بكين 14 يناير 2019 / أثرت الصين والدول العربية سجل العلاقات الثنائية بمزيد من الانجازات على مختلف الأصعدة على مدى 3 سنوات بعد إصدار وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية.
ففي يوم 13 يناير 2016، أصدرت الحكومة الصينية الوثيقة، وهي أول وثيقة رسمية توضح السياسات الصينية تجاه الدول العربية، حرصا منها على تطوير العلاقات الصينية العربية ورسم خطط المستقبل المشرق لتعاون الجانبين في شتى المجالات.
وحصد التعاون والتبادل الثنائيان بين الصين والدول العربية نتائج مرموقة بعد إصدار الوثيقة، خاصة في العام 2018، وفيما يلي أبرز تلك النتائج:
-- تعزيز التبادلات في مجال السياسة
شهد التبادل السياسي رفيع المستوى بين الصين والدول العربية زخما جديدا، لا سيما مع قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة دولة الإمارات في يوليو الماضي، وهي أول دولة يزورها شي بعد إعادة انتخابه رئيسا للصين في مارس عام 2018، ما فتح فصلا جديدا في العلاقات الصينية العربية وأضفى قوة دافعة لتحقيق الازدهار والاستقرار المستدام في الشرق الأوسط.
وخلال الزيارة، تعهد الجانبان الصيني والإماراتي بتعزيز التعاون الشامل في مختلف المجالات، واتفقا على الارتقاء بالعلاقات الثنائية من علاقات الشراكة الإستراتيجية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، ما عكس بلوغ العلاقات الثنائية قمة تألقها، وقدم نموذجا للتعاون الثنائي الإيجابي.
إلى جانب ذلك، زار نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان ثلاث دول عربية هي فلسطين ومصر والإمارات خلال جولته في أكتوبر المنصرم، الأمر الذي يعد توطيدا وامتدادا لثمار التعاون الثنائي التي طرحتها سلسلة من التبادلات الصينية العربية المكثفة عام 2018، حيث سجلت هذه التبادلات على المستويين الرسمي والشعبي إنجازات ملحوظة.
وفي الواقع، لا يقتصر التعاون الصيني العربي على التعاون بين الصين ودولة عربية ما، بل يمتد إلى البلدان العربية كافة. فمثلا، اختتم الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني العربي أعماله في بكين في يوليو الماضي باتفاق الجانبين على تأسيس "شراكة إستراتيجية ذات توجه مستقبلي للتعاون الشامل والتنمية المشتركة" وتوقيعهما على الإعلان التنفيذي الخاص ببناء "الحزام والطريق"، وفي هذا الإطار، فضلا عن طرح الصين سلسلة من الإجراءات العملية التي تغطي كافة المجالات، جاء منح قروض للتنمية الاقتصادية قيمتها 20 مليار دولار لعدة دول عربية.
كما عقد الحوار الثاني بين الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية في هانغتشو في نوفمبر 2018 بمشاركة قرابة 200 ممثل من بينهم قادة أحزاب سياسية كبيرة في 17 دولة عربية، فيما اعتُمد إعلان هانغتشو 2018 للحوار بين الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية.
-- تعميق التعاون في الاقتصاد والتجارة
أظهرت نتائج أحدث البيانات الصادرة عن مصلحة الدولة للجمارك بالصين أن التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية شهدت زيادة مطردة خلال عام 2018.
ووصل حجم التجارة الثنائية بين الصين والدول العربية إلى 197.7 مليار دولار أمريكي في فترة الأشهر العشرة الأولى من عام 2018، متجاوزا إجمالي حجم التجارة بين الجانبين في كامل عام 2017 حيث سجل 191.3 مليار دولار أمريكي.
وبلغت قيمة الصادرات الصينية إلى الدول العربية 85.8 مليار دولار أمريكي خلال فترة يناير- أكتوبر 2018، بينما وصلت وارداتها من الدول العربية إلى 111.9 مليار دولار أمريكي.
وفي الوقت نفسه، حققت 20 دولة عربية ازديادا في حجم تجارتها مع الصين خلال هذه الفترة، حيث ارتفع حجم التجارة بين الصين وليبيا والكويت وقطر وسلطنة عُمان والعراق ومصر والسعودية بـ 157.8 بالمائة و66.9 بالمائة و53 بالمائة و40.2 بالمائة و35.9 بالمائة و30.9 بالمائة و22.9 بالمائة على أساس سنوي على التوالي.
جدير بالذكر أن ما إجماليه 70 شركة ومؤسسة تجارية من 12 دولة عربية، بما فيها مصر وسوريا والسعودية والإمارات وقطر والعراق والكويت وغيرها، شاركت في معرض الصين الدولي الأول للواردات بشانغهاي الذي عقد في نوفمبر الماضي، ما يدل على اهتمام الجانبين الصيني والعربي بتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما.
-- الطاقة النظيفة جوهر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة
انعقدت الدورة السادسة لمؤتمر التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة بالقاهرة في نوفمبر عام 2018، حيث ركز الجانبان من خلالها على مجال الطاقة المستدامة والمتجددة والنظيفة كأهم محاور التعاون في مجال الطاقة بينهما، إلى جانب فرص التعاون الثنائي المستقبلي في هذا المجال.
وذكر أحد المسؤولين العرب أن الدورة المذكورة أتت بعد العديد من الإنجازات التي قام بها الجانبان منذ عقد الدورة الأولى لمؤتمر التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة بالصين 2008، موضحا أن من بين هذه الإنجازات التوقيع على اتفاقية إنشاء مركز تدريب عربي - صيني للطاقة النظيفة بين جامعة الدول العربية والهيئة الوطنية للطاقة بالصين، علاوة على التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العربية للطاقة الذرية وهيئة الطاقة الذرية الصينية حول الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، ما يعطي دفعة كبيرة للتعاون البناء بين الجانبين، خاصة فيما يتعلق بنقل الخبرات والتكنولوجيا الصينية إلى المنطقة العربية.
-- توثيق التعاون في مجال الفضاء
بفضل دعم ودفع كلا الجانبين الصيني والعربي، أصبح التعاون العلمي والتكنولوجي والفضائي، نقطة ساخنة ضمن إطار التعاون الشامل بين الصين والدول العربية خلال السنوات الأخيرة.
وفي هذا السياق، دُشن أول مركز "بيدو" لنظام الملاحة الصيني لتحديد المواقع الجغرافية عبر الأقمار الصناعية بالخارج في تونس مطلع عام 2018، حيث يُدار بشكل مشترك من قبل المكتب الصيني لإدارة الملاحة عبر الأقمار الصناعية والمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
وأعلنت الصين قبل حوالي شهر نجاحها في إطلاق قمرين صناعيين للسعودية على متن الصاروخ الحامل "لونغ مارش-2 دي" من مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الصناعية في شمال غربي البلاد، حيث من المتوقع أن يلعبا دوراً هاماً في التصوير الأرضي بعد إطلاقهما.
-- نقطة بارزة للتعاون الصيني العربي في مجال الزراعة
يشهد التعاون الزراعي بين الجانبين الصيني والعربي ازدهارا ونموا لافتا في مجالات الخضراوات والفواكه حاليا، ولا سيما مع توسع آفاق التعاون التي عملت مؤسسات التعاون في التقنية الزراعية على اكتشافها واستثمارها.
وفي هذا الصدد، أقيمت الدورة الثانية لمؤتمر البحث في الزراعة الخارجية في بكين يوم 26 سبتمبر الماضي بإصدار ((تقرير تنمية الزراعة والتعاون)) لـ65 دولة من دول مبادرة "الحزام والطريق"، وإطلاق النسخة 2.0 لمنصة خدمات معلومات التعاون الزراعي الخارجي.
ووقعت الصين مذكرات تفاهم و أنشأت فرق عمل زراعية مع كل من عُمان وفلسطين وسوريا ومصر والجزائر والسودان وموريتانيا وبلدان أخرى حاليا.
كما نجح فريق من العلماء الصينيين في تجربة زراعة الأرز القادر على تحمل الملوحة والقلوية في صحراء دبي عام 2018، ما يوسع مجالات التفكير والعمل في التعاون الزراعي بين الصين والدول العربية، وينعكس بدوره على زيادة مساهمة الجانبين في الحفاظ على سلامة الغذاء في العالم.