نيويورك 26 سبتمبر 2018 /قال خبراء إن الكتاب الأبيض الذي نشرته الصين حديثا حول الاحتكاك التجاري مع الولايات المتحدة "فعال جدا" في الدفاع عن شرعية موقفها من التجارة والابتكار بينما يلقي الضوء على التنمر والتهديد التجاري من جانب الولايات المتحدة .
ويوجز الكتاب المعنون"حقائق الاحتكاك التجاري مع الولايات المتحدة وموقف الصين منه "، الذي نشر يوم الإثنين، رد الحكومة الصينية على الانتقادات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى أكبر دولة نامية في العالم، ومن بينها الانتقادات المتعلقة بالاختلال التجاري المتصور وسياسة الإعانات والسرقة المزعومة لحقوق الملكية الفكرية.
وقال سورابه جوبتا الباحث الكبير في معهد الدراسات الصينية- الأمريكية في واشنطن خلال مقابلة أجراها مع وكالة أنباء ((شينخوا)) عبر بريده الإلكتروني يوم الثلاثاء ،إن رسالة الكتاب الأساسية هي ان السياسات والممارسات التجارية والاستثمارية للصين "ترتكز على القانون الدولي والمنطق الاقتصادي" وأن الصين "مستعدة لتبني التسوية المربحة للجانبين على هذا الأساس".
واستطرد قائلا "إن محاولة واشنطن إعادة كتابة قواعد القانون والمنطق في علاقاتها مع الصين على أساس الاحادية والحمائية والأنانية يمثل تنازلا عن مسؤوليات المنافع العامة العالمية ويفرض تهديدا خطيرا للنظام الاقتصادي الدولي."
ومالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل كبير نحو الأحادية وحاولت استخدام الإجبار في المفاوضات التجارية التي عقدتها مع الصين لتحصل على ما تريد، بينما قالت الصين إنها مستعدة للتفاوض على قدم المساواة لكنها ترفض الأحادية. وأوضحت الصين انها ستلتزم بسياسة الاصلاح والانفتاح من اجل تنمية اقتصادها.
وقال جوبتا إن الكتاب الأبيض الذي نشرته الصين جاء في الوقت المناسب.
ونشر الكتاب الأبيض في الوقت الذي دخلت فيه الرسوم الجمركية الاحادية التي فرضتها الولايات المتحدة على بضائع مستوردة أخرى من الصين بقيمة 200 مليار دولار أمريكي، حيز التنفيذ. وردت الصين بطريقة صارمة ولكن مدروسة عن طريق فرض رسوم جمركية ثأرية على استيراد منتجات أمريكية بقيمة نحو 60 مليار دولار أمريكي.
وأفاد جوبتا ان هدف الصين الواضح من نشر الكتاب الأبيض هو "الدفاع بقوة" عن سياساتها وممارساتها للتحرر منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية والطعن علي قصص واشنطن مباشرة حول مواضيع تمتد من العجز الثنائي في تجارة البضائع إلى ما يسمى "التجارة العادلة" وانتهاكات حقوق الملكية الفكرية المزعومة.
وقال إنه "عن طريق تقديم شرح مفصل لمجموعة سياسات النفاق الأمريكية التي تنطوي على تمييز في التعامل مع البضائع والاستثمارات الصينية وتنتهك القانون الدولي، تبين أن نيتها هى تطبيق المثل القائل بأن "افضل دفاع هو الهجوم الجيد."
وأضاف أن هذا الكتاب يرسل أيضا "إشارة بأن الصين لم ولن تخضع أمام إجراءات الإنفاذ التجارية الأمريكية غير العادلة والمتصاعدة."
واستطرد جوبتا "إذا كانت واشنطن لديها توقعات بأن الصين ستخضع للضغط لأن الولايات المتحدة لديها أشياء كثيرة تستطيع فرض رسوم إضافية عليها، فإن هذه التوقعات في غير محلها. لأن الصين مستعدة لخوض هذه اللعبة الطويلة مع الولايات المتحدة حتى يتم احترام حقوقها القانونية الدولية وحقها في التنمية."
وقال تشو تشي تشون أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة بوكنل إن نشر هذا الكتاب الأبيض كان ضروريا بالنسبة للصين "لوضع الأمور في نصابها" حيث إن الاحتكاك التجاري يواصل التصاعد.
وأضاف أن هذا الكتاب يظهر أن الصين تأمل أن "تفهم الولايات المتحدة موقفها بشكل كامل" قبل ان تجلس إلى طاولة المفاوضات، وبذلك تضع أساسا سليما للدورة القادمة من المفاوضات.
واستطرد تشو قائلا "بالتأكيد، إن الأساس هو رغبة الولايات المتحدة فى عقد محادثات لحل الخلافات من خلال مشاورات رشيدة على قدم المساواة بدلا من إجبار الصين على قبول مطالب وشروط أحادية وضعتها الولايات المتحدة ".
وقال ستيفان روش الباحث الكبير في معهد جاكسون للشؤون العالمية بجامعة يال، المعروف بتأييده للتواصل الفعال بين الصين والولايات المتحدة ،إن الكتاب الأبيض باعتباره ردا من الصين على الاتهامات الأمريكية "تأخر كثيرا".
بل إن الرئيس السابق لمورجان ستانلي آسيا مضى إلى القول إن هذا سيساعد على ضم مجموعة مصنفة من المسائل "ذات الأهمية القصوى وشؤون أخرى أقل أهمية لتقليل الفجوة بين الولايات المتحدة والصين."
وأضاف "أعتقد ان الكتاب الأبيض فعال بشكل كبير في تقديم رد مفصل من الصين على التهم الأمريكية والاتهامات المضادة ."