يواصل القرّاء والمحبون من عموم أرجاء الصين الإعراب عن تحياتهم المخلصة تخليداً لذكرى الكاتب لويس تشا ليونغ يونغ، متذكرين إياه كنبراس لأبرز روايات الفنون القتالية، ومصدر إلهام لهم في فترات مراهقتهم وما بعدها.
توفي تشا الذي اشتهر على نطاق واسع باسم جين يونغ عن عمر يناهز 94 عاماً في مستشفى في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة يوم الثلاثاء الماضي. وقد اعتُبر كأبرز روائي ووشيا (الفنون القتالية النبيلة) على الصعيد العالمي في القرن العشرين.
ونشر تشا 15 رواية ما بين عامي 1955 وحتى 1972، وباع مئات ملايين النسخ منها عبر أرجاء العالم، حيث ألهمت قصصه ثقافات متعددة، وخلقت منتجات ثقافية هامة تشمل أفلاماً ومسلسلات تلفزيونية.
وبالنسبة للعديد من المعجبين الصينيين، فإن قراءة روايات تشا على أضواء المصابيح خلال الليالي أو في الزحام أمام شاشة تلفزيون صغير عند إطلاق حلقة جديدة في فترتي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي يستحضر إليهم ذكريات رائعة لا تنسى من فترات المراهقة.
وفي هذا السياق؛ قالت قاو يوان جينغ خريجة جامعة تيانجين إنها لا زالت تتذكر بحب وشغف كيف كانت والدتها تُحفزها بشراء رواية لـ تشا إذا ما حلّت في المرتبة الأولى في الامتحانات، مضيفة :" لطالما كانت روايات الفنون القتالية بمثابة قصص الجنيات بالنسبة للمراهقين، إلا أن تشا خلق عالماً يوتوبياً (طوباوياً) من الفنون القتالية بالنسبة إلينا نحن العامة الذين نتوق للوصول إلى عالم المثل والأخلاق والشهامة".
أما تشو شياو شان الذي يعمل موظفاً في بكين، فقال إن أول عهده بعالم الفنون القتالية الذي خلقه تشا كان من خلال سلسلة تلفزيونية عندما كان في السابعة من عمره، مضيفاً :" لقد كان حدثاً عائلياً في مسقط رأسي عندما تم بثُّ السلسلة التلفزيونية تلك، ليس فقط بالنسبة للأسر التي كانت تملك أجهزة تلفزيون، وإنما للجميع تقريباً".
وقال تشو البالغ من العمر 38 عاماً وأنهى قراءة جميع روايات تشا عندما كان طالباً جامعياً :" لقد خلق تشا في رواياته عدداً كبيراً من الشخصيات الخالدة، كثير منها صارت بمثابة شخصيات مثالية ومرغوبة في بحثنا عن شريك الحياة المناسب".
وبالانتقال إلى منصة "ويتشات" الصينية الشهيرة للتواصل الاجتماعي، قال مستخدمو الإنترنت إن روايات تشا والمسلسلات التلفزيونية التي اقتُبست عن رواياته سحرت العديد من القُراء بسبب "نُبل الشهامة" التي تحلت بها والحس العالي بالعدالة والأخذ بيد الضعيف.
أما بالنسبة للعديد من ممارسي رياضة فن "كونغ فو" القتالي، فإن شخصيات مُعينة في روايات تشا كانت بمثابة نماذج ثابتة بالنسبة لخبراء الفنون القتالية والنزاهة الأخلاقية.
وبالإضافة إلى الشعبية الجارفة التي حظيت بها روايات تشا، فإن العديد من النُقاد تحدثوا واستفاضوا عن قيم روايات تشا ومكانتها الفنية في تاريخ الأدب الصيني.
فقد قال لي تشون البروفيسور في الفن من جامعة الاتصالات في الصين، قال إن عالم الفنون القتالية الذي خلقه تشا وهب القراء نوعاً من "العلاج الروحي" خلال فترتي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، عندما دخلت رواياته إلى سوق البر الرئيسي الصيني، حيث أنها ملأت الفراغ الروحي للعديد من القراء الذين كانوا تواقين إلى نظام قيم جديد بعد أن عاشوا فترة من الاضطرابات.
أما تشو يو المُحاضر في جامعة تيانجين فقد قال:" إن كل رواية من روايات تشا تلامس موضوعاً مختلفاً، ولذلك؛ فإن من المؤسف حقاً أن أهمية المواضيع التي طرحها تشا في أعماله لم تحظَ بعد بالاعتراف الذي يليق بها في الوسط الأدبي".