تدرس ليو مين البالغة من العمر 17 عاما في الصف الثاني بإحدى المدارس الثانوية ببكين، وكان يصعب عليها حفظ القصائد الصينية القديمة في الكتاب المدرسي، ولكن بعد مواظبتهاعلى مشاهدة برنامج "إلقاء القصائد الصينية القديمة عن طريق الغناء" مع والديها لمدة أكثر من شهر، حفظت أكثر من عشرين قصيدة قديمة.
ويبث برنامج "إلقاء القصائد الصينية القديمة عن طريق الغناء" في القناة الأولى التابعة للمحطة التلفزيونية المركزية الصينية في الساعة الثامنة مساء كل سبت منذ منتصف فبراير الماضي، حيث يستضيف البرنامج المطربين والنجوم والأشخاص العاديين لإلقاء القصائد عن طريق الغناء، إضافة إلى حكاية قصص عنهم والقصائد. وهناك بعض الضيوف المدعوين لا يمكن نسيانهم:
السيدة باي رو يون، فلاحة فقيرة تسكن في إحدى القرى التابعة لمدينة شينغتاي بمقاطعة خبي شمال الصين. وأصيبت بسرطان الغدد الليمفاوية قبل خمس سنوات، كان المرض الخطير يؤلمها كثيرا. وفي يوم من الأيام، كانت تتجول في الشارع ووجدت محلا صغيرا تباع فيه كتب مستعملة، ثم اختارت كتاب"القصائد الصينية الكلاسيكية". وكان هذا الكتاب يصاحبها خلال بقائها في المستشفى لتلقي علاجا بالإشعاع. وقالت أثناء البرنامج إنها لا تزال تحتفظ بهذا الكتاب القديم، رغم أن سعره لا يتجاوز عشرة يوانات، لكنه أعطاها قوة روحية هائلة لمحاربة المرض. وأضافت أن القصائد القديمة تعد كنزا ثمينا للثقافة الصينية، الشخص الضعيف يتعلم منها أن يكون قويا، والشخص القوي يتعلم منها أن يكون متسامحا. وقالت إنها فقيرة ماليا ولكنها بمصاحبة القصائد الصينية، أصبحت ثرية روحيا.
الجدير بالذكر، أن برنامج "إلقاء القصائد الصينية القديمة عن طريق الغناء" لا يجذب مشاركة الفنانين الصينيين فحسب، بل يجذب مشاركة الفنانين الأجانب أيضا. روبرت زوليتشي، الملحن الألماني، تزوج من مطربة صينية، ويسميه أصدقاؤه "لو لوه". وبتأثير من زوجته، كان مهتما للغاية بالثقافة الصينية، ويعتقد أن القصائد الصينية القديمة تعكس جمال الشرق مثلما أن أزياء تشي باو تمثل أناقة المرأة الصينية، وكان الشعراء القدماء يستخدمون كلمات بسيطة للتعبير عن قصص طويلة ومشاعر معقدة. وكان لو لوه يلحن القصائد الصينية القديمة ويعزفها بالآلات الموسيقية الغربية، حيث لقي هذا الإبداع الموسيقي ترحيبا واسعا من قبل المشاهدين.
ويعتقد السيد وانغ دنغ فنغ، مدير قسم الرياضة والصحة والتربية الفنية بوزارة التعليم الصينية، أن الجمع بين الشعر والشعبية هو نموذج جيد جدا للتعليم الوطني، إذ قال: "جعل الطفل يشعر بالسحر الدائم للثقافة التقليدية الصينية بطريقة خفية وتصبح جزءًا مهمًا من قيم الحياة، وباستخدام هذا الابتكار والميراث، فإن التقاليد الثقافية الصينية ستترسخ وتزهر في جيل الشباب."