القاهرة 29 مايو 2019 / ندد خبراء بالحرب التجارية وإجراءات واشنطن الأحادية والحمائية، واعتبروا أنها "مساعي أمريكية لفرض الهيمنة" على النظام الدولي.
وفي المقابل ألقى الخبراء الضوء على سعي بكين للتعاون والتعايش الدولي والاستفادة المتبادلة بين الحضارات عبر مبادرة "الحزام والطريق".
وجاء ذلك خلال ندوة عقدتها السفارة الصينية بالقاهرة اليوم ندوة تحت عنوان "تحقيق التنمية المشتركة والتعايش والاستفادة المتبادلة بين الحضارات".
الحرب التجارية ..مساعي أمريكية لفرض "الهيمنة"
في وقت مبكر هذا الشهر، قررت واشنطن فرض رسوم جمركية إضافية على ما قيمته 200 مليار دولار أمريكي من السلع الصينية، ورفعها من 10% إلى 25%، اعتباراً من 10 مايو الجاري.
وفاقمت الولايات المتحدة من حدة الاحتكاكات التجارية المستمرة منذ عام بين أكبر اقتصادين في العالم على الرغم من 11 جولة من المحادثات التجارية الثنائية بين الجانبين، وذلك بسبب القيود الأمريكية على شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية مثل ((هواوي)).
وأعلنت الصين أنها سترفع معدل التعريفات الإضافية المفروضة على بعض منتجات الواردات الأمريكية اعتباراً من أول يونيو المقبل.
وقال رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور عصام شرف، عضو لجنة شبكة المنظمات غير الحكومية للتعاون في طريق الحرير، إن العالم يواجه حاليا تحديات ضخمة والمتمثلة في السياسات الانعزالية والحمائية والشعوبية وتدني الحوكمة العالمية.
وطالب بالعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال التعاون والشراكة، داعيا إلى أن يكون العالم أكثر قبولا وإيمانا بمفهوم المصير المشترك الذي أطلقته الصين وتبنته الأمم المتحدة.
ورفض شرف الاعتراف بمفهوم "الحرب التجارية"، موضحا "أن مفهوم الحرب يعني وجود طرفين متنافسين، لكن ما يحدث هو مساع أمريكية لفرض الهيمنة على المجتمع والنظام الدولي".
من جانبه، قال نائب رئيس البعثة الدبلوماسية الصينية بالقاهرة الوزير المفوض شياو جيون تشنغ، إن المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين يمكن تسميتها بـ "مفاوضات القرن".
وأوضح شياو أن الولايات المتحدة تفعل في هذه المفاوضات نفس ما تفعله في محاولة فرض "صفقة القرن" في الشرق الأوسط، حيث تتجاهل الحق الديني للأمة العربية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ولا تلتزم بمبادرة السلام العربية وحل الدولتين، الذي تتبناه القرارات الدولية ذات الصلة.
وأضاف أن الولايات المتحدة تتجاهل نظام التجارة الحرة والمتعددة الأطراف وتتوعد بزيادة الرسوم الجمركية "سعيا" إلى فرض الشروط غير العادلة والمتساوية على الصين.
واعتبر شياو أن مفاوضات القرن وصفقة القرن تعدان من أهم المحاولات الأمريكية لتحدي الحوكمة العالمية والمنظومة الدولية المتعددة الأطراف.
وقال الدبلوماسي الصيني إنه "مثلما يعتقد العرب أن صفقة القرن ستفشل فإن الجانب الصيني يعتقد أن الهيمنة والأحادية الأمريكية لن تنجح أيضا".
مبادرة الحزام والطريق .. منصة للتعاون الدولي
أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ، مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، ومنذ ذلك الحين امتدت المبادرة من آسيا وأوروبا إلى إفريقيا والأمريكتين والمنطقة الأوقيانوسية، ما يفتح فضاء جديدا للاقتصاد العالمي بنتائج أفضل من المتوقع.
وقد وقعت أكثر من 150 دولة ومنظمة دولية على وثائق تعاون بشأن مبادرة الحزام والطريق مع الصين.
ويرى رئيس وزراء مصر الأسبق عصام شرف أن مبادرة "الحزام والطريق" تعتبر منصة للتعاون الدولي، حيث تنفذ الصين حاليا مشروعات كثيرة في الدول الأفريقية والعربية بشكل غير مسبوق في التاريخ.
وعقد شرف مقارنة بين ما تشهده القارة الأفريقية في الوقت الحالي من تطور كبير، وما كانت عليه القارة السمراء خلال مرحلة الاستعمار الغربي، الذي سعى إلى تقسيم دول القارة السمراء وضمان عدم ربطها أو اتصالها بأي شكل من الأشكال.
وأوضح أن الصين أطلقت ما يسمى "بطريق الحرير الرقمي"، الذي يضم شبكة من الأقمار الصناعية والمعلومات، مشيرا إلى أن سبب الحرب التي تشنها واشنطن حاليا هو التطور التكنولوجي الصيني المذهل.
بدوره، أكد السفير محمد حجازي، نجاح مبادرة "الحزام والطريق، مدللا على ذلك بانضمام المزيد من الدول الأوروبية إلى المبادرة بعدما وجدت أنها تعبر عن مصالحها.
وقال حجازي إن انضمام المزيد من الدول من مختلف قارات العالم لمبادرة الحزام والطريق يؤكد أن الدائرة سوف تتسع أكثر بدلا من الصدام والصراع.
ودعا إلى تبني الحكمة في التصدي لمحاولات الإدارة الأمريكية، وتجنب المواجهة العنيفة، مؤكدا أن الحضارات لا تتصارع وإنما تتواصل نحو الشراكة والمصير المشترك.
بدوره، أكد رئيس وحدة الدراسات الصينية بمركز الحوار للدراسات السياسية والاستراتيجية عماد الأزرق، على أهمية مفاهيم بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية وضمان الانفتاح والشمولية والتعلم المتبادل بين الحضارات التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، خلال مؤتمر الحضارات الآسيوية الذي عقد مؤخرا ببكين.
وقال الأزرق إن هذه المفاهيم التي طرحها الرئيس شي، من شأنها أن تشكل نمطا جديدا يقوم على التعاون وتبادل المنافع بدلا من الاستنزاف والاستغلال، والحوار بدلا من الصدام والصراع.
ورأى الأزرق أن الصين تعتبر الدولة الوحيدة في العالم في الوقت الحالي بما تمتلكه من قدرات اقتصادية وسياسية وعسكرية وتكنولوجية وبشرية هائلة، القادرة على تغيير طبيعة النظام الدولي القائم واستبداله بنظام دولي أكثر عدالة وديمقراطية ومساواة بين دوله.