حازم سمير – رئيس قسم الشؤون الخارجية بجريدة الجمهورية
جاءت الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق في بكين تحت رعاية الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في وقت دقيق، بعد تزايد حالة عدم الاستقرار التي تتصدر المشهد العالمي في كثير من الجوانب.
إن الاجتماعات والفاعليات التي أقيمت على هامش المنتدى، ومنها المائدة المستديرة التي ضمت زعماء ورؤساء حكومات الدول المشاركة، سيكون بالتأكيد لها تأثير على تصحيح الوضع الحالي للمشهد العالمي الذي يغلب عليه الصراعات الجيوسياسية، لكي يتجه إلى مسار آخر يقوم على الشراكة المثمرة بين شعوب العالم من أجل التطلع إلى مستقبل آمن.
إن حضور ١٥٠ دولة ومنظمة عالمية المنتدى، يؤكد على هذا الاتجاه، الذي يهدف إلى التعاون المتبادل الذي يحقق النهضة والرخاء الاقتصادي للشعوب.
ولا شك، أن مبادرة الحزام والطريق بعد إبرامها 173 مذكرة تعاونية مع ١٢٦ دولة، و٢٩ منظمة عالمية، منذ دعوة الرئيس الصيني إليها عام ٢٠١٣، حققت نجاحاً هائلاً أمام المجتمع الدولي الذي عانى من التوترات والنزاعات منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن.
قبيل انطلاق المنتدى صرح، يوان دا، المتحدث باسم اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أن حجم التبادل التجاري بين الصين والدول المشاركة في المبادرة، تجاوز 6 تريليونات دولار أمريكي في الفترة من 2013 حتى 2018، الأمر الذي يدل على أن وضع الاقتصاد العالمي خلال الخمس سنوات السابقة كان متجها نحو الاستقرار.
لكن بحسب توقعات صندوق النقد الدولي لعام ٢٠١٩، سيسجل معدل النمو الاقتصادي العالمي تراجعا نتيجة النزاعات التجارية الحالية، حيث من المرجح أن تصل نسبته إلى ٣.٣ ٪، بانخفاض قدره ٠.٢٪ عن توقعات البنك الدولي في يناير الماضي، الأمر الذي يشير إلى مزيداً من الركود خلال هذا العام.
لذلك فإن الرؤية الصينية المتمثلة في مبادرة احياء طريق الحرير القديم، تبرز أهميتها في بناء اقتصاد عالمي مفتوح يهدف إلى تسريع وتيرة النمو، ويعمل على تحفيز الصناعة، خاصة في الدول النامية، التي ستشهد تطورا في البنية التحتية التي يحتاجها هذا المشروع الضخم، مما يسهم في خلق مناخ جاذب لرأس المال الأجنبي، يساعد على توفير عشرات الآلاف من فرص العمل للدول المشتركة في الاتفاقية، ذلك الأمر أكده، شي جين بينغ، في خطابه أمام قادة العالم في الدورة الثانية للحزام والطريق.
بعث الرئيس الصيني بأكثر من رسالة إلى العالم، فإعلانه عن دعم 5000 شخص من الموهوبين على مستوى العالم، من خلال برامج تدريبية تهدف إلى زيادة البحوث المشتركة الخاصة بتعزيز التعاون العلمي بين دول الاتفاقية، خلال الخمسة الأعوام القادمة، أكد على تقاسم العلم والتكنولوجيا بين الشعوب في ظل نظام العولمة، الذي يتم محاربته في هذه الآونة من أنصار اليمين المتطرف في العالم.
كما أن الإجراءات التي أعلن عنها أيضا الرئيس، شى، الخاصة بحظر النقل الإجباري للتكنولوجيا بالإضافة إلى السماح للمستثمرين الأجانب بتشغيل أعمالهم في المزيد من القطاعات المختلفة في الدولة مع امتلاكهم لحصص مسيطرة، تثبت أن الصين تحترم حقوق الملكية الفكرية التي كانت مثار جدلا لبعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة.
بما لا يدع مجالاً للشك، إن شعار "مصير مشترك للإنسانية" الذي رفعته الصين بعد تدشين الحزام والطريق، يسعى إلى تحقيق المنفعة المتبادلة للشعوب، من خلال شراكة فعالة يحتاج إليها العالم في ظل احتدام أشكال الصراع الحالية ومواجهة الإرهاب الذي نتج عن انتشار معدلات الفقر والجهل.