منذ إقامة منتدى التعاون الصيني- الإفريقي (فوكاك) في عام ٢٠٠٠، حقق التعاون بين الجانبين إنجازات خارقة. وتعتبر قمة بكين التي اختتمت في أوائل سبتمبر الجاري، وعقدت في ظل بيئة وتحديات جديدة، بمثابة نقطة انطلاق جديدة للتعاون وتفتح فصلا جديدا لبناء مجتمع أقوى ذي مستقبل مشترك بين الصين وقارة أفريقيا.
استعراضا للأعوام الـ١٨ تقريبا، نما التعاون الصيني- الإفريقي بشكل ملحوظ، وخاصة في إطار "خطط التعاون العشر" المعلنة خلال قمة جوهانسبرج لمنتدى فوكاك ٢٠١٥، والتي أعطت قوة دافعة كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا.
ويمكن رسم صورة أكبر لهذا التعاون من خلال الأرقام التالية.
فقد شهدت التجارة تطورا سريعا. وفي عام ٢٠١٧، ظلت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا للعام التاسع على التوالي، بحجم تجارة بينية بلغ ١٧٠ مليار دولار، مرتفعا من ١٠ مليارات دولار فقط في عام ٢٠٠٠.
وتدفقت مشاريع البنية التحتية الناجحة، حيث ساهمت الصين بالمساعدة والتمويل في بناء أكثر من ٥٠٠٠ كيلومتر من السكك الحديدية وأكثر من ٥٠٠٠ كيلومتر من الطرق السريعة في الدول الأفريقية، ووفرت مشاريع الشركات الصينية في مجال البنية التحتية ما يقرب من ٩٠٠ ألف وظيفة محلية في البلدان الأفريقية.
وكثرت التبادلات على شتى المستويات. وفي الفترة بين ٢٠١٢ و٢٠١٦، بلغ إجمالي عدد الطلاب الأفارقة في الصين ٦١٥٩٤، وحاليا يوجد ٥٤ معهد كونفوشيوس في ٤١ دولة في أفريقيا. وتبادل السياح الصينيون والأفارقة زيارات إلى آراضيهما سنويا للتمتع بتجارب مختلفة تماما.
وبعد ثلاث سنوات من قمة جوهانسبرج، وبناء على "خطط التعاون العشر" التي تم ترتيبها وتنفيذها بنجاح، من المتوقع أن تفتح قمة بكين لمنتدى (فوكاك) فصلا جديدا لمستقبل مشترك أوثق بين الشعب الصيني والشعوب الأفريقية، في ظل التطلع إلى التحولات الجديدة للتعاون في ضوء "المبادرات الثماني" التي طرحت خلال القمة للسنوات الثلاث القادمة.
فلا شك أن التعاون البيني سيواصل مساره، فتعزيز رفاهية الشعب هي الهدف الأول والأخير للتعاون حتى تكون نتائجه مرئية وملموسة. وفي نفس الوقت، يتوقع أن تكون هناك تحولات في الأفق في ظل الظروف الجديدة.
وقال شو وي تشونغ، مدير معهد الدراسات الأفريقية في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، إن التعاون الصيني- الإفريقي سيشهد تحولات على أربعة صعد بعد قمة بكين لمنتدى (فوكاك).
أولا، يتوقع أن يتحول نهج التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وأفريقيا. وأورد في هذا الصدد أن العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية يحركها "محرك رباعي الدفع"، يتمثل في التجارة والاستثمار والمشاريع الهندسية والمساعدات. ومع تعميق التعاون الثنائي، سيتحقق، بلا شك، زخم أكبر في مجالي الاستثمار والتمويل، مؤكدا حاجة الصين والدول الأفريقية إلى رفع مستوى التعاون في الاستثمار والتمويل لكي يستفيد الجانبان من فرص الربح المشترك إلى أقصى حد.
ثانيا، يتوقع أن تتنوع أوجه وأنماط ومجالات التعاون الصيني- الأفريقي. فبجانب التعاون التقليدي، يرى شو أن المشروعات المشتركة تمويلا وإدارة ستكون واعدة.
ثالثا، يتوقع أن تتعزز التبادلات بشأن الخبرات في الحكم والإدارة. وقال شو: "من الأفضل تعليم الناس الصيد بدلا من إعطائهم السمك"، مشيرا بذلك إلى أن نقل التكنولوجيا والتجارة والاستثمار وتبادل الرؤى حول كيفية التطوير بوتيرة أسرع عبر سياسات أفضل من شأنه أن يلبي حاجة أفريقيا إلى التخطيط بشكل أفضل.
رابعا، يتوقع أن يتحول تركيز التعاون من الكم إلى الكيف. وقال شو إن التعاون الصيني- الأفريقي السريع قد أبدع بيئة إيجابية لتحقيق نتائج الكسب المشترك، وقد حان الوقت الآن للانتقال من تنمية تركز على الحجم إلى تنمية أرقى تركز على الجودة والنوعية، أو بمعنى آخر الارتقاء بجودة التعاون ومستواه إلى ما هو أعلى.