أكد رئيس جمعية الصداقة الجزائرية الصينية الدكتور إسماعيل دبش أن الصين وإفريقيا تربطهما علاقات قديمة تطورت منذ أن وقفت الصين إلى جانب تحرير إفريقيا من الاستعمار وتشهد الآن تطورا طبيعيا تميزه المنفعة المتبادلة والاهتمامات المشتركة، مشيرا إلى أن العلاقات بين الجانبين تقف أمام فصل جديد من التعاون المثمر مع اقتراب انعقاد منتدى التعاون الصيني الإفريقي في بكين في سبتمبر المقبل.
وقال دبش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، في حديثه مع مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يعلق على المنتدى الذي ستسعى الصين وإفريقيا خلاله إلى الارتقاء بالعلاقات الودية بينهما إلى مستوى أعلى، إن العلاقات بين الصين والدول الإفريقية تاريخية حيث ساهمت الصين في ودعمت تحرير الدول الإفريقية من الاستعمار الغربي، ومن ثم فالعلاقات بين البلدين قديمة جدا وشهدت تطورا كبيرا خاصة في الشق الاقتصادي.
ولفت إلى أن التعاون الاقتصادي الذي كان يتراوح حجمه بين 20 و30 مليار دولار قبل 20 عاما، وصل في السنوات الأخيرة إلى 180 مليار دولار سنويا، وهذا يبين أن العلاقات الصينية الإفريقية نمت بشكل كبير بل وتضاعفت ارتكازا على مبدأين أساسيين ألا وهما المنفعة المتبادلة والشراكة.
وذكر الأكاديمي الجزائري أن "ما تقوم به الصين في إفريقيا قائم على الإرادة السياسية والاقتصادية للدول الإفريقية ويعني أن هناك شراكة إفريقية - صينية"، ضاربا مثالا على ذلك بالشراكة القائمة بين الصين والجزائر وهي شراكة مبنية على المنفعة المتبادلة وتتوافق مع مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين وتهدف إلى خلق فرص جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان المشاركة فيها.
"بمعنى أن الصين تريد أن تساهم وتشارك في تنمية الدولة التي تتعاون معها من خلال استثماراتها على غرار ما حدث مع الجزائر والسودان وأنغولا والنيجر ونيجيريا وجنوب إفريقيا وفي دول إفريقية أخرى مثل بوركينا فاسو والسنغال، وخاصة أن هذه الشراكة هي بإرادة الدول الإفريقية التي تبحث عن بدائل أخرى سياسية واقتصادية خارج المحيط الغربي"، حسبما قال الدكتور دبش.
كما سلط الضوء على أن الصين تساعد الدول الإفريقية في بناء بنى تحتية اقتصادية جديدة وعلى استعدادها لدعم الدول الإفريقية بالتكنولوجيا، مشددا أيضا على أهمية الاستثمارات الاقتصادية الصينية في إفريقيا ودورها في نهضة وتنمية القارة.
ولفت الأكاديمي الجزائري إلى أن التعاون الصيني - الإفريقي والتعاون الصيني - العربي والتعاون الصيني - الدولي بصفة عامة قائم منذ عام 2013 على إستراتيجية وهي إستراتيجية الحزام والطريق، "بمعنى أن الصين تريد أن تقيم علاقات اقتصادية من أجل تنمية الدول التي تستثمر فيها وتقيم معها علاقات اقتصادية سواء في إفريقيا أو آسيا أو العالم العربي"، منوها إلى ما دعا إليه الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرا في جنوب إفريقيا خلال قمة بريكس بشأن ضرورة أن تحدد الدول الإفريقية برامج وأولويات اقتصادية والصين من جانبها مستعدة لدعم هذه الأولويات والبرامج.
وفي الختام، أشاد الدكتور دبش بالنتائج التي تحققت من المساهمات التي قدمتها الصين لتعزيز البنى التحتية للدول الإفريقية، مدللا على ذلك بقوله إن "الصين مكنت الجزائر وفي إطار الشراكة بين البلدين من بناء مصفاة لتكرير البترول كائنة الآن في منطقة أدرار جنوبي البلاد فضلا عن وجود ست مصافي أخرى في طور الإنجاز، لدرجة أن وزير الصناعة الجزائري يوسف يوسفي أكد أنه بعد دخول هذه المصافي الخدمة، فإن الجزائر ستستغني عن استيراد البنزين الذي يثقل كاهلها".
هذا ومن المتوقع أن يعزز منتدى التعاون الصيني الإفريقي ببكين في سبتمبر المقبل التوافقات الإستراتيجية بين الجانبين من أجل الحفاظ على علاقاتهما الودية وتوطيد الأساس السياسي لوحدتهما وضخ زخم قوي في تنمية العلاقات الثنائية في الحقبة الجديدة.
وسوف يرسم هذا الحدث أيضا مسار تنمية العلاقات المستقبلية. ومن أجل بناء مجتمع أقوى ذي مستقبل مشترك بين الصين والدول الإفريقية وتحقيق تعاون متبادل المنفعة وتنمية مشتركة، فسوف يهدف المنتدى إلى التنسيق بين مبادرة الحزام والطريق وأجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وإستراتيجيات التنمية الخاصة بالدول الإفريقية. كما سيسعى إلى تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب وتحقيق تعاون جديد بين الدول النامية.