12 يوليو 2018/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ إذا أتيت إلى شيتشو من مدينة دالي، التابعة لمقاطعة يونان بجنوب غربي الصين، على الأرجح أنك ستلتقي المواطن الأمريكي ليندن براون. حيث يطلق عليه سكان القرية إسم"عمدة القرية الأجنبي"، وهذا في الحقيقة لايعني بأنه مسؤول محلي، بل بسبب إقامته في القرية منذ أكثر من 10 أعوام، حيث يشارك سكان القرية في القيام بالأعمال العامة والأنشطة الثقافية، وكأنه إطار حكومي.
في عام 2008، قامت عائلة ليندن ببيع منزلها في أمريكا وفتحت نزلا في مدينة دالي، أطلقت عليه إسم "شي لين يوان" (Linden Centre). وقد نجح النزل بعد فترة وجيزة من افتتاحه في جذب عدة مشاهير عالميين، ماجعله يصنّف في المراتب الأولى على المواقع السياحية العالمية المشهورة. ويفتتح شي لين يوان في الوقت الحالي ثلاثة فروع في شيتشو. تعليقا على ذلك، يقول ليندن: "لقد قدمت من أمريكا، وحققت حلمي في الريف الصيني!"
ولد ليندن في عائلة عادية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1984، حصل على منحة صينية للدراسة في جامعة بكين للغات والثقافة، حيث كان ذلك بداية قصته مع الصين. عندما سافر هو وزوجته إلى قرية شيتشو التابعة لمدينة دالي عام 2004، أعجب بثقافة القرية، وقرر في النهاية الإستقرار بشيتشو.
"لقد زرنا العديد من المدن والقرى الصينية القديمة، ولديّ إهتمام كبير بالثقافة التقليدية المحفوظة في الريف الصيني." يعتقد ليندن أن المدينة تعد مركز الحضارة الحديثة، لكن القرى تبقى تحتفظ بتقاليد ثرية، حتى ولوكانت تقع في أماكن نائية.
يمتلك ليندن عدة نزل في شيتشو، وغالبيتها تنتمي لوحدات حماية الأثار الثقافية، بينها"نزل يانغ بينغ شيانغ"، المدرج ضمن المستوى الوطني لحماية الآثار الثقافية. يذكر أن الحكومة المحلية، تضع معايير صارمة لحماية وتطوير الآثار الثقافية، و"نزل يانغ بين شيانغ" يمثل مسكنا تقليديا لقومية باي، وزواياه مليئة بالآثار الثقافية. حيث يحتوي على "قاعة الأجداد" ومتحف صغير ومكتبة، ويبلغ عدد غرفه 16 غرفة، وكثيرًا ما تُقام فيه العديد من المحاضرات الثقافية.
بني "نزل يانغ بينغ شيانغ" في عام 1948، وقبل أن يستأجره ليدن كان المبنى يعاني أضرارا كبيرة. لكن ليندن قام بدعوة قرابة 100 عامل محلي، وأستغرق ما يقرب من عام لإصلاح المنزل القديم. تم إجراء الإصلاحات يدويًا بالكامل، كما تم إعادة تصميم الطراز المعماري القديم بحرفية عالية. وقام بتزويد المنزل بالماء والإنارة والصرف الصحي ونظام الحماية من الحرائق. وأنفق ليندن على هذا المشروع حوالي 600 ألف دولار أمريكي. وإستغرقت مدة إنجازه، من المفاوضات إلى إستكمال الشهادات الرسمية إلى الإصلاح، قرابة 4 سنوات.
يُشغل نزل شي لين يوان بالأساس السكان المحليين، وهم في الغالب فلّاحين في المناطق الزراعية القريبة، ومحترفون في صناعة الخدمات بعد التدريبات. في هذا الصدد، يقول مسؤول بالنزل: " يحتوي النزل على أكثر من 40 غرفة، بينما يشغل 60 عاملا، وهذا لا يضمن جودة الخدمة فحسب، بل يوفر مزيدا من فرص العمل للسكان المحليين".
إضافة إلى ذلك، يأمل ليندن في أن يصبح نزّله منصة للتبادل الثقافي الدولي. حيث نجح في تأسيس علاقات تعاون مع جامعة ييل، جامعة ستانفورد، جامعة برينستون ومدرسة الصداقة الثانونية بسيدويل. ويوفر السكن والقاعات الدراسية للطلاب المحليين والأجانب الذين يجرون مشاريع بحثية عملية في دالي، كما يقدم أيضا التسهيلات للأكاديميين والمتطوعين والطلاب المهتمين بالثقافة الشعبية المحلية في دالي.
بعد إقامته في شيتشو لمدة 10 سنوات، يقول ليندن: "إن الصين هي معلّمي الحقيقي". ويضيف بأنه يرغب دائما في إستعمال كلمة المعلم للحديث عن علاقته بالصين، لأن الصين أتاحت له الفرصة لتغيير حياته. كما دفعته الثقافة الصينية العريقة وخاصة ثقافة مدينة دالي إلى تغيير عدة آراء سابقة.
في عام 2017، حصل ليندن على جائزة "تساي يون" من حكومة مقاطعة يونان، وهي أعلى جائزة تمنحها حكومة مقاطعة يونان للخبراء الأجانب الذين يعملون داخلها. في هذا السياق، يقول ليندن: "لقد بلغت سن الـخامسة والخمسين، لكنني مازلت شخصا مثاليا، وأرغب دائما في دفع التنقيب الثقافي والتبادل".