لندن 13 ديسمبر 2018 / قالت الخبيرة الاقتصادية العالمية دامبيسا مويو إن الصين، وهي لاعب رئيسي للاستثمار والتجارة على المستوى الدولي، تنوّع نهجها الاقتصادي تجاه الاقتصادات الصاعدة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا.
وفي حوار أُجري مؤخرا عبر الهاتف مع وكالة أنباء ((شينخوا))، قالت مويو: "لقد تغيّر دور الصين. ففي مرحلة مبكرة جدا، اتجهت الاستثمارات الصينية لتتركز حول البنية التحتية، وامتلاك الكثير من الموارد الطبيعية. لكن خلال السنوات الأخيرة، أصبحت الصين أكثر مشاركة في مجالات أخرى مثل السلع الاستهلاكية والخدمات المصرفية والخدمات اللوجستية، كما تنوّع نهجها بشكل واضح في أفريقيا وأماكن أخرى عبر الأسواق الصاعدة".
وعزت مويو هذا التغيير، جزئيا، إلى زيادة الطلبات من أفريقيا لتحسين الحوكمة والمشاركة في الاستثمار الذي تقوم به الصين.
وكانت مويو، وهي مؤلفة كتاب ((ديد إيد)) أو ((المساعدة الميتة)) - والذي اختارته صحيفة ((نيويورك تايمز)) الأمريكية الأكثر مبيعا لعام 2009- ناقدة صريحة للمساعدات القادمة من الغرب إلى أفريقيا خلال العقود الماضية، حيث لفتت إلى أن هذه المساعدات فشلت في تحقيق النمو الاقتصادي والحد من الفقر، ولكنها أذكت الفساد وزادت الحلقة المفرغة إزاء اعتماد الدول الأفريقية على المساعدات فحسب.
وفي فصل بعنوان "الصينيون أصدقاؤنا"، اتفقت مويو مع النهج الصيني تجاه أفريقيا من خلال التركيز على التجارة والاستثمار في أفريقيا، والذي أدى إلى تحديث البنية التحتية وتوفير الوظائف في شتى أنحاء القارة السمراء.
ولفتت الاقتصادية العالمية ذات الأصول الزامبية والتي تعمل حاليا لدى عدد من الشركات أو المؤسسات الدولية، إلى أنه "بالإضافة إلى الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الخارجية، فإن الصين تشارك أيضا بشكل كبير في تقديم القروض والمساعدات الدولية".
وأضافت مويو، والتي عملت لدى البنك الدولي ومؤسسة جولدمان ساكس، قائلة: "إن الصين تحقق دفعة قوية من خلال مبادرة الحزام والطريق وبنك التنمية الجديد والعديد من المبادرات الأخرى حول العالم. ومن حيث التأثير الدولي في الأسواق الصاعدة، فإنها (الصين) ما زالت تلعب دورا حاسما".
وفي معرض تعليقها على نموذج التنمية الاقتصادية في الصين، قالت مويو إنه من الواضح أنه على مدار الـ 30 إلى الـ40 عاما الماضية، قامت الصين بكثير من الأمور بشكل صحيح من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والسلع، فضلا عن تقديم خدمات الصادرات، ما ساعد في تمويل قدر كبير من التنمية المحلية في الصين.
وتابعت مويو قائلة: "حتى الآن، قامت الصين بعمل جيد إزاء تخصيص رؤوس الأموال في مجالات مهمة، مثل التعليم والبنية التحتية، وهما من المجالات الأساسية للغاية لتحفيز النمو".
وأشارت كذلك إلى أن الانفتاح في الصين ساعد بالتأكيد في دفع النمو الاقتصادي في البلاد، مضيفة أن الصين استفادت بشكل خاص من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وباتت قادرة على تصدير كثير من السلع والخدمات حول العالم.
ولدى استحضارها خطابا أدلى به الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن أهمية العولمة والانفتاح على التجارة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2017، قالت مويو إنها تؤمن بالعولمة وإن التجارة تعد محركا حاسما للنمو الاقتصادي، معربة عن أملها في أن تتمكن الولايات المتحدة والصين من حل خلافاتهما التجارية سريعا.
ونوّهت الخبيرة الاقتصادية كذلك إلى أن "بعض المخاوف الكبرى التي يشعر بها البعض بشأن الاقتصاد الصيني تدور حول ما إذا كان بإمكانها (الصين) مواصلة النمو الاقتصادي بهذه الوتيرة السريعة".
وأوضحت مويو أن صندوق النقد الدولي والمؤسسات الأخرى خفّضت توقعات النمو العالمي في الآونة الأخيرة، بما في ذلك النمو في أوروبا واقتصادات صاعدة.
وأكدت الخبيرة أيضا أن "الدول بحاجة إلى النمو بنسبة 7 بالمائة على الأقل سنويا من أجل مضاعفة نصيب الفرد من الدخل في جيل واحد. ومن الواضح أن الصين لا تنمو بهذا المعدّل مثلها مثل معظم الدول، ما يشكل مصدر قلق للاقتصاد العالمي. وفي الواقع، فإن الصين تنمو بنسبة 6.5 بالمائة، وهو في الحقيقة معدل جيد للغاية على أساس نسبي".
وأشارت مويو إلى أن الحكومة الصينية سلطت الضوء مرارا على إعادة هيكلة اقتصادها لنقله من كونه اقتصادا تقوده الصادرات إلى اقتصاد يقوده الاستهلاك المحلي.
كما لفتت إلى أنه من أجل مزيد من تحسين بيئة الأعمال لدى الصين أمام الاستثمار الأجنبي، فإن الصين يمكنها زيادة الشفافية وتطابق القواعد والضرائب واللوائح، والأكثر أهمية ضمان بيئة اقتصاد كلي جيدة.
واختتمت مويو حوارها بالقول: "إذا شعر الناس بأن هناك سياسة جيدة متواصلة يمكنها دفْع النمو الاقتصادي ويمكنهم بها تعزيز الطبقة المتوسطة وتحقيق نجاح الصين، فهذه أخبار جيدة أيضا. إن الناس يشعرون بارتياح أكبر بشأن الاستثمار في الصين".