الأمم المتحدة 17 مايو 2018 / في ظل حديث أثير عن المخاوف بشأن سلطة مجلس الأمن ومهامه التي أوكلها خلال مناقشة مفتوحة رفيعة المستوى أمس الخميس، ألقت الصين بثقلها الكبير خلف المجلس بوصفه أحد الأجهزة الأممية الأساسية الستة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
خرق القواعد
وبوصفه "حارس البوابة" وحافظ القانون الدولي لـ 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، على مجلس الأمن المعالجة السريعة لنواحي الفشل في منع استخدام القوة والحفاظ على الأمن والسلام العالميين، وفقا لما قاله المتحدثون في مناقشة مجلس الأمن المفتوحة بشأن تدعيم القانون الدولي من أجل حماية السلام والأمن.
شارك مندوبون من أكثر من 70 دولة عضو في المناقشة، التي امتدت ليوم، بشأن مجموعة واسعة من القضايا، من تصاعد الأزمات الانسانية إلى الصراعات، وسبل التعامل معها.
وقال مندوب السويد أولوف سكوج "مصداقيتنا تعتمد عليه". في الوقت الذي يتم فيه خرق القانون الدولي، يجب على المجلس محاسبة المسؤولين عن ذلك وتحقيق العدالة للشعوب التي تم إعلان ميثاق الأمم المتحدة من أجل حمايتها.
وقال مندوب أثيوبيا تيكيدا أليمو "لا نحتاج إلى إعادة اختراع العجلة"، مؤكدا على أن النظام الدولي القائم على قواعد محددة هو أساس تعزيز السلام والأمن الدوليين والحفاظ عليهما، فضلا عن تعزيز العلاقات الودية والتعاون بين بلدان العالم.
استخدام القوة
تركز جانب كبير من المناقشة على استخدام القوة والتفسير الفضفاض من جانب بعض البلدان للميثاق وللقانون الدولي.
وقال مندوب البرازيل فرديدريكو سالوماو إسترادا إنه رغم أن عام 2018 يوافق الذكرى الـ 90 لتوقيع ميثاق باريس، الذي يحظر استخدام القوة كسياسة وطنية، فإن العالم الراهن المليء بالحروب والأزمات الإنسانية والصراعات الممتدة يدعو إلى القلق وإلى اتخاذ إجراءات سريعة.
ومعربا عن قلقه بشأن نزعة بعض الدول نحو التحريض على استخدام القوة لحماية حقوق الإنسان أو درء الجرائم الدولية، قال إسترادا إنه إذا ما استمرت المعايير الشخصية والأحادية في صياغة هذه القرارات، فإن تحقيق السلام المستدام سيصبح هدفا بعيد المنال.
وتابع "عزمنا الجماعي على وقف انتهاكات حقوق الإنسان وهزيمة الإرهاب لا ينبغي أن يجعلنا نتجاهل القانون الدولي"، محذرا من ان حالات الدفاع عن النفس الجديدة قائمة على شكوك بشأن المفاهيم، مع حتى عدم وجود تعريف مشترك للإرهاب يتوافق عليه المجتمع الدولي.
وأكد أن السماح باستخدام القوة يجب أن يكون محدودا ويجب أن يطالب المجلس بتقارير وافية لأن "تلك القوات ربما لا تكون ترتدي الخوذات الزرقاء لكنها في الوقت نفسه تتصرف بناء على سلطة وشرعية نص أزرق."
البحث عن مخرج
قالت ماريا لويزا ريبييرو فيوتي، رئيسة ديوان الأمين العام للأمم المتحدة، في كلمتها التي ألقتها نيابة عن الأمن العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن المجلس أصبح القوة الدافعة لضمان التمسك بالقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة وغيرها من القواعد ذات الصلة.
وقالت "في ضوء تهديدات خطيرة واضطرابات متزايدة في الكثير من المناطق، ستكون وحدة مجلس الأمن والالتزام الجاد بالقانون الدولي كاملا أمرين حاسمين في منع المعاناة الإنسانية والدفاع عن إنسانيتنا"، مؤكدة على الروابط بين المجلس ومحكمة العدل الدولية في قيادة الطريق.
وقال ثيودور ميرون، رئيس آلية المحكمة الجنائية الدولية، إنه من نواح عديدة، أصبح المجلس حارسا للبوابة حيث أنه هو من يقرر ما إذا كان وضع ما يخضع لإجراءات المساءلة.
وقال ميرون إن الوقت قد حان لإجراء تغيير نمطي يستطيع من خلاله المجلس إحالة الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي إلى الجهات القضائية الملائمة لاتخاذ مزيد من الإجراءات، بدلا من احتمالية تعثر المساءلة على هذه الانتهاكات عبر مناقشات بشأن وقوع هذه الأعمال الوحشية من عدمه.
وعن طريق ذلك سيتم تعزيز المساءلة وزيادة الثقة في قدرة المحاكم على تقييم الأدلة بشكل عادل ونزيه.
وتحدث مندوبون آخرون عن أمثلة مشابهة، حيث حث كثيرون منهم على التطبيق الصارم لبنود الميثاق واقترحوا وسائل لتعزيز مصداقية مجلس الأمن وفعاليته.
وقال الرئيس البولندي أندريه دودا إنه إذا لم تتم تسوية الصراعات على نحو سلمي، فإنه بوسع المجلس، في سبيل حماية القانون الدولي في أحرج لحظاته، أن يطرح العقوبات المستهدفة، لأن الإجراءات القسرية ذات أهمية بالغة في الدفاع عن المبادىء القانونية والدولية.
وقال وزير الخارجية الهولندي ستيفانوس أبراهام بلوك إنه إذا اختار المجلس أن ينأى بنفسه عن تلك المشكلات، وحينما يفعل ذلك من خلال عدم اتخاذ أي إجراء، سيتم البحث عن وسائل أخرى لضمان التمسك بالقواعد الدولية الأساسية.
وأضاف بلوك أن هولندا، قبل الجمعية العامة المقبلة، ستبحث هذه الخيارات وستتشاور بشأنها مع مجموعة المساءلة والاتساق والشفافية التي تضم 27 دولة متوسطة وصغيرة الحجم وتهدف إلى تعزيز وظائف مجلس الأمن.
الصين: داعم قوي
وسط هذه المخاوف والقلق والاقتراحات، أظهرت الصين من جديد عزمها وحماستها لحماية سلطة المجلس والمهام المخولة من جانبه.
وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة ما تشاو شيوي إنه وسط الصراعات المحلية المنتشرة والتهديدات الأمنية المتزايدة، يجب تعزيز الجهود للتغلب على هذه التحديات.
ومن أجل ذلك، قدم ما عدة مقترحات، من بينها أنه يجب على الدول الأعضاء التمسك بجميع بنود ميثاق الأمم المتحدة وحماية مهمة المجلس وسلطته.
وقال ما إن المجلس يمثل إرادة جميع الدول الأعضاء ويجب تقديم الدعم لدوره. فضلا عن ذلك، يجب على كافة البلدان الأعضاء التمسك بالحل السلمي للنزاعات الدولية، مضيفا أن الإجراءات غير المخولة من جانب المجلس تمثل انتهاكا للميثاق والقانون الدولي.
وكخطوة أخرى للأمام، يجب على المجتمع الدولي إدانة عقلية الحرب الباردة وتيسير الحوكمة العالمية وضمان تطبيق القانون الدولي بعدالة ومساواة دون معايير مزدوجة ، فضلا عن التخلي عن فرض عقوبات خارج سلطة مجلس الأمن.
وأوضح ما أن التعاون المربح للجميع أصبح اتجاها عاما، مضيفا أنه يجب احترام تطلعات الشعوب جنبا إلى جنب مع حقوق البلدان.
وأكد ما على أهمية أن يحل الحوار محل المواجهة، مشددا على أهمية تبني فلسفة جديدة لبناء نظام أمني مستدام يهدف إلى مواجهة التهديدات وضمان مصير مشترك من السلام والاستقرار.
وأوضح ما أن مجلس الأمن، بوصفه أساس آلية الأمن الجماعي بالأمم المتحدة، يتحمل مسؤولية كبرى في مواجهة التهديدات والتحديات الأمنية الدولية، وهي مهمة شاقة للغاية.