بكين 2 أبريل 2019 /تعقد الدورة الثانية لمنتدى التعاون العربي الصيني لنظام "بيدو" للملاحة بالأقمار الصناعية، يومي الاثنين والثلاثاء في تونس، تحت شعار "الشراكة - التطبيقات - الخدمات"، وذلك على هامش ملتقى رجال الأعمال العرب والصينيين في دورته الثامنة، بغرض المساهمة في دفع نشر "بيدو" في الدول العربية، علاوة على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.
ويأتي عقد فعاليات الدورة الثانية في إطار توطيد التعاون بين الدول العربية والصين، وتنفيذا لمذكرة التفاهم بين الجانبين للملاحة بالأقمار الصناعية، ومتابعة لمشروع مركز التميز لتكنولوجيا "بيدو" الذي تم إنشاؤه في تونس أبريل من العام الماضي.
في هذا الصدد، قال لين لو هو، الرئيس التنفيذي لشركة ((تشيوانتوتونغ)) لشبكات تحديد المواقع المحدودة، إن منتدى التعاون العربي الصيني لنظام "بيدو" قد أصبح منصة متعددة وآلية طويلة الأمد لتعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في مجال الملاحة بالأقمار الصناعية ويعد معلما مهما في مسيرة بناء التعاون الهامة لتحقيق التواصل والترابط.
في الواقع، منذ عقد الدورة الأولى للمنتدى في مايو من عام 2017 بمدينة شانغهاي الصينية، شرع الجانب الصيني في إجراء تعاون مع كل من السعودية والجزائر ومصر وتونس في هذا المجال، وتم تحقيق الكثير من الإنجازات.
ودُشن أول مركز "بيدو" لنظام الملاحة الصيني لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية بالخارج في تونس في أبريل عام 2018، حيث يُدار بشكل مشترك من قبل المكتب الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية والمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
كما أعلنت الصين في ديسمبر عام 2018 نجاحها في إطلاق قمرين صناعيين للسعودية على متن الصاروخ الحامل "لونغ مارش-2 دي" من مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الصناعية في شمال غربي البلاد، حيث من المتوقع أن يلعبا دورا هاما في التصوير الأرضي.
ونجحت الصين أيضا في إطلاق قمر "كومسات-1"، وهو أول قمر صناعي جزائري للاتصالات في ديسمبر 2017، ما سجل علامة هامة على طريق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والجزائر وأوجد سابقة في التعاون بمجال الفضاء بين الصين والدول العربية، حتى أن علماء وخبراء معنيين بالعالم وصفوا هذا الأمر بـ"طريق الحرير الفضائي".
وأشار لين إلى أن نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، بوصفه ركيزة أساسية للتواصل والترابط، يحمل إمكانات كامنة ضخمة لدفع التعاون الصيني العربي في مجالات المواصلات والاتصال والخدمات اللوجستية، وبإمكانه أن يخلق نقاطا مضيئة جديدة في التعاون البراغماتي بين الجانبين، مضيفا أنه بفضل دعم ودفع كلا الجانبين الصيني والعربي، أصبح التعاون العلمي والتكنولوجي والفضائي نقطة ساخنة ضمن إطار التعاون الشامل بين الصين والدول العربية خلال السنوات الأخيرة.
وشاطره الرأي لي زوه هو، وهو مهندس في معهد بكين لتكنولوجيا الاتصالات، قائلا إن التعاون بين الصين والدول العربية في مجال التكنولوجيا له أهمية كبيرة، خاصة في ظل البناء الصيني العربي المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، معربا عن أمله في تكثيف التعاون الصيني العربي في مجال الملاحة بالأقمار الصناعية ودفع العلاقات بين الجانبين قدما.
ولفت إلى تعزيز التعاون في دفع المشاريع الكبرى والبحوث في تطبيق الملاحة بالأقمار الصناعية في مجالات المواصلات الذكية وتخطيط مساحة الأراضي الوطنية والزراعة الدقيقة والأمن العام، وذلك على أساس تعاون الجانبين القائم وأولويات متطلبات الجانب العربي.
وكان قد أجرى نظام تقنية الملاحة عبر الأقمار الصناعية الصيني "بيدو" اختبارا ملموسا في المجال الزراعي التونسي، حيث تم تجهيز آلة زراعية تُستخدم في مختلف أنواع النشاط الزراعي بنظام بيدو، لتوفير إمكانية التحكم فيها عن بعد دون الحاجة إلى وجود سائق، ما يزيد من كفاءة المهام المختلفة الموكلة لها، والتي كانت تتطلب جهدا بشريا كبيرا.
ويعد نظام "بيدو" للملاحة بالأقمار الصناعية نظاما عالميا للملاحة عبر الأقمار الصناعية، تقوم الصين ببنائه وتشغيله بشكل مستقل وهو يتوافق ويتكامل مع الأنظمة الأخرى في العالم. ويجري تطبيقه على نطاق واسع في مجالات المواصلات والنقل والصيد والرصد الهيدرولوجي والمسح الأساسي ومكافحة الكوارث والبحث والإنقاذ في حالات الطوارئ. ويتمتع النظام بمزايا تكنولوجية فريدة، إذ إنه يحسن ويطور نظام الملاحة الصيني السابق ويتيح المزيد من الخيارات لجميع الدول ويعد ضمانا واعدا.
وقد تم إطلاق إجمالي 18 قمرا من منظومة أقمار بيدو في 2018 ليكتمل بذلك نظام بيدو لأقمار الملاحة الأولى. وبدأ نظام الملاحة بتقديم خدماته في مجالات عديدة لـ 30 دولة على طول الحزام والطريق، من بينها الدول العربية، ومن المخطط أن يتحقق ارتباط أكثر من 30 قمرا صناعيا، لتغطية أنحاء العالم بحلول عام 2020.
وسترسل الصين 10 أقمار اصطناعية لتنضم لنظام بيدو لأقمار الملاحة عبر إطلاق سبع صواريخ منفصلة في عام 2019، حيث ستساعد الخطوة في إكمال الشبكة العالمية لنظام بيدو لأقمار الملاحة. ووصلت دقة نظام بيدو في تحديد المواقع إلى 10 أمتار على مستوى العالم، وخمسة أمتار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وتبلغ دقة سرعته 0.2 متر في الثانية، في حين تبلغ دقة توقيته 20 نانوثانية.
وأوضح أحد مسؤولي مصلحة الصين للطيران والملاحة الفضائية مؤخرا أن الصين تعمل حاليا على تعزيز بناء مشروع ممر معلومات الحزام والطريق الفضائية، بهدف توفير دعم معلوماتي يشمل تخطيط استخدام الأراضي وحماية البيئة والتنبؤ بالكوارث، فضلا عن دفع السياحة وغيرها من الصناعات لدول على طول الحزام والطريق، بما فيها الدول العربية، وذلك عن طريق دمج مزاياها في مجالات مثل الاتصال والملاحة والاستشعار عن بعد.
كما أعرب محمد بن عمر، الأمين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، عن رغبة الدول العربية في التعاون مع الصين في مجال الفضاء، لا سيما نظام "بيدو" للملاحة، مضيفا أنه سيساعد على خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية وتحسين مستويات معيشة شعوبها.
ولفت المهندس لي إلى أنه لدى الصين والدول العربية مستقبل واعد فيما يتعلق بالتعاون في بناء وتطبيق نظام بيدو نظرا للسوق الضخمة المتوفرة وللاستجابة لمتطلبات الجانبين.
وأضاف أنه بالنسبة للدول العربية، لديها احتياجات واقعية في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية لدفع تنميتها الاجتماعية والاقتصادية من خلال التعاون وتعزيز الأمن الوطني. ووفرت هذه الاحتياجات فرصة مهمة أمام نظام بيدو لدخول هذه السوق المهمة للغاية.
أما بالنسبة للصين، فمن خلال تبنيها إستراتيجية تعزيز التوجه إلى الخارج في بناء وتطوير نظام بيدو، تضخ زخما قويا في تعزيز هذا التعاون. لذلك، فإن مستقبل التعاون بين الصين والدول العربية في هذا المجال يعد واعدا للغاية، وفقا لما ذكره لي.