القاهرة 22 مارس 2018 / رأى محللون سياسيون، أن العلاقات المصرية السودانية تمر حاليا بمرحلة جديدة في ظل وجود إرادة سياسية لدى البلدين لإنهاء الخلافات وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية.
وزار الرئيس السوداني عمر البشير القاهرة يوم الاثنين الماضي، لأول مرة بعد التوتر الحاد الذي اعترى العلاقات بين البلدين.
واستقبل البشير بحفاوة غير مسبوقة في القاهرة، حيث رافقته الطائرات المصرية بمجرد دخول طائرته أجواء البلاد، ثم عقد مع الرئيس عبدالفتاح السيسي قمة ثنائية، وشاركا لاحقا في احتفالية "الأسرة المصرية" في استاد القاهرة الدولي.
وأشاد البشير بحفاوة الاستقبال، وأكد أن "هناك إرادة سياسية قوية للتعاون لحل أي إشكالية تظهر بين البلدين بل والتعاون في كافة القضايا البناءة"، بينما قال السيسي إن " زيارة البشير تعكس الروح الإيجابية بين البلدين، والحرص التام على التشاور والتنسيق والتعاون في مختلف المجالات وإزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وشهدت العلاقات بين مصر والسودان خلال الفترة الأخيرة توترا شديدا، بسبب خلافات حول بعض الملفات من بينها منطقة حلايب وشلاتين، وسد النهضة.
ودفعت هذه الخلافات الخرطوم إلى سحب سفيرها بالقاهرة قبل أن تعيده مرة أخرى، وشكل البلدان لجنة رباعية من وزيري الخارجية ورئيسي جهازي المخابرات لحل الخلافات.
وعقدت اللجنة الرباعية اجتماعا في القاهرة الشهر الماضي، أعقبه زيارة قام بها اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية بالإنابة إلى الخرطوم حيث التقى الرئيس البشير.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن عبدالوهاب الخبير في الشؤون الإفريقية بمركز (الأهرام للدراسات السياسية)، إن العلاقات المصرية السودانية تمر بمرحلة جديدة بعد زيارة الرئيس البشير للقاهرة.
وذكر عبد الوهاب لوكالة أنباء (شينخوا)، أن زيارة البشير تأتي استكمالا لسلسلة لقاءات جرت على المستويين السياسي والأمني بين البلدين، وتعكس إصرارا من جانب القيادتين في البلدين على عقد لقاءات مباشر لحل الخلافات، خصوصا أن مرحلة تسكين الأزمات التي كانت سائدة في فترات سابقة من الصعب أن تستمر.
وعن أسباب التغير المفاجئ في العلاقات بين البلدين، قال إنه " ليس تغييرا مفاجئا لأن هناك منهج مصري مستقر منذ تولى الرئيس السيسي الحكم، يدعم العلاقات الإفريقية بشكل عام والسودانية بشكل خاص".
وتابع أن " المشكلة من وجهة نظر القيادة السودانية تتمثل في عدد من الملفات، هي الحدود والمياه"، إلى جانب التوجهات والتشابكات الخاصة بالنظام السوداني والتي لا تعكس تعظيم المصالح المشتركة مع مصر، ما أوجد فجوة بين البلدين.
ورأى أن " العلاقات المصرية السودانية تحتاج إلى صياغة استراتيجية جديدة تقوم على تعظيم وتعزيز المصالح المشتركة.. وإعادة بلورة المصالح الاستراتيجية للبلدين في إطار أولوياتهما، والتوافق على القضايا الاستراتيجية".
وأردف أنه " بالطبع لو تم ذلك في إطار منظومة اقتصادية تعزز المصالح فسوف نضمن استمرار العلاقات الاستراتيجية".
واتفق السيسي والبشير على تفعيل الآليات المشتركة المتعددة بين البلدين، والحفاظ على دورية انعقادها بهدف تذليل أي صعوبات أو تحديات تواجه العلاقات الثنائية.
ومن بين هذه الآليات اللجنة الخاصة بتعزيز التجارة، والهيئة الفنية العليا المشتركة لمياه النيل، وهيئة وادي النيل للملاحة النهرية، واللجنة القنصلية واللجنة العسكرية، ولجنة المنافذ الحدودية، وآلية التشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية، ولجان أخرى عديدة،.
وأكد الرئيسان اعتزام مصر والسودان المضي في طريق تعزيز التعاون بمجالات الطاقة والربط الكهربائي والربط البري والجوى والبحري ومشروعات البنية التحتية .
وأشار عبد الوهاب إلى أن " تحسن العلاقات بين مصر والسودان سوف يؤثر بلا شك على ملف سد النهضة، لأن الإطار التعاوني كان منقطعا في المرحلة السابقة لأسباب سياسية، بمعنى أن الخلافات لم تكن على جوانب فنية مثلما تحدث الكثيرون بل لأن المكون السياسي المحيط بالملف مسكوت عنه".
وأكد أن التعاون مع السودان سوف يساعد في توفير دفعة كبيرة في ملف سد النهضة خصوصا مع الأوضاع الراهنة في أثيوبيا.
وشاطره الرأي الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قائلا " بالطبع هناك مرحلة جديدة تتشكل في العلاقات المصرية السودانية على أسس واقعية جديدة".
واستدرك " لكن هذا لا يعني انتهاء الخلافات بين البلدين، إلا أنه أصبح هناك إرادة سياسية لحل الخلافات وأن تعلو القاهرة والخرطوم فوق مساحات التجاذب والتباين لبناء علاقات أكثر استقرارا تقوم على المصالح المشتركة".
وأشار إلى أن أطراف إقليمية تتدخل على خط العلاقات المصرية السودانية من أجل إحداث نوع من التوتر بين القاهرة والخرطوم وتصدير أزمة إلى مصر.
ورأى أن الإعلان عن التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والبري والجوى والبحري والبنية التحتية سوف يعزز العلاقات الثنائية اقتصاديا وسياسيا.
وأكد أن الإعلان عن هذه المشروعات المؤجلة من سنوات طويلة يعكس توافر رغبة حقيقية في تحسين العلاقات بين البلدين.