بغداد 11 ابريل 2018 /قرب تل منخفض يراقب اركان العبيدي احد مقاتلي الحشد العشائري (المقاتلين السنة) عن بعد تحركات مسلحي التنظيم المتطرف على الحدود الفاصلة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين قرب منطقة الحاوي، واصفا تلك المنطقة بانها ارض النار التي تريد حرقهم.
وقال العبيدي، في منتصف العقد الثاني من عمره وهو يمسك بندقية كلاشنكوف روسية الصنع، لوكالة أنباء (شينخوا) "وجودنا قرب ارض النار ضمانة لبقاء مناطقنا آمنة ومستقرة بعيدا عن جرائم تنظيم داعش الارهابي الذي يريد أن يحرق الاخضر واليابس".
واضاف العبيدي، الذي نزح قبل عدة اشهر "ان مناطق الميتة وامطيبيجة والسبيعات وغيرها والتي تقع ضمن حدود محافظة صلاح الدين، لكنها لا تبعد سوى بضعة مئات من الامتار عن مناطقنا هي بمثابة ارض النار التي يأتي منها كل شر صوب قرانا"، مبينا ان التنظيم المتطرف ينشط في مناطق ضمن حدود صلاح الدين ويحاول التسلل إلى قرى ديالى بين فترة واخرى قائلا "نجحنا في احباطها وقتل بعض مسلحيه باسناد القوات الامنية والحشد الشعبي".
بدوره، قال بكر احمد وهو مقاتل اخر من الحشد العشائري إن " ترك مناطق واسعة دون مسك خطأ فادح ولا نعرف اسبابه، لكن الامر انعكس علينا واصبحنا نواجه عناصر تنظيم داعش الهاربين من محافظات كركوك والموصل وصلاح الدين".
وتابع احمد" داعش يمتلك آليات ويقوم باجراء التحصينات، ورصدنا قبل فترة شفل (حفارة) تقوم بحفر الارض ضمن حدود منطقة الميتة، ولا نعرف ماذا يفعلون، نحتاج إلى رد قوي لانهاء خطر تلك الجماعة المتطرفة".
ولفت احمد إلى أن تأمين الحدود بين ديالى وصلاح الدين سيمهد الطريق امام عودة الكثير من الاسر النازحة، مشددا على ان ارض النار تحتاج إلى جهد امني كبير خلال الفترة المقبلة.
إلى ذلك، أكد محمد ضيفان رئيس مجلس ناحية (بلدة) العظيم (60 كلم) شمال بعقوبة، مركز محافظة ديالى وجود نشاط كبير وواضح لتنظيم داعش في المناطق المحاذية لحدود بلدة العظيم مع صلاح الدين ومنها الميتة وامطيبيجة ومناطق اخرى قائلا "لذلك نحن في حالة استنفار دائم ونحمل السلاح لمواجهة اي طارئ".
واضاف ان "قرى العظيم تدفع ثمن وجود عناصر تنظيم داعش بمناطق صلاح الدين الذين يحاولون التسلل إلى مناطقنا واستهداف المدنيين والرعاة ونقاط المرابطة للحشد العشائري وبقية التشكيلات الامنية، وخسرنا شهداء وجرحى خلال الاشهر الماضية بفعل تلك الهجمات".
واقر العبيدي بان مناطق امطيبيجة والميتة هي ارض النار التي توجه فوهتها صوب قرى العظيم في اغلب الاحيان من خلال الهجمات او القصف بالهاونات انطلاقا من تلك المناطق.
اما عضو اللجنة الامنية في مجلس ديالى عبد الخالق العزاوي فقال "إن مناطق امطيبيجة والميتة في صلاح الدين تمثل نهايات سائبة غير ممسوكة من اية قوة امنية لذا تحولت إلى بؤرة وملاذ للجماعات المتطرفة وهذا ادى تكرار هجماتها على نقاط المرابطة ضمن حدود بلدة العظيم".
واضاف العزاوي ان الحشد العشائري في حالة انذار قصوى منذ اسابيع بسبب نشاط داعش على الحدود بين ديالى وصلاح الدين من اجل مواجهة اي طارئ، لافتا الى ان الوضع يحتاج الى عملية عسكرية بغطاء جوي لان التنظيم المتطرف لديه قواعد في تلك المناطق.
واشار العزاوي الى ان نشاط داعش في صلاح الدين قرب الحدود مع ديالى من قاطع العظيم مثير للقلق خاصة في الاسابيع الاخيرة، مبينا ان حركتهم كانت ترصد في المساء لكن الان يتحركون نهارا وهناك شفل (حفارة) يستخدم من قبلهم في عمليات حفر مجهولة ضمن قاطع الميتة.
فيما اكد رئيس مجلس ديالى علي الدايني أن ابرز التحديات في المحافظة هي وجود تنظيم داعش الارهابي ضمن الحدود مع محافظة صلاح الدين ما شكل وجود ثغرات لتسلل مسلحيه إلى عمق اراضي محافظة ديالى.
واضاف الدايني ان " نسبة عالية من اعمال العنف التي ضربت ديالى في الاشهر الماضية كان مصدرها مناطق تقع على الحدود الفاصلة بين ديالى وصلاح الدين وهذا ما يدفعنا الى المطالبة بانهاء خطر داعش في تلك المناطق وسد كل الثغرات التي يمكن من خلالها ان تحصل عمليات التسلل بين فترة واخرى".
وشدد الدايني على ان انهاء ملف داعش على الحدود بين ديالى وصلاح الدين سيؤدي الى انخفاض كبير في الخروقات الامنية ويسهم في عودة مئات الاسر النازحة الى قراها ضمن قاطع العظيم واعادة دائرة الانتاج الزراعي التي توقفت لعدة سنوات في تلك القرى.
على صعيد متصل، قال الخبير العسكري العميد الركن عبدالله الجبوري من اهالي صلاح الدين "إن منطقة مطيبيجة المحايدة لمحافظة ديالى، منطقة وعرة وتمتاز بوجود غطاء نباتي كثيف ومسطحات مائية، الامر الذي سهل اختباء المسلحين الهاربين من كركوك والموصل فيها، وترتيب اوضاعهم ومن ثم شن هجمات مسلحة على محافظتي ديالى وصلاح الدين".
واقر الجبوري بوجود تقصير من قبل القوات الامنية في صلاح الدين قائلا "ان المنطقة المذكورة تحتاج الى قوة كبيرة بحجم فرقة من اجل مسك الارض فيها واعادة السكان اليها، وبعكسه لن يستقر الوضع الامني وستبقى المنطقة ملاذا امنا للارهابيين، لكن القوات في صلاح الدين تقوم بين فترة واخرى بعمليات امنية تستمر ليومين او ثلاثة ثم تنسحب حيث يختبأ الارهابيون في انفاق اقاموها لهذا الغرض، ثم يظهرون بعد انسحاب تلك القوات".
وطالب الجبوري بضرورة تفعيل الجهد الاستخباري والقيام بعملية عسكرية كبيرة وشق طرق في المنطقة التي تمتد لعشرات الكيلومترات وتوفير الخدمات الاساسية لكي يعود اهالي المنطقة ويستقروا بها، وبالتالي يتعاونون مع القوات الامنية.
من جانبه، يرى يرى الخبير في الجماعات المسلحة هشام الهاشمي ان يتم استثمار جهود وطاقة العشائر العرية التي اكتوت بناء الارهاب، من اجل سد الثغرات والقضاء على التنظيم المتطرف.
وقال الهاشمي "في المناطق التي تعاني من الهشاشة الأمنية يمكن للقيادة العراقية، بوجود عشائر وحشد مناطقي مناسبين ومستعدين للعمل الأمني والاستخباري، وهم طاقات بشرية مهمة، يمكن تكليفها في أن تسيطر وتؤمن قاعدة للعمليات الاستخبارية في شمال ديالى وجنوب كركوك وشرق صلاح الدين، وغرب الأنبار وحزام بغداد من أجل اجتثاث الفلول وتحجيم الخلايا النائمة في تلك المناطق".
واضاف " لابد أن تكون القيادة المشتركة جادة في تجهيز وتدريب وتطوير قوات الحشد الشعبي التي تقوم بمسك مساحة واسعة من الشريط الحدودي الغربي وترابط في اخطر المناطق المفتوحة، ومن خلال الوعود الصادقة للحشد الشعبي والعشائري وتساعدهم على هزيمة فلول وشتات وخلايا داعش ومنعهم من إعادة ترتيب صفوفهم وتساعد في النهاية على إعادة النازحين وتمكينهم من الاستقرار ببرامج قابلة للتنفيذ بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المهنية".
وتمتاز مناطق امطيبيجة والميتة بتضاريس معقدة للغاية وهي تقع ضمن حدود محافظة صلاح الدين لكنها لا تبعد سوى بضعة مئات من الامتار عن حدود ديالى من جهة قاطع بلدة العظيم، واصبحت تلك مكانا لتواجد اعداد ليست قليلة من مسلحي التنظيم المتطرف ممن فروا من كركوك والموصل وبقية مناطق صلاح الدين.