بغداد 24 إبريل 2019 /أكد باحث عراقي الأهمية الاستراتيجية لمبادرة الحزام والطريق لما ستجنيه الدول المشاركة بها، من منافع كثيرة، داعيا الحكومة العراقية إلى تغيير قوانينها الداخلية المعنية، للاستفادة من هذه المبادرة الإنسانية والفكرية والثقافية والاقتصادية.
وقال الدكتور حيدر قاسم مطر التميمي، الباحث في بيت الحكمة (مؤسسة عراقية فكرية علمية، مرتبطة برئاسة الوزراء) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن طريق الحرير كان معبرا ومنفذا لوصول الأفكار والديانات من كل الأطراف. فالصين هي منطلق طريق الحرير، وعملية التبادل الحضاري هي التي ولّدت لنا الأهمية الكبيرة لهذا الطريق، وخلدت اسمه، ومازالت الشعوب المتأثرة تأثرا ايجابيا كبيرا في السابق بهذا الطريق، تحيي اسمه وثقافته وذكره، وأكبر دليل على ذلك المشروع الكبير الذي تتشارك الصين في بنائه مع الآخرين حاليا".
وأضاف أن "المعروف تاريخيا عن طريق الحرير، أنه طريق له أهمية اقتصادية بالدرجة الأولى، لكن هناك أهمية أوسع وأعمق من الأهمية الاقتصادية لهذا الطريق الذي يربط بين ثلاث قارات، وهي التبادل الثقافي والتجانس بين القوميات التي تسكن المناطق المتباعدة جغرافيا على مدى قرون، بحيث نجد الكثير من الأقوام والشعوب المختلفة، تسكن على طول هذا الطريق مختلطة ثقافيا ولكن يوجد تمازج حضاري وثقافي بينها رغم أن شعوبها تحمل ثقافات متنوعة".
وبشأن أهمية دور العراق في هذا المشروع، أجاب التميمي أن "أهمية دور العراق في طريق الحرير كانت متجسدة بعد أن أصبحت بغداد عاصمة الدولة الاسلامية ومقر الخلافة العباسية، بحيث أصبحت نقطة ربط لهذا الطريق المهم بين الصين في الشرق وبغداد في الغرب، ومنها إلى أكثر من مكان إلى بلاد الشام وأفريقيا وإلى أوروبا".
وتابع "أن أهمية دور العراق حاليا تأتي من الثقل الحضاري والاقتصادي للعراق، وكذلك الثقل الحضاري والفكري العريق للحضارة الصينية، ومن هذا التبادل المتكافيء بين الجانبين"، مبينا أن العراق يمكن أن يستغل موقعه الجغرافي المتميز، كونه يربط بريا وبحريا بين القارات الثلاث القديمة (آسيا وأفريقيا وأوروبا) قائلا "أتصور أن هذا الموقع سوف يكون نقطة قوة للعراق في مساهمته ومشاركته بهذا المشروع الكبير".
واقترح التميمي على الحكومة العراقية تعديل سياستها الاقتصادية المعنية، للاستفادة من مبادرة الحزام والطريق، والابتعاد عن الاعتماد الكلي على النفط، مؤكدا أن دخول العراق بهذا المشروع سيفتح نافذة جديدة لتوسيع القاعدة الاقتصادية له، وتحقيق التنوع الاقتصادي فيه، كون هذا المشروع ليس لنقل بضائع فقط، وانما هو مشروع ثقافي وسياحي واقتصادي، مشددا على أن هذا التنوع سيكون له مردود اقتصادي واسع ومردود ثقافي ثري، وهو الأكثر فائدة وأهمية.
وفي رده على سؤال حول مساهمة هذه المبادرة بالحد من ظاهرة الصراعات في الشرق الأوسط، أجاب التميمي "أن هذا المشروع الثقافي والحضاري والفكري بالدرجة الأولى، والاقتصادي بالدرجة الثانية، يمكن أن يساهم بالحد من المشاكل التي تواجهها المنطقة، ويمكن أن تُحل من خلاله الكثير من المشاكل، كونه يسهل إلى حد كبير التواصل بين الشعوب، فأتصور أن هذا المشروع الذي سيسهل فرص العمل ويفتح أبواب نقل ميسرة وسريعة ومتوفرة لكل طبقات المجتمع، سوف تنتقل من خلاله شعوب المنطقة إلى الدول المحيطة بها، وبالتالي تقل حد التوتر بين الشعوب نتيجة التواصل والاختلاط والتفاهم، فضلا عن توسيع السياحة التي ستعزز العلاقات بين الشعوب".
وعن الفائدة التي يجنيها العراق من مبادرة الحزام والطريق، قال التميمي "العراق يمكن أن يستغل نقطة القوة الموجودة لديه وهي العوائد المالية التي يمكن أن يجذب من خلالها الشركات الصينية الرائدة في كل المجالات الصناعية، مع تعديل جذري وأساسي في القوانين الداخلية المعنية، وفي النظام الإداري العراقي المعني، لتسهيل عملية الجذب والاستثمار وعدم اقتصار التعاون بين العراق والصين على الاستيراد والتصدير، بل تطوير البنى التحتية الأساسية. فمثلا، لدينا تجربة ناجحة في العراق من خلال استقدام شركات السكك الحديد الصينية التي ساهمت بأحداث نقلة نوعية وواضحة في النقل السككي بالعراق، وأتصور أن يكون هذا هو الباب المثمر في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين".
وأكد التميمي حاجة العراق للشركات الصينية المختصة في التشييد والبنى التحتية المتضررة بسبب الحروب، والمساهمة في عملية إعادة إعمار البلاد، قائلا "نحن نحتاج إلى الخبرة الصينية، ومن خلال مشروع الحزام والطريق، سيكون اتصالنا وتعاوننا مع الصين أوثق، وستكون هي الخط الأول من الدول التي نتعاون معها بهذا المجال".
ودعا التميمي الشركات الصينية إلى الاستثمار في العراق، خاصة بعد تحسن الوضع الأمني والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، واصفا السوق العراقية بأنها واعدة وتحتاج إلى الخبرات الصينية.
يذكر أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد طرح عام 2013 مبادرة الحزام والطريق "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن الـ21"، والتي تهدف إلى تطوير وإنشاء شبكة طرق تجارية وممرات اقتصادية، وبنية تحتية، وقد وقعت حتى الآن، 126 دولة و29 منظمة دولية على اتفاقيات تعاون مع الصين، حول هذه المبادرة، التي تمثل استراتيجية تنموية تتمحور حول التواصل والتعاون بين الدول والمناطق، لتوثيق الروابط التجارية والاقتصادية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا وما حولها.