن في بناء نموذج متقدم للاشتراكية ذات الخصائص الصينية"، والتي طرحت 3 مراحل لتطوير مدينة شنتشن في المستقبل. حيث تهدف الخطة إلى تحويل شنتشن إلى مدينة مبتكرة وعصرية من الطراز الدولي بحلول عام 2025. ثم تحويل المدينة إلى نموذج لبناء الدولة القوية العصرية ذات الخصائص الصينية بحلول عام 2035، ثم تحويلها إلى نموذج للمدن العالمية بحلول منتصف القرن الحالي. والى جانب تقديمها نموذجا في مجال التنمية الاقتصادية، ستعمل شنتشن على قيادة التحديث الصناعي والثقافي والبيئي والحياتي وتحديث طرق ادارة المدن. وأكدت الوثيقة بشكل تام على الاهمية الاستراتيجية لمدينة شنتشن، حيث كانت شنتشن أول منطقة اقتصادية خاصة في الصين، وتم اليوم تصنيفها كمنطقة نموذجية متقدمة ذات خصائص صينية. وهذه المرة الثانية التي تقوم فيها بكين برفع تصنيف شنتشن بعد عام 1979، ولا شك أن ذلك يكتسي أهمية فارقة.
على امتداد 40 عامًا من الإصلاح والانفتاح، شهدت شنتشن تغيرات هائلة وسريعة. وفي عام 1979، كانت المدينة لا تزال مجرد قرية حدودية، ولم تكن تحتوي سوى على طريقين خرسانيتين، لا يتعدّى طولهما كيلومترين. في ذلك الوقت، كان إجمالي الناتج المحلي لشنتشن يقدر بـ197 مليون يوان فقط، وكان نصيب الفرد من الناتج المحلي في حدود 606 يوان. وبعد إنشاء منطقة شنتشن الاقتصادية الخاصة في عام 1980، بلغ إجمالي الناتج المحلي للمدينة 2422.2 مليار يوان في عام 2018 بعد 40 عاما من التقدم والتطوير. ووصل إجمالي الناتج المحلي للفرد إلى 193،000 يوان، محققا نموا سنويا بنسبة 23٪.
لا يمكن فصل سرعة نمو مدينة شنتشن عن الدعم القوي من الحكومة المركزية والسياسات المرنة التي تنفذها حكومة المنطقة الخاصة. وتجدر الإشارة إلى أن شنتشن قد أنعشت السوق المحلية والدولية على حد السواء. حيث أنتجت المنطقة عددًا كبيرًا من المؤسسات كثيفة العمالة، في المقابل توفر الشركات الأجنبية المعدات والمواد الخام، وتكون مسؤولة عن المبيعات، وأما الشركات المحلية فتساهم بالأرض والعمالة. وهكذا استطاعت التكلفة الإجمالية المنخفضة ان تمنح شنتشن مكانة هامة في السوق الدولية، واسهم قطاع التصنيع في دفع الصفقات، وظهرت في المدينة عدة شركات رائدة.
لكن ترقية شنتشن إلى منطقة نموذجية رائدة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، لا تعني احلالها محل هونغ كونغ. وفي العقود الأخيرة، ارتبط تطور الصناعة المالية في هونغ كونغ ارتباطًا وثيقًا بالقطاعات المالية والاقتصادية في البر الرئيسي. ولايمكن فصل تحول هونغ كونغ إلى مركز مالي عالمي عن "دولة واحدة ونظامان" و "القانون الأساسي". فبعد الإصلاح والانفتاح، تدفقت رؤوس الأموال الغربية إلى هونغ كونغ في إطار سعيها لفتح سوق البر الرئيسي. وفي ذات الوقت، انفتح البر الرئيسي على العالم الخارجي، وعاد انفتاحه بالنفع على هونغ كونغ. وفي ظل هذه الظروف التاريخية الاستثنائية المواتية، تحولت هونغ كونغ إلى أكبر مركز مالي عالمي.
خلافا لشنتشن، تتمتع هونغ كونغ بحرية تداول رأس المال دون رقابة على النقد الأجنبي والنظام القضائي القائم على نظام القانون العام، وهو ما أكسبها ثقة رأس المال الدولي. ومن المحتمل أن تشكل شنتشن علاقة تنافسية ايجابية مع هونغ كونغ في المستقبل. وكما جاء في الوثيقة، فإن ذلك يساعد على تنفيذ استراتيجية منطقة خليج قوانغ دونغ-هونغ كونغ -ماكاو الكبير بشكل أفضل وإثراء الممارسة الجديدة لدفع التطور الوظيفي لنظام "دولة واحدة ونظامان".
تستقبل شنتشن في الوقت مرحلة تاريخية جديدة شبيهة بالمرحلة التي دشنتها في عام 1978. وبعد 40 عامًا من مسيرة الاصلاح والانفتاح، تضطلع شنتشن مرة أخرى بمهمة الريادة والاستكشاف، لتعبر إلى مستقبل جديد مهتدية بحكمة "عبور النهر من خلال تلمس الصخور". وتطمح بكين من خلال تكليف شنتشن مرة أخرى بهذه المهمة الجسيمة، لتأسيس نموذج جديد في شنتشن، وتعميق الاصلاح الشامل وتوسيعه نطاقه إلى كامل البلاد.